المشهد معتاد لكن مع اختلافات جديدة: أحد المقاهي التي تعرض مباريات المسابقات الأوروبية الكبرى المختلفة لكرة القدم، شبان يرتدون قمصاناً رياضية لفريق واحد، ويحملون بعض الأعلام والكوفيات، ويشاهدون المباريات. لكن ليست هذه قمصاناً للنادي الأهلي أو الزمالك، الناديين الأكثر شعبية في مصر، وحين تسألهم يجيبونك بأنهم يمثلون رابطة تشجيعية للنادي الأوروبي الذي يتابعونه.
كان من الممكن أن تُدهش قليلاً، فليست كل الروابط التشجيعية روابط رسمية معترفاً بها من قبل هذا النادي الأوروبي، ولكن هذا المشهد لن يستدعي انتباه الكثيرين الآن، ففي مصر تقريباً ما لا يقل عن 5 روابط رسمية لتشجيع الأندية الأوروبية، يتجمع شبابها في العديد من المحافظات.
مشجع رسمي
مع تصاعد شعبية كرة القدم عالمياً، تتجه غالبية أندية كرة القدم الأوروبية لتدشين روابط رسمية لمشجعيها حول العالم، والرابطة تشمل مجموعة من الأفراد الذين يتفقون على حب هذا النادي، وبجانب الأهمية التسويقية الكبيرة لهذه الروابط في تلك البلدان المتعددة، فإنها توفر تواصلاً رسمياً مع إداريي الأندية التي يشجعونها. مع بدل سنوي زهيد، يحصل الفرد في الرابطة على عضوية مميزة للنادي تمكنه من الحصول على حسومات عند التسوق من متاجر النادي، والذهاب في رحلات لمشاهدة المباريات من الملعب.
يحكي "عمرو رونان" وهو أحد مديري رابطة نادي ليفربول Liverpool في مصر، أن الرابطة انطلقت رسميًا عام 2013، وأسسها "أحمد عاطف شاش". قبل ذلك، كان هناك تجمعات لهذه المجموعة لكنها لم تُدعم رسمياً إلا خلال هذا العام. تُعد رابطة ليفربول واحدة من أكبر الروابط في مصر، علماً أن هناك تجمعات عديدة تابعة لها في أكثر من محافظة: البحيرة، سوهاج، الإسكندرية، القاهرة. ولم يعد يقتصر نشاط المجموعة على مشاهدة المباريات، إذ أسست بضعة نشاطات، منها إقامة مسابقات في ما بينهم في لعب كرة القدم.
فراغ وتقاطعات
شغلت ثورة 25 يناير طاقات كبيرة من الشباب المصري خلال عامي 2011 و2012، ومع الأحداث المتوالية، فقدت كرة القدم المصرية قدراً كبيراً من مستواها وشعبيتها، ويبدو أن تردي الأوضاع السياسية خلال هذه الفترة، قد ترك أثراً عميقاً على الكثير من المجالات. بعد حادثة ستاد بورسعيد، في فبراير 2012، في مباراة الأهلي المصري والنادي المصري البورسعيدي، التي خلّفت عشرات القتلى من المشجعين، توقف نشاط الكرة في مصر، ليستأنف بعد شهور من دون حضور جماهيري. واستمر الوضع في التأزم بعد كارثة ستاد الدفاع الجوي، في فبراير 2015، التي راح ضحيتها نحو 22 شخصاً عند أول محاولة لعودة الجماهير مرة أخرى لحضور مباراة نادي الزمالك ونادي أنبي.
مقالات أخرى
أبرز ألقاب نجوم كرة القدم
عندما يتكلم الزعيم والقرموطي باسم ريال مدريد وبرشلونة
ومع الأحداث العديدة التي شهدتها مصر خلال هذه الفترة، والفراغ الجديد الذي نشأ بعد توقف نشاط الكرة المصرية وعزوف الشباب عنها، وفرت الشبكات التلفزيونية وعالم الانترنت فرصة أكبر للشباب لمتابعة الكرة العالمية، ليملأ هذا الفراغ نفسه بشكل جديد. ولم يكن من الغريب أن تظهر روابط المشجعين الرسمية خلال العامين الماضيين بالتحديد. هكذا تكونت ثقافة بديلة شغلت فراغ الانتماء القديم المؤجل لوقت غير معلوم.
رابطة مشجعي نادي إنتر ميلان الإيطالي في مصر
يحكي هيثم محمد مدير رابطة انتر ميلانInter Milan الإيطالي في مصر لـرصيف 22"، أن "نادي إنتر ميلان الإيطالي الذي يشجعه، لا يسمح بتكوين روابط رسمية إلا وفقاً لشروط معينة، منها أن طلب التقديم يجب أن يتم في مقر النادي، لذلك قام زميله في الرابطة مروان سلامة، بالحصول على الموافقة الرسمية للنادي بإنشاء الرابطة أثناء زيارته للنادي في مدينة ميلانو Milano.
تأسست الرابطة عام 2014، و يتجمع الشباب لمشاهدة المباريات في الإسكندرية والقاهرة، ويقول هيثم: "لا يمكن لأحد أن يكون عضواً رسمياً بالرابطة، إلا بعد دفع رسوم اشتراك سنوية يحددها النادي (نحو 53 يورو)، ويحصل العضو في المقابل على امتيازات عضوية رسمية لدى النادي الإيطالي.
تضييقات أم متاهة بيروقراطية مصرية؟
وعن رحلة تأسيسه للرابطة في مصر، يقول هيثم: "لتسجيل الرابطة رسمياً في مصر واستخراج أوراق لها، لا بد أن تسجل أولاً في وزارة التضامن الاجتماعي تحت مسمى مؤسسة غير حكومية NGO، ويُشترط وجود مقر بعنوان صحيح، لتتمكن الرابطة من ممارسة أنشطتها وتجمعاتها من دون أي مساءلة قانونية أو أمنية. ويضيف: "كانوا يتخوفون من أن نكون مجموعة لها تعصبات كمجموعات الأُلتراس في مصر".
يحصل العضو الرسمي للرابطة من النادي على حقيبة فيها قميص وكرة وكوفيات وغيرها لتشجيع النادي، وأثناء شحنها إلى مصر، لم تسمح سلطات الجمارك بدخولها، وتنقلت الحقائب بين مصلحة الجمارك ووزارة الخارجية ثم وزارة التضامن الاجتماعي، حتى تاهت حقائب أعضاء الرابطة بين أروقة المباني الحكومية المصرية، ولم يحصلوا على أغراضهم إلى هذه اللحظة.
روابط غير هادفة للربح
يعرّف مؤسسو الرابطة المصرية لنادي مانشستر يونايتد Manchester Unitedالإنغليزي، أنفسهم على أنهم مجموعة غير هادفة للربح من المشجعين، وتهدف لجمع مشجعي النادي الإنجليزي العريق تحت سقف واحد. الرابطة رسمية في مصر منذ عام 2013، أسسها "محمد سيف" مع "محمد ياسين" و"علي الخطيب" و"شريف حسن". ويرى المؤسسون أن لناديهم المفضل روحاً خاصة يطمحون إلى نشرها، إضافة إلى تأكيدهم على رغبتهم في تقديم أنشطة خدماتية للمجتمع من خلال الرابطة.
في سبتمبر الماضي استضافت شركة شيفروليه مصر Chevrolet أعضاء الرابطة في يوم مفتوح لمشاهدة إحدى المباريات مع تقديم مأكولات ومشروبات مجانية للحضور، فشيفروليه هي الشركة الراعية الرسمية لقميص النادي، ويأتي النشاط ضمن الميزات التي تقدمها العضوية الرسمية للرابطة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...