"مطلقات راديو، انت في بيتك واحنا في بيتنا، راديو من البيت للبيت". بهذه العبارة استهلت محاسن صابر بث إذاعتها الخاصة على الإنترنت، "مطلقات راديو"، التي انطلقت رسمياً في 1 أكتوبر 2010، من بيتها في مدينة الزقازيق التابعة لمحافظة الشرقية في مصر.
الخطوة الأولى: مدوّنة
روت صابر لرصيف22: "البداية كانت حينما عشت تجربة خاصة مع الطلاق وقررت إطلاق مدونتي الخاصة على بلوغر بعنوان "عايزة اتطلق و.."، عام 2008. وكنت أعبّر فيها عن المشاكل التي أواجهها كمطلقة في المحاكم وفي المجتمع، إضافة إلى الضغط الذي يُمارس على النساء المصريات بوجه عام سواء المطلقات أو المتزوجات".
في المدونة التي حملت شعار "عندما ينعدم الأمان في الحياة الزوجية وتصبح الطمأنينة بعيدة المنال، فعندها مرحباً بأبغض الحلال"، كتبت محاسن تدوينات عن معاناة النساء في المجتمع المصري، من وجهة نظرها، مثل "عشان تبقي ملطشة" التي تناولت فيها ظاهرة نبذ المجتمع للمطلقة والأرملة، و"فلسفة الضرب والطرح والقسمة والنصيب" التي تتحدث عن إساءة استخدام الرجال لحقهم في ضرب الزوجات الذي ورد في القرآن (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) متخطين العظة والهجر في المضاجع، ومتجاهلين حديث الرسول عن أن الضرب يكون بالسواك.
الخطوة الثانية: الراديو
وتابعت صابر: "تعرّضت لهجوم لاذع، ولكن كان هناك الكثير من المتعاطفين والمهتمين بالموضوع، لذا قررت تأسيس راديو على الإنترنت للمطلقات. هكذا، طرحت الفكرة على المدونة فقوبلت بالترحيب، وبدأ بث الراديو تجريبياً من بيتي قبل إطلاقه رسمياً بعام ونصف العام. وبمرور الوقت صار له عدد كبير من المتابعين".
عندما انطلق "مطلقات راديو" عام 2010، كان عدد المتطوعين للعمل فيه 25 رجلاً وامرأة تراوح أعمارهم بين 22 و50 سنة، وكان من بينهم طبيب نفسي ومتخصصون اجتماعيون يعدّون برامج تساعد المطلقات على عيش حياة مثمرة وسليمة نفسياً واجتماعياً. كذلك راح الراديو يبث برامج من إيطاليا وكولومبيا، بالإضافة إلى أغان لمغنّين مصريين شباب غير معروفين، وأهدت إلى الراديو فرقة إيطالية بعض أغانيها.
مقالات أخرى
تحفظات القوانين العربية على حقوق المرأة
الزواج "المحرّم" في الأردن
وقال ريمون، شاب في العقد الثالث من عمره ولم يمر بتجربة الزواج من قبل: "عرفت مطلقات راديو عن طريق شبكة الإنترنت وكنت حينذاك أدرس في الجامعة وتحمست لفكرته وأسلوب طرحه للمواضيع، فتطوعت للعمل فيه مهندس صوت". وأضاف: "ما شجعني على العمل معهم هو معايشتي حالات طلاق ليست قليلة في محيط أصدقائي وجيراني. وكنت أجد في غالبية هذه الحالات أن الأطفال هم مَن يدفعون الثمن. ولاحظت أن المستمعين يهتمون بالمواضيع التي تناقشها برامج الراديو، كما كان هناك الكثير من الهجوم والنقد".
توقف الراديو
لم تستطع التجربة الصمود لوقت طويل. ويأسف ريمون لتوقف بث الراديو بسبب عدم وجود تمويل يدعم استمراره. لكن محاسن صابر صاحبة الفكرة ورئيسة الراديو أكّدت أنه "عُرض علينا تمويل من منظمات أجنبية، ولكنني رفضت الفكرة نظراً لحساسية الموقف. إذ ربما يضاعف تلقي التمويل من الهجوم على الراديو بدعوى أنه مخطط أجنبي لإفساد الأسرة المصرية".
لم يكن هدف الراديو، الذي كان يبث على مدار 24 ساعة في اليوم على الإنترنت، مهاجمة المجتمع بشكل عام والرجل بشكل خاص، ولكن هدفه كان طرح القضايا الاجتماعية بشكل موضوعي ومحاولة إيجاد حلول لها. هكذا بُثّت برامج مثل "طليقك على ما تعوديه"، وهو للتوعية على أهمية استمرار العلاقة الإنسانية بين الأب والأم بعد الطلاق حفاظاً على حالة الأطفال النفسية، و"ابنك على ما تربيه"، لتوعية المطلقة بالطريقة الصحيحة لتربية أبنائها، و"يا مفهومين بالغلط يا أحنا"، الذي يناقش الضغوط التي تتعرض لها المطلقة من المحيطين بها.
واهتم الراديو بعرض وجهة نظر الطرف الآخر، فكان برنامج "يوميات مطلق" الذي قدّمه رجل مرّ بتجربة طلاق، وقدّم من خلاله نصائح رجالية للزوجات ربما تحميهن من الوقوع في فخ الطلاق. واستهدف الراديو أيضاً المتزوجات الراغبات في الطلاق من خلال برنامج "قبل ما تقولي يا طلاق"، بهدف توعيتهن على أن ليست المشاكل الزوجية كلها تستوجب الطلاق، وتعريفهنّ إلى الأخطاء التي تقع فيها الكثير من المطلقات، بالإضافة إلى برامج تستهدف الفتيات المقبلات على الزواج وأخرى تشجع على التعايش الإيجابي داخل المجتمع.
وأكّدت صابر أن "هدف الراديو لم يكن تذكير المرأة المطلقة بخيبتها في الحياة ونكء جراحها، إنما بث الأمل فيها ومنحها القوة حتى تستطيع استئناف حياتها من جديد". وأضافت أنه "جاري تحديث برامج الراديو لإعادة بثه من جديد قريباً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 17 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت