النقص في عدد الإعلاميات في المنطقة، أو بمعنى أصح نقص عدد العاملات في الحقل الإعلامي، كان أحد أهداف انطلاقة إذاعة "جين أف إم" JIN.FM، كأول إذاعة نسائية تبث عبر أثير الـFM في سوريا، بحسب وصف مديرة الإذاعة شيرين إبراهيم.
الانطلاقة
انطلقت في 12 أكتوبر 2014 إذاعة "جين إف أم"، أول إذاعة نسائية مستقلة في سوريا كما تصف نفسها، في مدينة عامودا شمال شرق سوريا، بكادر نسائي بامتياز. واستغرق العمل لإنجازها قرابة العام، تلقت العاملات خلاله تدريبات في إذاعة "آرتا إف أم".
تبدأ الإذاعة، التي تتبع لمنظمة "آرتا"، بثها بتأهيل 10 فتيات على إعداد البرامج والتقديم، مع وجود 4 عاملات سابقات. وهي تعدّ أحد مشاريع مركز جين للتدريب الإذاعي للنساء، وهو أول مركز مستقل يعمل على تأهيل وتدريب المرأة في مجال العمل الإذاعي في سوريا.
تقول مديرة الإذاعة شيرين إبراهيم: "الإذاعة ستبث في الفترة الأولى تجريبياً 4 ساعات، من 12 ظهراً حتى 4 عصراً على الموجة 104 وتغطي مدينة عامودا وريفها بشكلٍ مبدئي".
الهدف
فكرة إنشاء الإذاعة انطلقت بحسب إبراهيم، من داخل إذاعة "آرتا إف أم"، التي تعمل فيها مذيعة ومقدمة برامج. وهي تبث في غالبية مدن محافظة الحسكة وكوباني. وتقول: "من خلال عملنا اليومي، لاحظنا نقصاً فعلياً في عدد الإعلاميات في المنطقة، عدا أنه مع مجريات الثورة السورية، وما خلفته من آثار شملت المرأة السورية وأثرت عليها، مثل عدم إكمال الدراسة الجامعية وشح فرص العمل، وازدياد حالات الهجرة، وطغيان الفكر الذكوري في المجتمع، كان لا بد من التفكير في مشروع يخدم النساء في المنطقة".
وأشارت إلى أن "دورها لن يقتصر على توفير فرص عمل للفتيات فقط، بل السعي لطرح المشاكل اليومية المتعلقة بالمرأة، وعدم حصر طاقاتهن في العمل المنزلي". بدأت الإذاعة البث في أغسطس 2014، وتضيف إبراهيم: "في مايو 2014 تم فتح باب التوظيف للراغبات، والمقابلات تركزت على اختبار ثقافة عامة، ليتم اختيار 10 فتيات، منهن من استطعن الحصول على وظيفة في إذاعات أخرى وهو أحد أهداف المركز، وبقي منهن 4 متدربات، وأُضيفت متدربات أُخريات مع انطلاق البث".
نظرة المجتمع
انطلاقة الإذاعة شكّل تحدٍ كبير للفريق، لكن حضور العديد من أهالي المدينة ووفود منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمؤسسات الإعلامية، كان محفزاً قوياً للفريق، "لقد لمسنا ترحيباً، وإعجاباً بتجربتنا وعملنا"، تقول شيرين إبراهيم.
وترى ساندي حسو، إحدى الإداريات في الإذاعة أن "المجتمع ذكوري ولا بد من وجود صعوبات لتقبل الفكرة، خصوصاً أن المرأة دوماً تكون الند للرجل في ميادين العمل ونشاطات الحياة"، مؤكدة أنهن سيعملن على "إثبات أن المرأة قادرة على الاعتماد على نفسها والقيام بكل الأعمال".
