شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"الفيشاوي": أكثر من 100 عام و4 ثورات في رواية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 1 أبريل 201607:22 م
تختصر "غادة العبسي" في روايتها الأولى "الفيشاوي" أحداث أكثر من مئة عام من تاريخ مصر منذ الاحتلال الإنكليزي حتى الوقت الحاضر، من خلال تتبُّع عدة أجيال لعائلة مصرية تنتمي إلى قرية "فيشا الصغرى". عبر منمنمات سردية قصيرة، تتوزع على تسعة فصول يحمل كل منها اسم مكان ما تجري فيه أحداث الفصل. وبإعطاء زمام الحكي لشخصية مختلفة من الشخصيات في كل مرة، تتناول الكاتبة سيرة تلك الأسرة المصرية الفقيرة، التي تسكن في قرية "فيشا"، ومن هنا جاءت النسبة: "الفيشاوي" التي تعطي الرواية عنوانها. لا يمكن تحديد من هو المقصود تماماً بالاسم، إذ إن البطولة في الرواية تتوزع بين أكثر من شخص، ولكن الخط الأساسي لها يبدأ مع "علي"، الذي يعيش طفولته في القرية، ويكتشف صوته الجميل الذي كان يردد به الأغاني أمام الجميع في ظل اعتراض أبيه ومعاقبته له، وحين يكبر يزوّجه أبوه "ودودة" لكن الموت يختطفها بعد أن تنجب له طفلاً وطفلة، فيقرر الرحيل عن "فيشا"، مع ولديه اليتيمين، "أترحل يا علي وتتركنا؟ قال رجب. "الموت قاطع طريق يا رجب". كفى حديثاً عن الموت والموتى يا علي. (...) الموت واحد في كل مكان يا رجب. ولكن الموت هنا في فيشا يتجاسر كثيراً على الضعفاء، يلتهمهم التهاماً ويسرق حيواتهم، يأخذ منهم عنوةً أقل القليل. لن أستسلم هنا حتى يختطف الموت أولادي، لن يرحمهما صغاراً، لن يشفق على يتمهما". هكذا يغادر "علي" القرية إلى "بولاق أبو العلا" حيث منزل خالته، فيقيم هناك ويلتقي "غريب هوى" الذي سيصبح صديقه المقرّب ويشاركه الهتاف ضمن المظاهرات التي تعمّ مصر بعد اعتقال "سعد باشا زغلول"، كما يلتقي "نبيّات" المرأة القوية التي لها حكاية قاسية، فيعجب بها ويتزوجها لتنجب له أبناءً آخرين. تصوّر الرواية ظروف الفقر الذي عاشه المصريون أثناء فترة الاحتلال الإنجليزي، وكيف اضطر بعضهم للعمل لديهم، كما تصوّر الأجواء الاجتماعية والسياسية في تلك الفترة، والثورة التي قادها "سعد زغلول" سعياً للحصول على الاستقلال وما تلاها من أحداث. الجيل الثاني من العائلة المتمثّل في أولاد "علي" يبدأ دوره في الظهور في الرواية فعلياً بعد ولادة "طه" المولع بالرسم، والذي ينقل تفاصيل العيش في تلك الحقبة الزمنية بسرده الشقي، لكن الأمور ستتبدل بعد أن يكبر وينتسب إلى الكلية الحربية، فيشارك في الحرب ضد إسرائيل ويصاب فيها، وتترك تلك الحرب ندوباً غائرة في روحه لا يمحوها شيء. تسلّم "العبسي" دفة الحكي في روايتها لأكثر من شخصية حتى لو كانت ثانوية، وفي بعض الأحيان تسلمها لكائنات أخرى مثل "الحمام"، بل وحتى أنها تؤنسن الأشياء وتمنحها صوتاً فنقرأ مقاطع مروية على لسان "مدحلة" مثلاً، أو على لسان "جرافيتي موجود على جدار"، أو على لسان "طريق" ينقل حركات المارين فوقه، وتكون هذه الفصول متممةً للسرد إذ تتابع أجزاء من الحكاية، "يحسبون الطرقات خرساء، يحسبونها لا تحكي، ربّ سُبُلٍ فاضت بأحاديث لم يروها بشر. وكم من بوحٍ أريق على قارعة الطريق. الأرض ترعاك أيها الإنسان، الأم السمراء تستمع إلى وجودك. (...) يحتك حذاء الشاب النحيل بحذاء ورديّ مرة أسبوعياً بالقرب من مشتل يطل على ترعة الإسماعيلية، ذاك حذاء لبنى حبيبة طه، إذ يبثها لواعج الهوى، ويبوح لها بأفراحه وأتراحه". كما تصدّر الكاتبة كل فصل من الفصول بجزء من حكاية فرعونية قديمة هي حكاية "شكاوى الفلاح الفصيح" والتي تنتهي مع انتهاء الرواية، كما تضع في مقدمة كل فصل أغنية فولكلورية من التراث المصري، تتقاطع بشكل رمزي مع أحداث هذا الفصل. مع الجيل الثالث في الرواية تكون الكاتبة قد مرّت بأحداث مئة عام من تاريخ مصر بناسها وساستها ووقائعها، وأرّخت لأربع ثورات مصرية: الأولى ثورة 1919، والثانية ثورة 1952، والثالثة ثورة 25 يناير ضد حكم مبارك، وأخيراً ثورة 30 يونيو ضد حكم مرسي، إذ يشارك الجيل الثالث في الرواية ممثلاً بأولاد "طه" في الثورتين الأخيرتين إذ ينقلون بعض أحداثها ضمن الفصل الأخير المسمى على اسم "ميدان التحرير". هكذا، إذاً، من خلال قصة عائلة بأجيالها حكت الرواية حكاية بلاد اسمها مصر، تزهر فيها أحلام الشمس التي يجب ألا يضيّعها أحد. "أكتشف أن قصة حياتي هي ذاتها قصة بلادي، مهما حاولوا تشويهنا أو إقصاءنا. أحمل أبي الذي مهّد ورصف تلك الشوارع بوابور الزلط، صنع طريق الثورة، مضى يهتف ضد الإنجليز، وأحمل أماً عانت الفقر والحرمان ثم ماتت في بطن سفينة غارقة. لي جدٌّ وجدة زرعا هذه الأرض، ولي أولادٌ وقفوا في وجه الطغاة يصنعون مستقبل الوطن”. غادة العبسي طبيبة وكاتبة مصرية. صدرت لها مجموعتان قصصيتان: "حشيشة الملاك"، و"أولاد الحور". فازت قصتها "مانوليا" بجائزة نازك الملائكة للإبداع النسوي في مجال القصة 2014، وقصتها "وحياة قلبي وأتراحه" بجائزة إحسان عبد القدوس للقصة القصيرة 2014. و"الفيشاوي" هي روايتها الأولى.   الناشر: دار الساقي/ بيروت عدد الصفحات: 256 الطبعة الأولى: 2016 يمكن شراء الرواية على موقع نيل وفرات وموقع متجر جملون  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image