فلسطينيّو الـ48، أو عرب الداخل الفلسطيني، هم السكان الفلسطينيون الذين ظلوا في أرضهم بعد حرب 1948، برغم أن إسرائيل طردت نحو 85% منهم، ودمرت 531 تجمعاً سكانياً، واحتلت أكثر من 78% من مساحة فلسطين قبل النكبة.
هكذا أصبح أكثر من 155 ألف مواطن تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة والمباشرة، واعتبروا مواطنين إسرائيليين. وتشير إحصاءات عام 2014 إلى أن عددهم جاوز الـ1.5 مليون، يقيمون في ثلاث مناطق رئيسة: جبال الجليل، والمثلث، وشمال النقب.
وعلى الرغم من أنهم يمثلون نحو 21% من المواطنين، واعتبارهم ظاهرياً مواطنين متساوين في الحقوق مع الإسرائيليين، فإن عرب الداخل الفلسطيني يعانون من اضطهاد عرقي وديني، وتمييز عنصري على كل المستويات.
سياسة قضم الأراضي وهدم البيوت وحجب الخدمات
يعد اكتظاظ المساكن كارثة سكنية بالنسبة إلى عرب الداخل الفلسطيني، نظراً إلى حاجتهم لآلاف المساكن الجديدة، في الوقت الذي تتم فيه عملية مصادرة الأراضي، وتستمر سياسة هدم البيوت. ولا يقتصر الأمر على عدم التوسع، إنما يمتد إلى قضم الأراضي العربية.
وهذا ما يحصل في قرية دهمش البالغ عدد سكانها 700 نسمة، إذ أشار عضو اللجنة الشعبية للقرية عرفات اسماعيل إلى أنه "قبل نكبة 1948، كان في القرية 10 منازل، أما اليوم ففيها 80، وترفض السلطات الإسرائيلية ترخيص أي من المنازل التي أقيمت عقب قيام إسرائيل بحجة أن الأرض زراعية".
الاعتداء على خلفية عنصرية
حكى حسن يوسف جبارين لرصيف22 عن تفاصيل الضرب المبرح، الذي تم في حق زوجته وبناته وأبنائه على يد الشرطة الإسرائيلية عام 2014: "توجه أفراد من عائلتي إلى المتنزه في تل أبيب، وقبل وصولهم، كان ابني محمد وعلاء يقفان بسيارتهما في أحد مفارق الطرق، يتناقشان مع سائقة دراجة نارية اصطدمت بسيارتهما، وادعت أن أحدهما تسبب بسقوطها، في حين كان يخبرها أنها المسؤولة عن ذلك. وإذ بوحدة خاصة مكونة من 6 أفراد من الشرطة الملثمين يترجلون من سيارة ويهاجمون ابنيّ من دون سابق إنذار أو سؤال".
وأضاف: "ضربوهما بصورة وحشية وقاسية، حينذاك حاولت ابنتي ردعهم، فأمسك أحدهم برقبتها وشدها وضربها بقوة، ثم قام آخرون بجرها وسحلها على الإسفلت، واعتقلوا ابني محمد، وتم نقل الآخرين إلى المستشفى".
يقول جبارين: "تحدى ابني أثناء التحقيق معه أن تُظهر الكاميرات المثبتة في منطقة الحادث، أن يكون هو من تسبب بسقوط المرأة، فأطلقوا سراحه من دون معاقبة فرقة الشرطة الخاصة".
الفصل على خلفية الانتماء
فصلت وزارة المعارف الإسرائيلية عام 2011 مثلاً، الدكتور شريف أبو هاني، أستاذ المدرسة الثانوية في مدينة رهط بسبب آرائه. قال أبو هاني: "نتيجة لآرائي تم فصلي، ووجهت لي تهمة تحريض العرب في الداخل الفلسطيني على عدم التجنّد في الجيش الإسرائيلي".
مقالات أخرى
لماذا تسهّل إسرائيل بين فترة وأخرى دخول أهالي الضفة إلى الداخل؟
67 عاماً على النكبة الفلسطينية
وأضاف: "اعترضت على القرار لدى الوزارة، ثم استأنفت أمام محكمة العدل العليا في القدس متأملاً إنصافي، فعقدت جلسات عدة للمحكمة، كان آخرها قبل عامين، ألمح خلالها القضاة إلى أنني إن لم أقم بسحب طلب الاستئناف، فسيتم اتخاذ قرار ليس لمصلحتي وتغريمي 50 ألف شيكل. فاضطررت إلى سحب الملف، وأُبقي على قرار فصلي".
