تحوّل مهرجان دبي السينمائي الد
المشاركة العربية القوية تأتي ضمن أهداف هذا المهرجان، وهي النهوض بالسينما العربية والكشف عن مواهب جديدة، ومنحها فرصة التألق والتشبيك والتعلّم من الضيوف الدوليين. فلا يهدف المهرجان إلى أن يكون منصة لإنتاج الأفلام بل بوابة تُساهم، إلى جانب الفعاليات والمبادرات الأخرى في العالم العربي، إلى تطوّر صناعة السينما العربية، التي عرفت عبر العقود الكثير من التقلّبات.
ملتقى دبي السينمائي
أبرز المبادرات التي تجاري هذه المهمة هي ملتقى دبي السينمائي"، الذي يريد أن يكون سوق الإنتاج المشترك و"منصة خاصة بالسينمائيين العرب"، على حد قول جاين ويليامز، مديرة الملتقى، للترويج لهم وتحفيز نمو الإنتاج السينمائي في العالم العربي. وترى ويليامز أن أهمية الملتقى، الذي بات في دورته الثامنة، هو أن "السينمائيين العرب لن يكونوا على هامش المهرجان كما يحدث حين تتم دعوتهم للمشاركة في مهرجانات دولية، بل سيكونون التركيز الرئيسي في مهرجان دبي".
إضافة إلى الجوائز المختلفة التي يقدّمها الملتقى، تعتبر ويليامز أن الأهم هو أنه يقدم فرصة للسينمائيين العرب في توسيع شبكة معارفهم على الصعيد الإقليمي والدولي، وهذا يأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد ومستدامة، لأن "بناء شبكة معارف ترافقك مدى الحياة خلافاً لتمويل مشروع واحد فقط".
ويتلقّى الملتقى سنوياً بين 120 إلى 140 مشروعاً سينمائياً، وقد تمّ اختيار12 منها هذا العام، نصفها لسيدات عربيات. ويريد الملتقى مساعدة السينمائيين العرب بفضل التركيز على طريقة تقديم المشاريع بحسب المعايير الدولية، كي لا تبقى حبراً على ورق. وأضافت ويليامز أنهم يركزون كثيراً على التدريب وبرامج كتابة السيناريو، وتطوير مهارات المنتجين العرب خصوصاً أنهم يضطلعون بدور مهم جداً في الصناعة السينمائية، لأنهم "يجمعون الأموال ويطوّرون المواهب".
ويرى أنطوان خليفة، مدير البرمجة العربية في المهرجان، أن الإنتاج المشترك يلعب دوراً رئيسياً في تطوّر صناعة السينما العربية. ويقول: "اليوم، نشهد عدداً كبيراً من الأفلام المستقلة، لأنه بات لدينا نوع من الانفتاح على الإنتاج المشترك للسينما العربية، الذي ساهم في تزايد عدد الأفلام وتحسين نوعيتها التقنية". ويشرح أن السينما العربية تحسّنت كثيراً تقنياً منذ 10 سنوات، على صعيد الصورة والصوت، فأصبح من الممكن عرض فيلم فلسطيني أو أردني في أي صالة سينما. وأضاف أن الإنتاج المشترك بات مبنياً بشكل أفضل، ضارباً مثلاً بالمنتجة الفرنسية آن دومينيك توسان Anne Dominique Toussaint التي تعاونت مع المخرجة اللبنانية نادين لبكي في "هلّق لوين"(2007) وسكر بنات" (2011)، أو حتى الإنتاج المشترك في فيلم "عمر" (2013) وفيلم الجنة الآن (2005).
مشهد من فيلم "باريسية"مضمون قديم جديد
ويرى خليفة أنه رغم تحسّن الأفلام تقنيّاً، فإن المضمون لطالما كان حاضراً، ولكن لم يكن لديه "الرؤية" الموجودة اليوم، وكانت المهرجانات محدودة، والدعم الإعلامي غير متوفر، لكن الأمر تغير. ويضيف: "لا أسمح لنفسي أن أقول إن المضمون تغيّر أو بات أفضل. قد تتغير المواضيع من فترة إلى أخرى، وأصبحت اليوم أكثر حميمية مع أفلام مثل "باريسية" لدانيال عربيد، لكن لا يمكننا أن نقول إنّها باتت أكثر جرأة لأنها كانت كذلك في السابق مع فيلم المخرج التونسي نوري بو زيد "ريح السد" (1988)، أو "عرس الجليل" لميشال خليفة (1987)، أو أفلام رندا الشهال". ويشير إلى أن "لكل فترة مخرجيها الذين يوثقونها بطريقتهم الخاصة. فاليوم، نرى الكثير من المخرجين السوريين الذين يخبروننا عن حياتهم في ظل الحرب".
