رصدت الشرطة الفلسطينية زيادة في الإقبال على تعاطي المخدرات الكيماوية في السنوات الثلاث الأخيرة بين الشباب خصوصاً، والتي يجري تهريبها إلى أراضي السلطة الفلسطينية عبر الحدود "الوهمية" مع القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. وأفادت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في الشرطة أن "70% من المواد المخدرة المضبوطة، التي بدأت بالتسرب إلى أراضي السلطة مع نهاية عام 2012 هي للمخدرات الكيماوية".
يعرّف مدير مركز المقدسي للتوعية والإرشاد وخبير علاج الإدمان عصام جويحان هذا النوع بأنها "المخدرات القانونية أو مخدرات الأكشاك أو أشباه القنب الاصطناعية، وهي توليفة من المواد الكيماوية بمعدلات معينة، يتم خلطها في المختبرات مع بعض النباتات، التي لا علاقة لها بالمخدرات مثل الجعدة، وقرن الغزال، وغيرهما". وأشار إلى أنها "مكتوب عليها باللغة العبرية أنها ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ 100% لأن تركيباتها الكيماوية ليست بعد ضمن الجداول الدولية لتصنيفات المواد التي من الممكن أن تدخل في تركيب المواد المخدرة التي يمنع تداولها". مضيفاً: "لذلك يمكن إيجادها على رفوف المحال وفي الأكشاك والدكاكين وأقسام التدخين، أو في المقاهي التقليدية ومقاهي الإنترنت، ولأن سعرها رخيص يرتفع الإقبال عليها".
وكلما تمّ إدراج تركيبة مادة جديدة على قائمة المواد الممنوعة، برع تجار المخدرات بالتلاعب بالتركيبة وفق معادلات ونسب كيماوية لينتج عنها مادة مخدرة جديدة، تعطي تأثيرات المواد التي أصبحت تمنع وتحارب من خلال القوانين المحلية.
ويوضح جويهان أنه "على الرغم من أن بعض عبوات هذه المخدرات مكتوب عليها أن قوة تأثيرها أكثر بـ10 مرات من المخدرات التقليدية، أكدت بعض الدراسات أن فعاليتها أعلى بـ40 ضعفاً من المخدرات التقليدية، وقد يؤدي تعاطيها للإﺻﺎﺑﺔ ﺑﺄﻣﺮﺍﺽ عضوية أوﻋﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ نفسية قد تصل حد الموت".
للاستماع إلى مقابلة عصام جويحان:
طرق التهريب
يقول نائب مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات المقدم عبد الله عليوي: "رغم بيع تلك المخدرات داخل إسرائيل وفي المناطق العربية التي تسيطر عليها أمنياً بشكل علني، فإنها ممنوعة في مناطق السلطة الفلسطينية".
وأكد أنه "نظراً لكون مصدر هذه المخدرات ومراكز ترويجها داخل إسرائيل، فإن هناك إسرائيليين أو عرباً يحملون هوية إسرائيلية، ينسّقون مع بعض الجنود أو موظفي الجمارك الإسرائيلية على بعض معابر الضفة، بحكم تحكمها بتلك المعابر والحواجز، لغض الطرف عنهم، انطلاقاً من أن العصابات تستهدف الناس العاملين في هذا المجال، علماً أننا نواجه مشكلة في التنسيق مع الطرف الآخر حول هذا الأمر".
وأوضح مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد ابراهيم أبو عين أن "بعض العصابات تدخل تلك المخدرات إلى أراضي السلطة عبر الحدود الوهمية من خلال سيارات تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية صفراء، لمسافة 100 أو 200 متر على الطرق الالتفافية أو أطراف المدن أو وبالقرب من الجدار، حيث يتم التلاقي والتسليم للمروجين والموزعين في الضفة الغربية أو للمتعاطين بشكل مباشر".
عصابات شبه منظمة
أ.م (42 سنة)، هو أحد كبار تجار المخدرات السابقين من منطقة العيزرية، قال لرصيف22: "في الضفة الغربية عصابات متعاونة في ما بينها كما في إسرائيل، ولكل عصابة مناطقها، علماً أن العصابات في المناطق الفلسطينية المصنفة C مسلحة، ولكن العصابات في إسرائيل منظمة وكبيرة وذات قدرات أوسع".
بعد أن أدمن مختلف أنواع المخدرات، يحكي (أ.م) أنه بدأ التجارة على مستوى صغير، ثم تطور عمله حتى عرف المصادر المباشرة، ومعظمها في اللدّ أو القدس أو بئر السبع ومناطق H2في الخليل. ويقول: "بدأت أوزّع على مروجين داخل إسرائيل وداخل أراضي الضفة الغربية، بعد أن عرفت الفرق بين أصناف المخدرات، وأيها يؤدي خلطه لربح أكبر".
وأورد (أ.م) بعض طرق خلط المخدرات التقليدية الهادفة لزيادة نسبة الأرباح، وقال: "فروق أسعار المخدرات تعتمد أساساً على جودتها، فهي كما الفروق في سعر اللحوم المجمدة والطازجة، أضف لذلك أن الشراء من المصدر يساهم في الحصول على سعر أقل، إذ تضمن بذلك أن النوعية نقية وخالصة وغير مخلوطة، وحين تخلطها بنفسك فإنك بذلك تضاعف الربح. أذكر أنني حين اشتريت نصف كيلوغرام هيروين من المصدر، دفعت ثمنه 30 ألف دولار، وقد قمت بخلطه كي أزيد الكمية، لان الربح يتأتى من عملية الخلط، خاصة إن كان الشراء من أرضه، وأيضاً إذا كان البيع مباشرة لمتعاطين وليس للتجار، وهذا ما كنت أفعله، فبدلاً من أن أبيع الكمية بأسبوع لتجار، أبيعها على راحتي بـ15 يوماً لمتعاطين فيتضاعف الربح".
مقالات أخرى
كل هذا الموت في فلسطين قد لا يؤدي إلى نتائج إيجابية
الاستزراع السمكي" في غزة، بديل عن مضايقات إسرائيل البحرية"
وتحدث عن عروض إسرائيلية تلقاها داخل السجن للتعاون معهم، يقول: "في كل مرة كنت أسجن كان المحققون يعرضون عليّ أن أعمل لصالحهم، من خلال تزويدهم بمعلومات عمن يلقون الحجارة، أو من يمتلكون الأسلحة في القدس، مقابل أن يصبح لي كامل الحرية في مجال بيع المخدرات للعرب في المناطق العربية، وحين رفضت ذلك سحبت هويتي، ومنعت من دخول القدس، فانتقلت للعيش في منطقة العيزرية".
تضارب الإحصاءات
قدّرت الجهات الرسمية عدد المدمنين في الأراضي الفلسطينية عام 2013 بنحو 50 ألفاً، لكن المؤسسات الأهلية المعنية قدرته بـ80 ألفاً. وقد أرجع عليوي أسباب التباين لـ"عدم وجود وحدة قياس للتعاطي تعتمده المؤسسات الرسمية والأهلية".
ورأى العميد أبو عين أن "اختلاف الأعداد يرجع لعوامل جغرافية، فالإحصاء الدقيق يجب أن يشمل كل أراضي الـ67 والقدس. لكن الخارطة الجغرافية والسياسية لا تسمح بعملية كهذه". وقال إنه في "جميع الأحوال هناك ازدياد في عدد المدمنين في الضفة الغربية، وقد يكون هذا طبيعياً في ظل وجود النمو السكاني".
وأشار جويحان إلى أن "أكثر الفئات العمرية للمدمنين تراوح بين 24 و36 سنة، ويمثلون نحو 40% من عدد المدمنين، أما المتعاطون فتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاماً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون