"أسبوع دبي للتصميم هو علامة فارقة لدبي في رحلتها لتصبح مركزاً للتصميم"، عبارة اختصر بها محمد سعيد الشحّي، الرئيس التنفيذي للعمليات في "حي دبي للتصميم"، هذه الفعالية التي تستمر أسبوعاً في دبي (حتى الحادي والثلاثين من الشهر الجاري) من أجل تعزيز سمعة المدينة عاصمةً للتصميم، والنهوض بهذا القطاع في المنطقة ودعم المواهب الناشئة فيها وفي أنحاء عدة من العالم.
نظمت هذه الفعالية مجموعةُ "آرت دبي" Art Dubai، بالشراكة مع "حي دبي للتصميم" D3 وبدعم من "مجلس دبي للتصميم و الأزياء" و"هيئة دبي للثقافة والفنون" Dubai Culture (دبي للثقافة). خلال هذا الأسبوع، سيتحوّل "حي دبي للتصميم" إلى متحف مفتوح للتصميم مع برامج ثقافية تشمل جميع الأعمار. وستتحوّل مناطق عدة مسرحاً للتصاميم بفضل مبادرة "حول المدينة"، إذ ستغصّ المدينة بالمعارض المستقلة وورش العمل بالتعاون مع مصممين محليين ودوليين.مقالات أخرى:
5 من أفضل المصممين المحليين في دبي
علماً أن الأنظار ستتجه نحو "حي دبي للتصميم" الذي يشهد باقة من ورش العمل والحلقات الحوارية للبحث في حركة التصميم والتطور الإستراتيجي للقطاع في أنحاء العالم، إضافة إلى استضافة معرض "داون تاون ديزاين" Downtown Design في دورته الثالثة الذي يُقام للمرة الأولى في هذا الموقع، والذي شهد ضعفَيْ عدد العارضين مقارنة بالعام الماضي، وهو 90 عارضاً من 25 دولة.
يتطلع "أسبوع دبي للتصميم" إلى دعم التصميم، لذا شكّل منصة لأكثر من 120 مصمماً من 35 دولة إلى جانب نخبة من رموز قطاع التصميم ومشاركة ممثلين عن مؤسسات أكاديمية عالمية، إلا أنّه يطمح، بشكل أساسي، أن يكون منصة للابداع العربي الذي يتّخذ مكانة أساسية في الفعالية.
"أبواب"، مبادرة الإبداع الشاب
تعدّ "أبواب" المبادرة الرئيسية في الفعالية، وتخبرنا مديرتها الإبداعية روان قشقوش: "قبل ستة أشهر، قررنا أن نطُلق مبادرة تضمّ أعمالاً من إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا في معرض واحد وأطلقنا عليها اسم "أبواب" لأسباب واضحة. نريدكم أن تدخلوا إلى المعرض لاكتشاف ثقافة باقي الدول المشاركة. فالأبواب هنا باتّجاهين، إلى الداخل ونحو الخارج". وتضيف "في دبي لدينا صناعة تصميم ناشئة ورائعة. نحن نملك الموارد إلا أننا أدركنا أنّ الكثير من جيراننا لا يملكونها. لذلك، أردنا أن نمدّ يدنا للمصممين الآخرين لنكشف لهم أن التجربة التعاونية قد تساعد على دفع صناعة التصميم قدماً، وأننا نستطيع أن نتعلّم بعضنا من بعض لتحسين مستوى الإنتاج والنوعية والجمالية".
وتلفت قشقوق إلى أنّ كلّ جناح يُمثل دولة مختلفة. والدول المشاركة هي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وتونس والأردن والكويت وباكستان. وتقول إنّ الامارات ستكون دائماً حاضرة في هذه المبادرة. ولاحقاً، سيتمّ اختيار دول أخرى كفلسطين والبحرين، ولم تستبعد مشاركة ايران وأفغانستان وتركيا.
[caption id="attachment_38275" align="alignleft" width="700"] من جناح الإمارات في المعرض[/caption]
أما الجامع المشترك بين الأجنحة في باحة "حي دبي للتصميم" فهو شعار: "الألعاب: العنصر الترفيهي في الجانب الثقافي". ولدى التجوّل في المعرض تكتشف أنّ مصممي كل دولة انطلقوا من هذا الشعار ليعكسوا طريقة اللعب في دولهم. فأعاد المصممون الأردنيون إحياء اللعبة المعروفة: الأرجوحة، بتصميم تفاعلي يسمح لحركة التأرجح أن تتحوّل إلى ترجمات بصرية وسمعية، فيما أحيا المصممون السعوديون لعبة "أم تسع" التي عُرفت منذ وقت طويل في المملكة وتُعرف عالمياً باسماء مختلفة. وقد كشف لنا القيّم على المعرض الكويتي وليد شعلان أنّ "طكة بطكة" تقدم الألعاب التي سبقت الثورة الرقمية وابتكرها الأطفال للهو والتعلم خلافاً لألعاب اليوم التي يبتكرها الآخرون ونستهلكها نحن.
"المدينة الأيقونية: المتألقة بيروت"
في النسخة الأولى لـ"المدينة الأيقونية"، أراد القيّمون الاحتفاء بسبعة عقود من التصميم اللبناني، وقد عملت على المشروع اللبنانية رنا سلام، التي تقول أنّه كان أشبه بتحقيق حلمها منذ أن عادت إلى بيروت عام 2010، ألا وهو "اطلاع الناس على تاريخ تطوّر التصميم اللبناني وما نقوم به اليوم لأن ذلك لم يوثّق يوماً في كتاب. أردت هذا المعرض أن يكون كتاباً بصرياً وكبسولة للمصممين تحت سقف واحد".
ترى سلام أنّ التصميم وسيلة رائعة للتواصل البصري وأنّ "التصاميم أشبه بعرّاف يخبرك بما سيحصل ويرسم أفكار الناس". ولهذا السبب جاء معرض "بيروت المتألقة" رحلةً عبر الزمن منذ الخمسينيات حتى اليوم يُسلّط الضوء على أبرز المحطات في الهندسة والتصميم الداخلي وتصميم المنتجات والرسوم.
يأخذك التنقّل في أروقة المعرض إلى داخل عالم التصميم بطريقة مبتكرة. فتكشف لنا سلام أنه بعد الاستقلال، شهد لبنان في الخمسينيات الذروة في قطاع التصميم حينما استخدم العديد من المهندسين المعماريين بيروت ملعباً للتعبير عن أفكارهم، لا سيما أنّ الكثير منهم تعلّموا في الخارج مع غياب مدارس التصميم في تلك الفترة، فعادوا للتعبير عنها على أرض الواقع رافعين اسم بيروت كرائدة في التصميم.
وتتابع أنّ الستينيات والسبعينيات عرفت نمواً في مجال البناء، وللمثال مبنى "البيضة" الشهير في وسط بيروت الذي صممه المهندس البناني جوزف فيليب كرم، وأيضاً في تأسيس العديد من الشركات المهتمة بصورة العلامات التجارية، فتألقت الرسوم لشركة العصير "بونجو" Bonjus أو شركة المثلجات "كورتينا" Cortina . وتقول "حلّت الحرب وعلّقت كل هذا الزخم، على الرغم من أن العديد من المصممين أرادوا المثابرة، ومنهم مي خوري التي بدأت بجمع الأعمال الحرفية صنع لبنان ممهدة الطريق لمصممين معاصرين كناديا خوري ولينا عودي". وتعتبر أن هؤلاء المصممين باتوا ينظرون إلى محيطهم وينقلونه إلى تصاميمهم.
أما حقبة الثمانينيات، فكانت مطبوعة بالنزاعات التي انعكست في تصاميم اللافتات والملصقات السياسية، ليحلّ السلام والازدهار في التسعينيات مع برنار خوري مثلاً أو لدى انشاء أول شركة للتصميم وتحوّل الجامعة الأمريكية في بيروت مركزاً للمصممين.
وفي الـ2000، كانت حقبة "المدينة الجديدة الشجاعة" مع العديد من المشاريع، كمشروع "سوليدار" المثير للجدل بالإضافة إلى الطفرة في مجال مصممي المنتجات، ومنهم ندا دبس ورانيا سلام و"بقجة" وسواهم. وترى سلام أن عام 2015 يشهد تطوّراً في التصميم لا ثورة، "إذ ما زلنا نرى بعض المواهب وإنما الكثير من الأعمال التجارية البحتة خلافاً لجيل المبدعين في الخمسينيات والستينيات".
لا شك أن "بيروت المتألقة" تحملنا في رحلة ممتعة بصرياً تكشف أكثر ما يميّز المصمم اللبناني على حد قول سلام، ألا هو "نحن مواطني العالم Cosmopolitan. فبيروت بوابة إلى الغرب ولا يسعنا أن ننسى تأثير عمليات التصدير إلى فرنسا وإيطاليا والاستيراد منهما، واللغات التي نتقنها، بالإضافة إلى حبّنا للتعاون".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...