مقالات أخرى
SheCab، تاكسي للنساء فقط وسط رفض مجتمعي
"مطلقات راديو": أول إذاعة عربية على الإنترنت لدعم المُطلّقات
وتلفت إبراهيم إلى أن "المغزى من عمل الإذاعة ليس التوجه للنساء فقط، بل كسب الأسر في المنطقة، بطرح مواضيع تعني أفرادها وتمس حياتهم اليومية، لكن بنكهة نسائية خالصة". واستطاعت إذاعة "آرتا إف أم"، أن تلقى انتشاراً واسعاً في المنطقة، من خلال تركيزها على الطابعين المحلي والمجتمعي، ووجود عشرات العاملين فيها، ومكاتب تغطي غالبية مدن المنطقة.
البث واستمراريته
تعتقد شيرين أن "كثرة الإذاعات يعدّ دافعاً للتطوير الذاتي، وله فائدة تعود على المنطقة عموماً بتنوع محتواها"، لكنها لا تنكر الخشية من مسألة التمويل الذي يحدد الاستمرارية والاستقرار للإذاعة والعاملين فيها، خصوصاً أن غالبية المؤسسات الإعلامية الحديثة، التي تم إنشاؤها بعد الثورة السورية تموّل من الخارج، فيحدث أحياناً فرض شروط من الممول، وهذا ما يثير مخاوف من انقطاع التمويل، "لكن إرادة العمل والتغيير الدائم والتقدم في الأداء يلغي جميع المخاوف"، تضيف شيرين. وتطمح الإذاعة إلى زيادة ساعات البث عبر تنويع البرامج، والتفكير مستقبلاً بتوسيع نطاق البث ليشمل مدن المنطقة كلها.
المضمون
بحكم أن الإذاعة مجتمعية تدريبية، سيكون هدفها نشر البرامج الثقافية والاجتماعية في مجالات عدة كالصحة والبيئة والحقوق، ونبذ الكراهية ونشر قيم التسامح والعيش المشترك. وستتجنب في الفترة الأولى، بحسب إبراهيم، "الحديث في المواضيع السياسية لأنها حساسة وتحتاج لخبرة واسعة".
وتؤكد مالفا عثمان، وهي مذيعة في الإذاعة، أن التوجه للحديث عن مسؤوليات المرأة أهم بكثير من التطرق للبرامج السياسية، مضيفةً أن مهمتهم "تتمثل في إيصال صوت المرأة إلى العالم، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها".
ويختلف دور المرأة في مجتمع الجزيرة، الذي يشكل غالبية كردية، عن الكثير من المناطق السورية الأخرى، على صعيد منحها حيزاً للعمل في مجالات الحياة المجتمعية والسياسية. فهي حاضرة في جميع الأطر السياسية والثقافية والأدبية والمجتمعية، عدا مشاركة المرأة الكردية ولعبها دوراً كبيراً في الواقع العسكري، مع إعلان الإدارة الذاتية من قبل حركة المجتمع الديمقراطي.
تعتبر جين إف إم من الإذاعات الأولى التي تبث عبر الـ"FM"، لكنها ليست الأولى المتخصصة في مجال المرأة، إذ سبقتها إذاعة "راديو سوريات" التي اقتصر بثها على الانترنت. وهي تصف نفسها بأنها أول إذاعة سورية مخصصة للمرأة تهدف لخلق حالة من التفاعل مع قضايا النساء وحقوقهن، وتناول مواضيع نسوية مختلفة، ورؤية تتضمن إدماجاً كاملاً ومتساوياً للمرأة السورية في المجتمع، من خلال تسليط الضوء على مشاكلها.
ومع انطلاقة الثورة السورية تشكلت العديد من المؤسسات الإعلامية، بعد شح شهدته سوريا على صعيد المؤسسات الإعلامية، التي اقتصرت على مؤسسات السلطة فقط، كما تشكلت عشرات الإذاعات، يُعتقد أن عددها أكثر من 20، تنتشر إما في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام داخل سوريا، أو في دول الجوار مثل لبنان وتركيا والأردن. وتعتمد غالبيتها على البث عبر الانترنت لصعوبة الانتشار على الأرض، بينما بعضها يبث عبر موجات الـ"FM". وتعتمد برامج مختلفة سياسية وفنية وثقافية واقتصادية، وبعضها يهتم بالشأن الإنساني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...