"هذه ليست فعالية خاصة بالنساء بل هي فعالية التعددية والتنوّع"، هكذا أرادت صوفي لو راي، الرئيسة التنفيذية لمجموعة "نازبا" Naseba group أن تُعرّف عن المنتدى الاقتصادي للقيادات النسائية.
المنتدى الذي نظّمته لو راي، في دورته الـ17 في العاصمة الإماراتية أبوظبي في 2 و3 الشهر الجاري، خصّص للبحث في وضع المرأة في عالم الأعمال، خصوصاً أن التقرير العالمي للقيادات النسائية العالمية لعام 2015 أكد أنه على الرغم من أن المرأة تُشكّل 40% من القوة العاملة في العالم، فإن نسبة تمثيلها في مجالس الإدارة والمناصب القيادية العليا لا تتجاوز 11%.
وشدّدت لو راي على أن "هذه الفعالية التي انطلقت عام 2009، وتجول العديد من الدول كالسعودية والإمارات وماليزيا والهند وغيرها، ولِدت لتكون منصة للنساء للتشبيك والتعارف مع اللاعبين الآخرين في المجتمع". وقالت: "ما بدأ مؤتمراً خاصاً بالنساء تحوّل مع السنوات ليُصبح "دبليو أي أل" WIL Economic Forum يبحث عن مختلف الأوجه الاقتصادية، التي تعتمد على التعددية والتنوّع، وعن سبل تحفيز التغيير، لا سيما في هذه المنطقة التي بدأت تتحوّل من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوّع يُشرك النساء والرجال على السواء".
كما رأت لو راي أن "أبرز ما لاحظته من مختلف الفعاليات التي نظّمتها عبر السنوات، هو تراجع في تذمّر النساء وشكاويهن، وزيادة مشاركة الرجل، الذي بدأ يُدرك أهمية التشارك مع النساء، فقد شكّل الرجال نحو 40% من الحضور في اليوم الأول".
مشاركة الرجل في الفعاليات مهمة، ولكن الأهم مشاركته في تغيير الصور النمطية لدور المرأة في المجتمع والقطاعات الاقتصادية والمساهمة في تمكينها. وتؤكد لو راي أن أهمّ قرار اتّخذته في مسيرتها المهنية كان "اختيار زوجي لأنه شريكي وداعمي الأكبر، ولم أكن لأستطيع بناء مسيرتي المهنية لو لم يوفّر لي الحرية والتوازن، وكأننا في شراكة كلّ منّا يلعب دوره. فمن المستحيل أن تتقدمي في العمل إذا لم تحصلي على دعم زوجك".
دعم الأهل كذلك، وتحديداً الوالد، الذي وجدت رانيا حبيبي أندرسون، مؤسسة مبادرة The Way Women Work أنّه القاسم المشترك بين كل النساء اللواتي قابلتهنّ لكتابها UNDETERRED: The Six Success Habits of Women in Emerging Economies من أي بلد كنّ. وقالت: "دعم الوالد منذ الطفولة مهم، فالأمر يبدأ منذ طفولتنا ويستمر حتى نصل إلى مسيرتنا المهنية، إذ يصبح دعم العرّاب Sponsor في مجال العمل في غاية الأهمية، لأنه يفتح الأبواب لك ويجعل الفرص تحقّق". وترى أندرسون أن "أحد أسهل وأفضل الأمور التي يمكن للرجل القيام بها هو أفعال صغيرة، كأن يرفض أن يسمع رجلاً يتكلّم بطريقة منحازة عن المرأة، أو يعترض على عدم توظّيف امرأة بحجة أنها ستغادر قريباً وتنجب طفلاً، أو أن يرفض متابعة دراسة الترقيات إذا لاحظ عدم وجود موظفات على اللائحة".
طريقة تفكيرنا وعاداتنا وثقافتنا هي أكثر ما يُزعج طارق رباح، نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة AstraZenca، الذي يعتبر نفسه محظوظاً بأن يكون محاطاً بالنساء في منزله كونه أباً لثلاث بنات. ويقول: "لا بد أن نضع حداً للانحرافات الثقافية، فكثيرون، ومنهم والدتي، يقولون حين يرون إحدى بناتي: مشالله عروس، وكأن مهمة المرأة تكمن في الزواج والإنجاب فقط". ويضيف: "لا بد أن أوفّر لبناتي في المنزل بيئة تعزّز الثقة بأنفسهنّ وبحس المسؤولية لينجحن في حياتهنّ لاحقاً".
وتساءل خالد الخضير، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "غلوورك" Glowork للتوظيف النسائي في السعودية: "لماذا نريد أن ترتاد الفتيات الجامعات، إذا كنا لا نريد توظيفهن والاستفادة من قدراتهن وعلمهن؟ في المنطقة، تفوق نسبة النساء المتعلّمات نسبة الرجال، لكن 27% منهن يشاركن في القوة العاملة في الخليج". وأضاف: "ليس بالضرورة أن تعمل المرأة دواماً كاملاً، يمكنها أن تكون موظفة مستقلة أو بدوام جزئي، لأنها تشكّل موهبة أساسية تفيد الاقتصاد، بالإضافة إلى أنها المسؤولة عن تربية الأجيال المقبلة".
ساعد الخضير في تمكين المرأة السعودية من خلال مراكز الاتصالات التي استحدثها في المناطق النائية لتوظيف النساء هناك، بدل اللجوء إلى مصادر خارج البلاد. ويقول: "لاقت هذه المبادرة إقبالاً كبيراً، لأننا وظّفنا نساء للعمل من منازلهنّ، وخلقنا فرص عمل في مناطق يعاني أهلها من البطالة. واكتشفنا أن هؤلاء النساء أكثر إنتاجية بعد أن قدّمنا لهنّ التدريب اللازم، لتحقيق التوازن بين العائلة والعمل. لدي 25 امرأة يعملن من المنزل، وهنّ أكثر إنتاجية من العاملات في المكتب".وشدّد زايد مالح، نائب عميد "جامعة سينرجي" Synergy University على أننا "لا نستطيع محاربة ثقافاتنا بل نحاول تعديلها، وتقديم كل الدعم والإمكانات التي في حوزتنا لتمكين المرأة". واعتبر أنه "يعود لكل رجل، بحسب منصبه، أن يساهم في هذا التغيير". فهو ملتزم جداً بتعليم المرأة ويحرص على انتقاء نساء ذوات كفاءة للمشاركة في الدراسات العليا التي تقدّمها الجامعة، إذ لا بدّ للرجال الذين يتولون مناصب قيادية في الشركات أن يقودوا حملة تمكين المرأة بفضل توفير بيئة مناسبة تجمع بين قدراتها ومهاراتها المهنية وحياتها الزوجية.
علماً أن معظم الرجال الذين التقيناهم اعتبروا أنّه من المهم توفير ساعات عمل مرنة وإجازات أمومة طويلة، والبحث في إجازات أبوّة، ليكون الأب شريكاً وسنداً في العائلة. إضافة إلى خطوات أخرى تجعل الشركات جذابة للمرأة، وتحثّها على تطوير مسيرتها المهنية من دون أن تضطر للاختيار.
وتقول أندرسون: "مفتاح النجاح هو مشاركة وتحوّل كل اللاعبين: المؤسسات والشركات التي يجب ألا تنظر للمرأة على أنها المشكلة بل جزء من الحل، والرجال ليكونوا أكثر التزاماً في مساندة المرأة، والمرأة لتثق بنفسها وتؤمن أنّها قادرة على تولّي كل المناصب".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...