عنصرية الإعلام الإسرائيلي
كذلك تناولت الصحافية والناشطة الحقوقية والاجتماعية روزين عوده من مدينة الناصرة شكلاً آخر من أشكال التمييز، هو عنصرية الإعلام الإسرائيلي تجاه العرب. وقالت إن "حوادث عدة وقعت، من حوادث سير أو انفجار مبنى، لم يخصص الإعلام الأسرائيلي لها الحيّز والمساحة الإعلامية الكافيين".
وتضيف: "حتى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية، لا توظّف عرباً كمراسلين أو منتجين أو صحافيين ومحررين، إلا في ما ندر، والبرامج باللغة العربية قليلة جداً، أو تذاع في ساعات متأخرة جداً من الليل. وغالباً ما يتم تجاهل استضافة أي عربي".
وقال مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان في الناصرة المحامي مصطفى سهيل محاميد: "في التوظيف نسبة الفلسطينيين 20%، ونسبة العاملين كموظفين في الشركات المملوكة للدولة لا تتعدى 3%، وفي التعليم والبنى التحتية، الميزانيات التي ترصد للمدن والتجمعات الإسرائيلية تفوق بأضعاف ما يرصد للوسط العربي".
العنصرية بغطاء قانوني
سن البرلمان الإسرائيلي عدداً كبيراً من القوانين المتعاقبة بهدف تثبيت وتعزيز التفرقة العنصرية، وترسيخ فكرة يهودية الدولة، اعتماداً على الغالبية اليهودية، مثل قانون الجنسية الإسرائيلية، الذي يخول المحكمة سحب المواطنة من كل من يدان في مخالفة تمس بأمن الدولة، والقسم لمن يحمل الهوية الإسرائيلية بيهودية الدولة، بما يهيئ لسحب الهوية ممن لا يقبل ذلك من العرب، وطرده من أرضهم. وقانون خصخصة أراضي اللاجئين الذي يمكن الدولة من نقل مساحات شاسعة من الأراضي المصادرة من الفلسطينيين إلى إسرائيل.
وتطول قائمة القوانين العنصرية المشابهة، أو مشاريع القوانين المقترحة، كمقترح قانون اللغات الهادف إلى شطب اللغة العربية كلغة رسمية. النائب عن الجبهة الديمقراطية في القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، عايدة توما سليمان قالت إن "سياسة التمييز التي تمارسها إسرائيل لها قوانين تدعمها، فأصبح التعامل مع المواطن العربي الفلسطيني، كأنه مواطن من الدرجة الثانية".
على الحائط شعار "فليرحل العرب"التمييز من خلال ميزانيات التطوير
وأضافت سليمان: "بالنسبة إلى الميزانيات المخصصة للتعليم أو للسلطات المحلية أو للتطوير، أو لخلق أماكن عمل، فإن التمييز الذي يمارس ضد العرب واضح، كأن تمنح القرى أو المدن الإسرائيلية ميزانيات ومنحاً إضافية تسمى ميزانيات تطوير، ليست جزءاً من الميزانية الأساسية".
التمييز في مجال الصحة
وأكدت سليمان أنه "لم تتم إقامة مستشفى عربي واحد في أي قرية أو مدينة عربية، منذ عام 1948. والمستشفيات الـ3 الموجودة في الناصرة، تعاني من تضييق الخناق عليها، وعدم تمرير الميزانيات لها بالشكل الكافي. إن المراكز الطبية المتطورة الخاصة بالتصوير الطبقي وما إلى ذلك، غير موجودة في أماكن قريبة من القرى والمدن العربية، وهذا ما يجعل الحصول عليها صعباً، وبالتالي عدم تطوير تلك المراكز في قرانا ومدننا يعد شكلاً من أشكال التمييز".
عُمق الفقر
وفق أحدث الإحصاءات، بحسب ما تؤكد سليمان، فإن "بين 53% و60% من العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر، بينما لا تتجاوز النسبة 35% لدى الإسرائيليين". وتشير إلى أن "الحكومة الإسرائيلية قدمت منحاً للعائلات الفقيرة لإخراجها من دائرة خط الفقر، عبر إعطاء فرص عمل أكبر. فاتضح أن إضافة مخصصات للعائلة الفقيرة رفعت العائلات اليهودية إلى ما فوق خط الفقر، بينما العائلات العربية لم تجتز ذلك الخط".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...