حدثان بارزان في عالم الفن الباريسي يأخذان بعداً عربياً هذا العام. معهد العالم العربي في باريس يجلب مراسم الحج إلى فرنسا، في معرض يضمّ أكثر من 230 قطعة تعكس تطور خامس أركان الديانة الإسلامية. متحف اللوفر الباريسي، من جهته،استعار ما يقارب 150 قطعة من مقتنيات متحف اللوفر في أبو ظبي، لعرضها تحت عنوان “نشأة متحف”. الحدثان افتتحهما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، مؤكداً على أهمية تمتين فرنسا لعلاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي.
معرض «الحج إلى مكـّة» الذي افتتح في معهد العالم العربي في باريس في 23 أبريل ويستمر 4 أشهر، يعتمد على وثائق مكتبة الملك عبد العزيز في السعودية وعلى مجموعة ناصر خليلي الأثرية، مع إضافة لبعض الوثائق الفرنسية المتعلقة بسفر المسلمين من الأراضي الموجودة تحت الحكم الفرنسي (القنصل الفرنسي في جدة، مصر بعد حملة نابوليون، الجزائر بعد نفي الأمير عبد القادر، وسوريا أثناء الانتداب).
يتضمن المعرض مخطوطات، صوراً فوتوغرافية، لوحات ومجسمات سبق أن حطت في المتحف البريطاني عام 2012 حيث لاقت إقبالاً كبيراً. تتخذ بنية المعرض منهجين متوازيين، إذ تتوالى الوثائق المعروضة وفق ترتيب يعرِّف بواجب الحج وطرق السفر للوصول إلى مكـّة والمدينة ثم يليها وصف للأماكن المقدسة ولمناسك الحج.
يأخذ المحمَل المصري صدر الغرفة الأولى، ويليه عدد من ستائر باب الكعبة وأبواب مساجد مكة والمدينة، بينما تكتظ في نوافذ المعرض الرسومات القديمة التي رسمها المسافرون الأوروبيون، نذكر منهم علي بيه العباسي (وهو إسباني الأصل) والهنود والصينيون. تعرض النوافذ كذلك بعض المصاحف المخطوطة في بقاع إسلامية مختلفة، كتباً تصف المناسك (منها نسخة خاصة بأحد سلاطين المماليك)، وكتب أدعية مرفقة ببعض الأحجبة والطلاسم.
يشمل المعرض أيضاً أعمال فنانين حديثين اهتموا بالحج، واتخذوا من مكة مصدراً لإلهامهم في الرسم والنحت، ما يعكس استمرار تأثير الحج على الحياة الفنية في العالم الإسلامي اليوم.
قد يستغرب الزائر الظلمة المخيّمة على المعرض، بيد أنها من لوازم شروط العرض الحديثة، للحفاظ على سلامة الوثائق الورقية وعلى سلامة الأقمشة القديمة التي لا تتحمل كثرة الأشعة الضوئية. الجدير بالذكر هو أن عدد الزوار الأجانب حتى الآن يفوق عدد الزوار العرب والمسلمين، ولعل ذلك يدل على نجاح المعرض وعلى وصوله إلى هدفه الأول، ألا وهو التعريف بالحج.
على بعد بضع دقائق من معهد العالم العربي في باريس، وجدت 150 قطعة من المجموعة الخاصة بمتحف اللوفر في أبوظبي طريقها إلى متحف اللوفر الباريسي. يتفاجأ الزائر بادىء الأمر بالانتقال من حضارة إلى حضارة ومن منطقة إلى منطقة، لكنه سرعان ما يعتاد الأمر ويكتفي بالاستسلام أمام جمال القطع وإتقان صنعها، فيمر بسلاسة من قطعة حجرية خليجية نُحِـتَت في العصر النحاسي، إلى جرة خزفية إغريقية من القرن السادس قبل الميلاد، ومنها إلى تمثال رخام لرأس أغسطس، الإمبراطور الروماني. يمر الزائر كذلك بمصاحف عربية مخطوطة في القرن الخامس الهجري، وبنسخة من التوراة بالعبرية، مخطوطة في اليمن إبان القرن التاسع عشر السلوقي (أي الخامس عشر الميلادي). كما يرى بعض الرسومات الزيتية العثمانية من القرن التاسع عشر، نذكر منها لوحة ممتازة للفنان العالمي عثمان حمدي بيه.
يجدر الذكر أن متحف اللوفر في أبوظبي سيعرض، بعد افتتاحه العام القادم، تحف مجموعته الخاصة مع مجموعات متغيرة من القطع التي يحفظها في عدد من أفضل المتاحف الفرنسية. ساهم فريق من مسؤولي المتاحف الفرنسية، بالتعاون مع فريق عربي ودولي، في انتقاء القطع التي اقتنتها السلطات الإماراتية لتكوين متحف أبوظبي لرغبة تقديم صورة كاملة عن فنون الحضارات العالمية.
لا شك أن التعاون الإماراتي- الفرنسي الذي شرع منذ مراحل التصميم الأولى ويستمر أثناء إنشاء المباني وشراء التحف، هو السبب الذي دفع فرانسوا هولاند إلى افتتاح المعرض، والإعلان عن أهمية المشروع وإبراز دوره الرمزي بين مشاريع التعاون العربية - الفرنسية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع