في مهرجان لبنان لقيادة دراجات الهارلي، الذي يستمر على مدى ثلاثة أيام يقطع خلالها الدرّاجون أكثر من 650 كيلومتراً، تأتي نساء من مختلف الدول العربية للمشاركة إلى جانب رجال ونساء لبنانيين.
يتميز نادي هواة دراجات الهارلي في لبنان Hog Lebanon Chapter بأنه يضم نحو ثلاثين امرأة يملكن ويقدن دراجات خاصة. وعام 2009، تأسس فرع خاص لهن Ladies of Harley. هذا فيما يصل عدد النساء اللواتي يشاركن في التجوالات إلى أكثر من مئة.نساء يتحدّين التقاليد
وقالت غريس الخوري، 33 سنة، وتعمل مديرة للتسويق والمبيعات في فندق هيلتون، لرصيف22 إن أهلها لم يعارضوا رغبتها في قيادة الدراجات برغم تحفظاتهم بسبب خوفهم الشديد، وأضافت: "تعرفت على نساء الهارلي منذ أربع سنوات واشتريت الدراجة قبل سنتين بعد أن اكتشفت جمال عائلة الهارلي والقيم والمبادئ والعلاقات الإنسانية التي تربط أعضاءها وتربط الجماعة بالآخرين أيضاً"، مبديةً رغبتها في الذهاب إلى عملها بواسطة الدراجة "لكن ثياب العمل الخاصة لا تسمح لي بذلك".
وروت نعمت هارون، 49 سنة، وهي موظفة في السفارة الكويتية في لبنان ومتزوجة وأم لفتاتين، كيف أحبّت الدراجات وهي في سن الرابعة لأن والدها كان دراجاً في قوى الأمن الداخلي. وقالت إن والدتها نصحتها بشراء دراجة نارية لتجنب زحمة السير في بيروت، أما جيرانها فاستغربوا الأمر "لكن مع الوقت تقبلوه ودعموني وأعتقد بأن المرأة عليها أن تكسر التابو بنفسها".
وتابعت أن زوجها وأولادها شجعوها "وابنتي الكبيرة اخترتني نموذجاً لمشروعها الجامعي باعتباري إمراة متميزة في نظرها"، مضيفةً: "أشعر بأنني في بيئة أمنة ومحترمة بين رجال جماعة الهارلي".
ليست هواية ذكورية
تأسست شركة هارلي ديفيدسون كشركة عائلية ضمت كل من ويليام هارلي وآرثر ديفيدسون عام 1903، وأهم مميزاتها تصميم محرك يمتاز بصوته المختلف. وعام 1983، أسست الشركة نادياً عالمياً لهواة قيادة دراجاتها Harley Owners Group، وأعضاؤه يتقيدون بقوانين هارلي العالمية وبمعايير السلامة ولياقة القيادة.
وفي العالم العربي، تعتبر هذه الهواية ذكورية مع استثناءات قليلة. ففي مصر، خمس نساء فقط يقدن دراجة هارلي.
وقالت نتاليا جحا، 32 سنة، وهي أستاذة جامعية في جامعة سيدة اللويزة، لرصيف22: "لا أقود دراجة هارلي لكنّي أشارك أحياناً كزائرة مسافرة مع نادي الهارلي ونظّمت لقاءات في الجامعات من أجل التعريف بنساء الهارلي في لبنان".
وكشفت أن لدى بعض الناس أحكاماً مسبقة سلبية على سائقي هارلي ديفيدسون "ربما لأنهم يرونهم على الطريق بمفردهم على دراجات كبيرة بملابس جلدية، أو ربما يعتقدون أنهم يتعاطون المخدرات ومتفلّتين اخلاقياً"، مؤكدةً أنه "عندما قاموا بمشاركة تجاربهم الشخصية والحياتية مع الشباب تغيرت وجهة نظر هؤلاء إليهم وتحولت إلى نظرة إيجابية".
وتعتبر إن هذه الهواية من الهوايات المكلفة جداً. فسعر دراجة الهارلي الواحدة يبدأ من 13 ألف دولار ويصل إلى 100 ألف. هذا عدا تكاليف الصيانة وقطع الغيار والوقود والتجوالات خاصة على طرق لبنان الجبلية. ولذلك فهي هواية غير شعبية كونها ليست بمتناول الجميع.
ينصح بها للمتزوجين
تعتقد نساء الهارلي أنه من الأفضل مشاركة هذه الهواية بين الرجال والنساء وخاصة المتزوجون لأنها هواية تتطلب وقتاً كبيراً، وقد تؤدي إلى خلق هوة بين الشريكين في ظل صعوبة التخلي عنها لما فيها من شغف وحب ورغبة لا يمكن تعويضها.
ويؤكدن أن قيادة دراجة ثماني ساعات تؤمن الراحة النفسية للشريكين وتضفي نوعاً من الحميمية على العلاقة بينهما بفعل التقارب الجسدي والعاطفي الناجم عن العناق بعكس قيادة السيارة أو كثير من الهوايات الأخرى.
وقالت تالار بارتيان، 42 سنة، وهي مدرسة مادة علوم الحياة ومتزوجة وأم لولدين، إن "الحياة تبدأ عندما تتخلص من مخاوفك". وروت أن والدها اشترى لها دراجة نارية عندما كان عمرها عشر سنوات "وكنا نعيش حينذاك في قبرص حيث غالبية الشعب تقود الدراجات".
وتابعت: "عندما عدت إلى لبنان وتزوجت قررت أنا وزوجي اقتناء دراجة هارلي وبدأنا بالتجوالات ثم تطوعت في نادي الهارلي وأصبحت عام 2013 أول امرأة تترأس نادياً لهواة دراجات هارلي ديفيدسون". وأضافت أن طموحها الحالي هو إنشاء مدرسة لتعليم قيادة دراجات هارلي للنساء وتنظيم حملات توعوية أكثر.
لا تعارض مع الأنوثة
لا تتعارض ممارسة هذه الهواية مع الأنوثة، لا بل إن النساء اللواتي يمارسنها يشعرن بمزيد من الجمال. وبرأيهن، تصير الدراجة أكثر نعومة عندما تقودها امرأة. كما يرفضن الصورة الخاطئة التي رُسمت عنهن، وتدّعي أن سائقات هارلي مخيفات، ويحاولن تغيير هذه الصورة النمطية من خلال مشاركتهن في المجتمع وتحمل مسؤولياتهن عبر دعم الجمعيات وتقديم المساعدات المختلفة، ويسعين لنشر شعار الجماعة "الأخوة، الوفاء، النزاهة".
وقالت كارول خزاقة، 28 سنة، وتعمل في مؤسسة لتأمين الطعام للحفلات والمناسبات Catering: "رفض والدي بدايةً فكرة شرائي دراجة هارلي بسبب عدم احترام الناس للدراجين، وبسبب خطورة الطرق في لبنان وخاصة الطرق الجبلية. ولذلك خضعت لدورة تدريبية مع مدرب هولندي وحصلت على ترخيص للقيادة، وقد أصبحت الأن Road Captain مسؤولة عن سلامة الدراجات أثناء التجوالات. وأنا أول إمرأة تتولى هذا المنصب في جماعة الهارلي".
كانت النساء دائماً جزءاً من عائلة هارلي ديفيدسون. في وقت مبكر من عام 1910 قام الدراجات الإناث في أمريكا بفعل كل شيء فعله الرجال من ركوب الدراجة في عطلة نهاية الأسبوع إلى رحلات المسافات الطويلة. وتشهد هذه الهواية نمواً متزايداً بين النساء في العالم. واليوم نجد بين كل عشرة دراجين امرأة دراجة.
وقالت إليانا مخلوف، 29 سنة، وهي موظفة بنك: "أصدقائي يتحمسون للفكرة من خلال نشر صور نساء الهارلي في وسائل الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي". وتابعت: "كإمرأة شعرت أنني أنتمي إلى عائلة تعطي المرأة جرعات من الثقة بالنفس والحرية والطاقة والقوة. فنساء الهارلي متميزات خاصة في علاقتهن المتساوية مع الرجل في المجتمع اللبناني".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...