كانت بداية القرن الجديد، بداية عصر مختلف للكثير من الدول العربية، فما أن أتيح للإنسان العربي الدخول المريح إلى العالم الافتراضي، حتى برزت قدرته الهائلة على الاقتباس الفني والثقافي من الغرب. وبشكل أو بآخر، غيرت التفاصيل الجديدة التي أضافها جيل من الشباب العرب، الصورة النمطية للمجتمعات العربية، فاستوردت العديد من الفنون ووسائل التعبير عن النفس، التي لم يسمع بها العرب قبل ذلك.
لكن تفشي ظاهرة جديدة في معظم المجتمعات العربية، يقود شريحة كبيرة من المراهقين إلى الجنون، فيصبح حلم الجميع تعلم العزف على آلة غربية، أو ممارسة فن ما، وإن لم يملكوا الموهبة، المهم اللحاق بركب "الموضة". وهذا ما يجعل الوجه الحسن للاقتباس العربي من الغرب خجولاً، مقابل الاستنساخ الرديء الفاشل، والمنتشر بين الناس، بعد أن بدأ الجميع بمحاولة ممارسته. في الأعوام الخمسة الأخيرة، تفاقم عدد الموضات بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مساحات مفتوحة للتعبير. إليكم بعض الموضات الفنية والتعبيرية، التي مرت بالشباب العرب منذ بدايات الألفية الثالثة حتى اليوم.
ميتالجي وعازف غيتار
إذا كنتم من جيل بداية الثمانينيات، وبداية التسعينيات، فلا بد أن يكون لديكم صديقان أو ثلاثة كانوا يذهبون إلى دروس عزف الغيتار معاً بين عامي 2003-2008. بالطبع لا نتكلم هنا عن عازفي الغيتار المحترفين، الذين درسوا الموسيقى بهدف الموسيقى وعملوا لأجلها، بلعن جيل كامل من الشباب حاول في مرحلة ما، بسبب الموضة الرائجة، أن يتعلم العزف على آلة، لأنها Cool، وتجذب الجنس الآخر. وكنا نرى في شوارع بلدان عربية كثيرة شباباً يحملون آلاتهم على أكتافهم ويجولون فيها ليراهم الجميع. منذ عام 2004 حتى عام 2010 تقريباً، كان لموسيقى الـRock والـMetal وقع مدوٍ بين الشباب العرب، وكان تأثيرها كبيراً على الشكل والتصرفات، بما توحيه تلك الموسيقى. الشاب الذي جمع في ذلك الوقت شكل "الميتالجي"، أي الذي يحب موسيقى الـMetal، وعزف الـElectric Guitar هو الشاب المتربع على عرش الموضة.رابر
ظهر الراب العربي في أواخر تسعينيات القرن الماضي في المغرب، وهو مقتبس من فن الـHip hop الأميركي. وقد أعجب الكثير من الشباب العرب بهذه الطريقة من الأداء الموسيقي للتعبير عن قضايا مجتمعية أو حتى سياسية معينة، على نحو يكسر النمطية، ويتسم بالجرأة. مهد ذلك طريقه للانتشار الكبير بين الشباب الفلسطيني أصحاب القضية الأكبر، فبرزت فرقة الراب الفلسطينية الأولى "دام"، وتأثر بها الشباب في فلسطين. وبرزت أسماء أخرى كالفرعي وفرقة ترابية، وامتد هذا الفن إلى لبنان وسوريا والأردن وغيرها. المشكلة في الاعتقاد السائد أن فن الراب سهل الأداء، ما يجعل الكثيرون يحاولون تأديته. بين عامي 2005 و2016، أصبح من الصعب إيجاد محتوى عربي جيد من الراب، بعد انتشار آلاف النسخ الرديئة.Stand up Comedy
ظهر فن الـstand-up Comedy في بريطانيا، ثم انتشر في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية القرن العشرين. وهو تعليق ارتجالي ساخر يقدمه الفنان بشكل مباشر مع جمهوره، ويقوم على انتقاد لاذع وجريء لقضية ما. يصل هذا الفن من خلال النكات إلى الناس، والاقتباس العربي الأنجح لهذه الحالة الفنية، كان في مصر بعد أن كرس باسم يوسف حياته له، ما يجعل الكثير من النقاد يعتقدون أن مصر هي من قدمت هذا الفن للعالم العربي. لكن قبل ظهور يوسف، كان هذا الفن معروفاً في لبنان، وبعض الدول العربية الأخرى. بعد عصر وسائل التواصل الاجتماعي، برز فن جديد من الستاند اب كوميدي، هو فن التدوين الساخر بالفيديو. وبرع بعض فناني الأردن في هذا الشكل الذي يرتكز على التعليق على القضايا، من خلال فيديوهات تنشر على موقع YouTube، يخاطب فيها الفنان جمهوره ويقوم بما يفعله الممثل على المسرح لكن من خلال الفيديو. في نهاية عام 2014 وعام 2015، تظهر يومياً على شبكات وسائل التواصل الاجتماعي آلاف الفيديوهات الجديدة لشباب يحاولون تقديم هذا الفن.DJs بالكيلو
منذ أن تعرف العرب إلى المزج الموسيقي في بداية تسعينيات القرن الماضي، برزت أسماء عدة ذات مستوى عالٍ، وعالمي أحياناً في هذا المجال. من جهة أخرى، كان الاستيراد الهائل لهذا النوع من التقديم الموسيقي المختلف، فسحة للكثير من المجتمعات العربية الصغيرة والمحافظة، للانفتاح على موسيقى أخرى غير تلك التي يعرفونها. حينها، استثمر الكثير من العاطلين عن العمل بعض المال، لشراء أجهزة صوت وLaptop، معتقدين أن الأمر كله يمكن إنجازه بهاتين الخطوتين، وبدأوا مشاريع صغيرة لها علاقة باستبدال الفرقة الموسيقية التقليدية في الحفلات والأعراس، بما يعرف بالـDJ.x Photography
أو "فلان Photography". مع التطور التكنولوجي الكبير الذي باغت العالم، أصبح التقاط أكثر الصور احترافية بكاميرا الموبايل متاحاً، من دون الحاجة إلى العمل عدة أيام على الصورة. بالإضافة إلى إمكانية تعديلها بلمسة على الشاشة، ويمكن القول إن الجميع انبهر في لحظة ما، بمدى احترافية التقاط الصورة، لكن لم يصل الأمر إلى اتخاذ التصوير مهنة بسبب لقطة تكفلت بها التكنولوجيا كلياً. الكثير من الشباب العرب ذهب بهم الأمر إلى أبعد من ذلك. فتركوا جامعاتهم للعمل في هذا المجال، معتقدين أنهم فنانون في التصوير، وأنشأوا صفحات على Facebook تحمل أسماءهم متبوعة بـكلمة Photography. وكالحالات السابقة جميعها، ظهر الكثير من المصورين الفنانين المحترفين، وأيضاً من اللقطات التي لا تعني شيئاً، والمعدلة بواسطة Instagram.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...