لا سينما في السعودية. هذا هو العنوان العريض والحقيقة الراسخة عن المشهد السينمائي السعودي. لكن وسط هذا الواقع الخاضع للرقابة الشديدة، والحصار المفروض على فن السينما وصناعتها، ناضل السينمائيون والفنانون السعوديون طوال عقود لرفع السقف قليلاً، ومحاولة خلق مشهد سينمائي في صحراء المملكة.
عبدالله المحيسن والبدايات
ولد عبد الله المحيسن عام 1947، درس الفلسفة والسينما في لندن، وأخرج عدداً من الأفلام التسجيلية القصيرة. بدأ المحيسن أول أفلامه "اغتيال مدينة "عام 1977، الذي شارك في مهرجان سينمائي في القاهرة آنذاك. وعاد بفيلم وحيد في التسعينيات، هو الفيلم الوثائقي "الصدمة"، الذي قدم فيه رؤيته حول حرب الخليج .
وبعد 13 عاماً من التوقف، عاد بفيلم "ظلال الصمت"، وهو أول فيلم سعودي روائي طويل. يتطرق الفيلم لأزمة الإنسان العربي أمام التحديات والتراكم بين ماضيه وحاضره، وقلقه من المستقبل. نال مخرج الفيلم في مهرجان نانت مفتاح المدينة لجهوده في السينما، خلال رحلته الفنية التي تجاوزت 35 عاماً، وشارك الفيلم في 10 مهرجانات عالمية.
سعد خضر وموعد مع المجهول
سعد خضر ممثل مشهور ألف وأنتج عام 1980 فيلماً طويلاً عنوانه "موعد مع المجهول"، من إخراج نيازي مصطفى، لكن لأسباب مجهولة لم ير النور حتى الآن في السينما. تدور قصة الفيلم حول ضابط شرطة يُتهم بقتل زميله، فيهرب للدفاع عن براءته والقبض على المجرم الحقيقي، فيتعرض طوال فترة تعقّب الجاني لمواقف غاية في الصعوبة، لكنه ينجح أخيراً في القبض على من يعتقد أنه القاتل. وفي النهاية يكتشف البطل أن الحكاية كلها تمثيل، إذ لم يكن هناك قضية قتل، بل كانت عبارة عن خطة محبوكة لمعرفة مدى قدراته البوليسية، واستحقاقه للترقية. ومثّل سعد خضر في أفلام عربية عدة، مثل فيلم رحلة المشاغبين، وكتب بعض الأفلام مثل "صراع مع الأيام"، بطولة فاروق الفيشاوي وسعد خضر وجميل راتب وبوسي عام 1984.
كذلك ألّف خضر قصصاً لعدد من الأفلام في لبنان، مثل فيلم الزوجة المفقودة. وقدم مجموعة من المسلسلات التلفزيونية، منذ بدء إنشاء التلفزيون السعودي.
هيفاء المنصور، الخطوة الأوسع
انطلقت المخرجة هيفاء المنصور مع فيلم "أنا والآخر" عام 2001، ثم "نساء بلا ظل" الذي تناول قضايا المرأة السعودية، و"كيف الحال؟"، وصولاً إلى العام 2012 الذي شهد إخراج فيلم "وجدة"، الذي أثار جدلاً واسعاً. يعدّ "وجدة" أول فيلم روائي طويل يتم تصويره في السعودية. ويروي قصة وجدة، فتاة تحلم بامتلاك دراجة، ثم تعرف أن ركوب الدراجة ممنوع ومحظور. إلا أنها لا تيأس فتجمع لذلك مالاً من مصروفها اليومي، وسرعان ما ينكشف الأمر، فتلجأ لخطة الدخول إلى مدرسة تحفيظ القرآن لكي تحصل على دراجتها.
عبدالله آل عياف، نحو الفيلم القصير
جاء المخرج عبدالله آل عياف ليشكل مع آخرين الأعمال الجديدة، وهي المرحلة نفسها التي ازداد فيها عدد المخرجين وخصوصاً في فئة الفيلم القصير. أخرج عياف فيلم "السينما 500 كم" عام 2006، الحائز النخلة الذهبية في جائزة أفلام السعودية 2008. وفي 42 دقيقة، يستعرض قضية منع صالات السينما في السعودية.
مقالات أخرى
أحلام متكسرة و"تابوهات" مخترقة: أبرز خمسة مخرجين في السينما الجزائرية
أبرز مساحات العمل المشتركة في السعودية
ثم أخرج فيلماً روائياً قصيراً مدته 19 دقيقة بعنوان "إطار" عام 2007، وتلاه فيلم "مطر"عام 2008، مدته 23 دقيقة، وحاز النخلة الفضية في مسابقة أفلام السعودية. أما فيلم "عايش"، فيحكي قصة عامل حماية وأمن في أحد المستشفيات، يعمل بدأب ومثابرة في ثلاجة الموتى الخاصة بالمستشفى، وهناك يدخل في حالة من التعايش مع الموتى، فصورتهم وجثثهم دائماً أمامه. ثم يتم نقله إلى قسم المواليد الجدد، فيصاب بالدهشة لأنه بات معتاداً رؤية ما هو نقيض ومختلف. بين الموت والحياة، يكتشف عايش أنه بات يكره الأحياء ولا يحب أن يكون معهم.
أخيراً قدم فيلم "ست عيون عمياء"عام 2011، وهو يحكي قصة شخص يكتشف أن لديه قدرات في إخفاء الأشياء فيبدأ شعوره بالخطر، لذا يلجأ إلى طبيب، ومن هناك تبدأ معاناته في ست عيون عمياء.
بدر الحمود، الانتاج الغزير
أخرج بدر الحمود، الذي ولد عام 1985 أكثر من 10 أفلام، منها فيلم "سكراب"، و"صناعة محلية"، و"داكن"، و"مونوبولي". يحكي فيلم داكن، الذي يتخذ من تقنية الفلاش باك طريقة له، قصة صالح، الأسير لماضيه بينما المستقبل يلوّح له بأمل وحب يريده أن يكتمل، إلا أن الماضي يطارده مذكراً إياه بحزنه.
أما مونوبولي فيحكي في 22 دقيقة أزمة الأراضي واحتكارها، وأزمة السكن بشكل يلامس المجتمع في صميم قضاياه. وقد نالت أفلامه جوائز في مهرجان الخليج السينمائي، ومهرجان أبوظبي السينمائي، ومسابقة الأفلام السعودية.
عبد المحسن المطيري واللحظة الشعرية
هو مخرج شاب، قدم أكثر من فيلم خلال العقد الماضي، منها "رجل بين عصابتين" و"قبر" وهما يجسدان معاناة السينما، ومشقة أن تصنع فيلماً في ظل المنع والرقابة الشديدين. أفلام المطيري تشبه اللقطة الخاطفة الشعرية المركزة على حدث واحد بأكثر من بعد، فهو يلمّح ويحاول تجاوز النمطية السائدة من ناحية، ومن ناحية أخرى توظيف الهامش المتاح والتقنيات الأحدث من دون تكلف.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...