بأسلوب يتسم بالبساطة والغموض، بتقنيات وموازنات شحيحة، وبرغم ضغوط الرقابة، نجح العديد من المخرجين الإيرانيين باختلاف آرائهم السياسية، بين مؤيد ومعارض ومستقل، في دفع السينما الإيرانية إلى الظهور والإبهار.
لم يغِب منذ التسعينيات، فيلم إيرانيّ عن المهرجانات الدوليّة، أو عن الحصول على جوائز تظهر النجاح الذي تلقاه السينما الإيرانية في العالمين الغربيّ والعربيّ. يعرض رصيف22 السيرة الذاتية الإخراجية لعدد من أهمّ مخرجي التيار السينمائي الحديث في إيران.
أصغر فرهادي
اختير المخرج والسيناريست الإيراني أصغر فرهادي (أصفهان - 1972)، من ضمن أكثر 100 شخص تأثيراً في العالم عام 2012 من قبل جريدة Time. وبالرغم من أنه من أصغر المخرجين الإيرانيين الذين تنافس أعمالهم في المهرجانات الدولية، فإن فيلمA Separation عام 2011، كان أول فيلم إيراني يفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنغليزية، وبجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عام 2012. قدّم فرهادي، المعروف بآرائه السياسية المستقلة، للسينما الإيرانية العديد من الأفلام الناجحة، التي اشتهرت عالمياً. وعرض غالبيتها في الصالات الإيرانية مثل: "الرقص على الغبار" (2003)، "المدينة الجميلة" (2004)، "الأربعاء الأخير" (2006)، "عن إيلي" (2009)، "الماضي" (2013). وفي الفيلم الأخير ابتعد عن الشارع الإيراني وثقافة بلده في القصة والأسلوب واللغة. وترشح الفيلم للسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وفازت بطلته الفرنسية Bérénice Bejo بجائزة أفضل ممثلة في المهرجان.
مجيد مجيدي
لم تقف بداية المخرج مجيد مجيدي (طهران - 1959) على خشبة المسرح، وتخرجه من المعهد المسرحي في طهران، في طريق تحقيق أحلامه في السينما، وقد بدأه كممثل وكاتب لفيلم "المقاطعة" (1985) لمحسن مخملباف، أحد أهمّ المخرجين الإيرانيين وصانعي السينما الإيرانية الحديثة. رشح فيلمه "أطفال السماء" (1998)، الذي يعتبر من أهم الأفلام في تاريخ السينما الإيرانية لجائزة أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية، وحاز جائزة Douglas Sirk Award وجائزة Amici Vittorio de Sica Award. قدّم مجيدي أيضاً فيلم "صبغة الله" عام 2000، و"باران" عام 2002، وهو يتميّز باهتمامه بقصص الأطفال في أفلامه، وبكتابة كل أعماله بنفسه وبشغفه بالأفلام الوثائقية والأفلام الدينية، التي قدّم الكثير منها.
يتصالح مجيدي، الذي رفض إحدى الجوائز الدنماركية، اعتراضاً على الرسوم المسيئة للنبي محمد، مع آرائه السياسية، معلناً تأييده نظام الثورة الإسلامية في إيران.
بهمن قبادي
يعدّ قبادي (بانه، كردستان إيران 1969) من أبرز المخرجين الإيرانيين الأكراد. بدأ مسيرته السينمائية بالتمثيل، ثمّ دخل عالم الإخراج مساعداً للمخرج الإيراني العالمي عباس كياروستامي، إلى أن استقل وبدأ بإنتاج أفلامه بنفسه. قدّم العديد من الأفلام القصيرة كـ"سمكة الرب" عام 1996 و"انتهت الحرب" عام 2003. أمّا فيلمه الطويل "لا وقت للخيول الثملة" (2000)، فحصل على جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان Cannes السينمائي. يركز في أفلامه على إظهار مأساة الأكراد من الحروب المتتالية. فكان فيلمه "السلاحف أيضاً تطير" (2004)، الذي يروي فيه قصة طفلين كردستانيين أثناء الحرب الإيرانية - العراقية، من أهمّ الأفلام التي أخرجها.
ولم يتوان قبادي في إظهار مواقفه السياسية في جميع أفلامه، ووضع نفسه في مواجهة الرقابة الإيرانية في العام 2009، حين قدّم فيلمه "لا أحد يعرف عن القطط الإيرانية"، الذي افتتح به مهرجان كان Cannes عروضه في السنة نفسها. وصوّر الفيلم العديد من فرق الروك الإيرانية الممنوعة، التي تخطط للسفر لعرض أعمالها الفنيّة في الخارج، ولا تجد طريقاً لذلك إلا من خلال تزوير جوازات السفر.
رخشان بني اعتماد
تُلقّب بالـ"سيدة الأولى للسينما" في إيران، من مواليد عام 1959 وخرّيجة المعهد العالي للسينما في طهران. عملت كاتبة سيناريو، وفي التلفزيون الإيراني فترة طويلة قبل أن تتفرّغ لإخراج أفلامها: "بدون حدود" (1989)، "نرجس" (1992)، "تحت جلد المدينة" (2001)، و"كيلانة" (2005). وعرضت جميعها في بعض المهرجانات الدولية، حاصدةً العديد من الجوائز.
بعد ثماني سنوات من الابتعاد عن عالم الإخراج بسبب الرقابة، وفي العام 2014، قدمت بني اعتماد فيلمها الأخير والأكثر جرأة "قصص"، الذي يروي حكايات حقيقية من الشارع الإيرانيّ. وناقش الفيلم الذي منع عرضه في ايران ونال جائزة أفضل سيناريو في الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية، أموراً قد يراها المشاهد لأوّل مرّة في إيران، كالدعارة والهجرة غير الشرعية والمخدرات.
سميرة مخملباف
سميرة مخملباف (طهران 1980) ابنة المخرج والكاتب محسن مخملباف. تعتبر من أهم وأصغر مخرجات الموجة الجديدة في السينما الإيرانية، وعملت في الكتابة والتمثيل والإنتاج. تجربتها الإخراجية الأولى، وهي في الثامنة عشرة، كانت فيلم "التفاحة" (1998) الذي يروي قصة أب احتجز ابنتيه في قبو منزله مدة 12 عاماً خوفاً عليهما. وقد لاقى الفيلم نجاحاً خصوصاً أنّ أبطاله هم أبطال القصة الحقيقية، وعملت مخملباف على تدريبهم على التمثيل طويلاً.
في العام 2000 قدمت مخملباف فيلم "السبورات"، ووقع الاختيار عليها حينذاك لتكون عضوة في لجنة التحكيم في الدورة الثانية والعشرين من مهرجان موسكو السينمائي، بعد مشاركتها في التحكيم في لجنة مهرجان كان السينمائي Cannes كأصغر مخرجة. كذلك اختارتها صحيفة The Guardian من بين أفضل 40 مخرجاً في العام 2003، بعد فيلمها "الخامسة بعد الظهر". ورشحت أفلامها لعدد كبير من الجوائز وفازت في مهرجانات لندن ولوكارنو وساوباولو السينمائيين.
مرضية مشكيني
مخرجة ومصورة من مواليد العام 1969، شقّت طريقها السينمائيّ مع زوجها المخرج محسن مخملباف، وابنتها المخرجة سميرة مخملباف. قدمت فيلمها الأوّل "اليوم الذي أصبحت فيه امرأة" (2000)، كأوّل فيلم إيرانيّ يفوز على التوالي باثنتيّ عشرة جائزة دولية، ويناقش وضع المرأة في إيران، من خلال قصص متداخلة لثلاث نساء تجسد كل منهن مرحلة عمرية مختلفة، تبدأ من سن الطفولة حتى الشيخوخة.
بعد فيلمها "كلاب ضالّة" (2004)، تفرّغت للكتابة، وكتبت سيناريو فيلم "بوذا أنهار من العار"، الذي تولّت ابنتها الصغيرة هناء مخملباف إخراجه، ويحكي عن تأثير الحروب على أطفال أفغانستان. رشّح الفيلم لثلاث عشرة جائزة سينمائية، وفاز بسبع منها، في خمسة مهرجانات.
الصورة الرئيسية من فيلم "موسم وحيد القرن" للمخرج بهمن قبادي
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...