واتّفقت ويليامز مع خليفة، لكنها لفتت إلى أن "هناك دوماً موضوعاً تحوّل الى محطة كلاسيكية ألا وهو الهوية".
المواهب تتفجّر
واعتبر أنه غالباً ما كان سيناريو الأفلام العربية ضعيفاً، إلا أن الوضع تغير في السنوات الأخيرة، بسبب الدعم والجهود لتطوير كتابة السيناريو. فبات للمخرج أو للكاتب الوقت الكافي للكتابة أو الحصول على النصائح. ويضيف: "كلّ المهرجانات في العالم العربي تتوجّه نحو تطوير السيناريو، وهذا ما يمنح المخرج فرصة أن يأخذ وقته".
ومن بين أكثر المواهب تألقاً هذا العام، اتّفق خليفة وويليامز على أن السينما الأردنية قامت بقفزة نوعية من خلال أفلام مثل "المدينة" لعمر شرقاوي، و"المنعطف" لرفقي عساف، خصوصاً بفضل دعم الهيئة الملكية الأردنية للأفلاموالمبادرات الأخرى، بحسب خليفة. وقال: "لم نكن نسمع في السابق عن السينما الخليجية، التي تطوّرت كثيراً في السنوات الأخيرة". واعتبرت ويليامز أن كل عام تطغى مشاريع من بلد على آخر، فعام 2013، كانت المشاريع السينمائية الجزائرية محط الانتباه، في حين أن المشاريع المغربية شكّلت مفاجأة هذا العام.
[caption id="attachment_42748" align="alignnone" width="762"] مشهد من فيلم "المنعطف"[/caption]وتبقى العديد من الدول العربية كالصومال وجيبوتي وموريتانيا شبه غائبة عن ساحة المهرجانات، ولا يعتبر خليفة أن السبب غياب المواهب، بل الثقافة السينمائية التي لا بد من تطويرها.
ما هي الثغرات؟
بالنسبة إلى ويليامز، أهم ما تحتاجه صناعة السينما العربية هو الدعم المتّسق والطويل الأمد، لأن "استدامة الصناعة تحتاج إلى استدامة المبادرات، واستدامة الجمهور في العالم العربي"، جمهور عربي لا بد من بنائه، ويبقى التحدي الأكبر، لأن "لا فائدة من تمويل وإنتاج الأفلام، إن لم يكن يشاهدها أحد في موطنها".
أما خليفة، فيجد أن فكرة إنشاء صندوق دعم للسينما العربية أمر أساسي. ويضيف: "من غير الطبيعي أن يكون 80% من تمويل الأفلام من الخارج، يجب أن يكون العكس لتكون الصناعة صحية. المغرب نجح في ذلك بفضل إنشاء المركز السينمائي المغرب
علماً أن قنوات عربية أوقفت في السنوات الأخيرة دعمها للسينما العربية، ويوضح خليفة أنها كانت سابقاً تستمثر الأموال لشراء حقوق البث المشفّر وغيره. لكن اليوم، توقفت عن ذلك لأنها لم تعد تدرّ الكثير من الأموال بسبب غياب الإعلانات، حتى شركة روتانا لم تعد تنتج فيلماً واحداً.
لا شك أن السينما العربية شهدت تطوّراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، خصوصاً في طفرة المواهب، التي اعتبر خليفة أنها تشكل نوعاً من "الافتتان"، لأن كل عام يحمل المهرجان وجوهاً جديدة. لكنه لا ينفي أن كل ما يجري في المنطقة من تقلبات ومشاكل سياسية، ألقى بظلاله على عالم الفن السابع. يقول: "نعمل في ظروف صعبة وهواجس أمنية، فكيف للثقافة أن تكون الأولوية؟ هذا صعب جداً وسط وضع أمني متقلب. تتخذ الحكومات إجراءات، والثقافة لم يعد لديها المكانة نفسها كما كانت قبل 5 سنوات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين