على الرغم من انفتاح مصادر المعلومات وسهولة الوصول إلى الموارد البشرية، ما زالت بعض وسائل الإعلام ووكالات الإعلان تصوّر المجتمع العربيّ بأفكار مغلوطة أو تقليدية. فتلجأ بعضها لتأطير الأسرة العربية وأفرادها بصور نمطية منفصلة عن واقع، بدأ بالتحوّل متأثراً بالعولمة أو التطوّر التكنولوجيّ بشكل أساسيّ.
نشرنا الجزء الأوّل من تقرير "الأسرة العربيّة الحديثة: واقع متبدّل"، الذي أصدره فريق التخطيط الاستراتيجي في شركة "ليو برنت" Leo Burnett الإعلانيّة، والذي يحاول رسم تطوّر ملامح المجتمع العربي بعيداً عن الصور النمطية في عالميْ الإعلام والإعلان. ننشر الجزء الثاني من التقرير المتعلق بالشباب والأطفال. تقول المشرفة على التقرير، سالي بلّوط، لرصيف22: "قد لا يقدم التقرير حقيقة كاملة عن واقع المجتمع العربي، لكنه من دون شك يطرح رؤى جديدة". وتلفت إلى أن الهدف الأساسي هو "نشر الوعي حول الواقع المتبدل بعيداً عن الصور النمطية التي ربما كانت صحيحة منذ 5 أو 10 أعوام، لكنها لم تعد صالحة اليوم".الإلمام بالتكنولوجيا
يخصّص التقرير محوراً لفهم تشكل وعي الأطفال وأنماط سلوكياتهم في المجتمع العربي. يتعرض الأطفال اليوم لفائض من المعلومات في مرحلة مبكرة جداً. قد يكون ذلك عبر الوسائل التقليدية، فهناك غنى وتنوع في قنوات الأطفال. وبحسب ليو برنت سجلت السعودية عام 2012 أكبر نسبة استخدام للفضائيات التلفزيونية في العالم العربي، بنسبة 97%، أو عبر وسائل التكنولوجيا المتاحة. ما يجعل الأطفال يكتسبون مهارات تقنيّة أسرع من آبائهم. ويشير التقرير إلى أن ابن الثلاثة أعوام، قد يستخدم جهاز "الآيباد" بشكل أفضل من والديه، لأن حشريته وحبه للمرح سيجعلانه يكتشف ميزات أو اختصارات Shortcuts في الجهاز أو التطبيق، قد لا يكون لوالديه وقت فراغ لاكتشافها. بل يمكن للطفل أن يعلم والديه مهارات لاستخدام التطبيقات والهواتف الذكيّة والأجهزة اللوحية. ودلالة على ذلك، يشير التقرير إلى أن 63% مِن مَن هم دون الثلاثة عشرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمكنهم الدخول إلى أجهزة مزودة بالإنترنت. وليس الانفتاح الهائل على التكنولوجيا بالأمر الحميد دائماً، فهناك تصاعد لخطر ما يعرف بالتنمير الإلكتروني أو الـCyberbullying على الأطفال والشباب العرب. يهدد التنمير الإلكتروني الشباب حول العالم، لكن التقرير يلفت إلى الميل للتقليل من أهمية الأمر في المنطقة، وهو يستدعي اهتماماً أكبر لمجموعة من الأسباب. فبحسب تقرير ليو برنت، في العالم العربي أعلى نسبة من فئة الشباب، مقارنة بمجمل عدد السكان، وأكثر من نصف سكان الخليج هم ما دون الخامسة والعشرين. من ناحية أخرى، يسجل العالم العربي أعلى نسبة لاستخدام الهواتف الذكية عالمياً: 84% من المراهقين السعوديين يملكون هواتف ذكية، و91% من مراهقي الإمارات، مقابل 79% في الولايات المتحدة. إذا أُخذت هذه الأرقام في الاعتبار، يتبين أن الأطفال والشباب العرب معرّضون لخطر المضايقات الإلكترونية. ويلفت التقرير في الوقت عينه، إلى أن المدارس والمؤسسات التعليمية ليست مؤهلة لمكافحة ذلك، بل إن المبادرات للاهتمام بالتلامذة الذين وقعوا ضحايا التنمير الكترونياً شبه منعدمة. وتشير دراسة أصدرتها إيبسوس، يذكرها التقرير، إلى أن في السعودية واحداً من أصل خمسة آباء، يعتقدون أن أولادهم تعرضوا للتنمير الإلكتروني، الذي تزيد نسبته في السعودية عن المملكة المتحدة (11%) والولايات المتحدة (15%) وفرنسا (5%). أما في الإمارات، فتعرض 20% من الطلّاب في عمر 14-18، للتنمير الإلكتروني، 13% منهم تعرضوا للتحرش الجنسي افتراضياً، و15% تعرضوا لانتحال هويتهم. وكذلك الأمر في مصر، فوقع 27% من الطلاب ضحية التحرش افتراضياً.صنع القرارات
من جهة أخرى، يبدو أن الأطفال ليسوا خاضعين لسلطة رب البيت، بل لهم صوت في القرارات المنزلية. يذكر التقرير أن الأطفال يعرفون ما يريدون بالضبط، فيرغبون في التأثير في قرارات والديهم، بل إن 58% من الآباء العرب، يقولون إنهم يشركون أطفالهم في قرارات منزلية صغرى.تحديات الشباب
أما الشباب العرب، فمتعطّشون للتأثير في القرارات على نطاق أوسع. في العالم العربي نحو 200 مليون شاب وشابة. تسعى شريحة واسعة منهم للمطالبة بالتغيير لتحسين أوضاعهم. ويشير التقرير إلى أن 63% من الشباب الخليجيين يريدون صلاحية الوصول لصنع القرار، لذلك ينخرطون في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية. أما في سوق العمل، فيفضل 41% من الشباب العرب، العمل بشكل حر أو تأسيس عمل أو مشروع خاص به، بعيداً من سلطة أرباب العمل. تبلغ نسبة البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 25%، ولملء هذه الهوة، هناك تحدّ ملقى على العالم العربي، لخلق 75 مليون فرصة عمل. أي أن امتصاص طاقة الشباب والنمو السكاني المتسارع، الذي تنتج عنه قوى عاملة شبابية، يتطلب 40% من فرص العمل الجديدة الإضافية مقارنة بما هو متوفر حالياً. في ختام التقرير، تقول بلّوط: "على كل من يعمل في مجال الإعلام والإعلان التعمق في فهم شرائح الجمهور، لفهم الأدوار والتوزع الديمغرافي والسلوكيات اليومية، من أجل التواصل مع كل منها بفعالية".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون