تتعدد الاتجاهات الحزبية داخل إسرائيل، وهناك العديد من الجمعيات التي تأخذ منحى مضاداً للحكومة الإسرائيلية. وظهرت مع بداية التسعينات جمعيات يسارية عدة نددت بسياسة الاحتلال. فهل هناك حركات سلام حقيقية في إسرائيل؟ وما هي أشهرها وكيف تتعامل مع القضية الفلسطينية؟
هل هناك بالفعل حركات سلام؟
"لا يوجد حركات سلام حقيقية في إسرائيل الآن، فهي فقط لتلميع صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي"، يقول د. طارق فهمي، أستاذ السياسة العامة والخبير في الشؤون السياسية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، وعضو شبكة مراكز الأبحاث الاستراتيجية في واشنطن. وأضاف: "يجب أن نسأل أولاً هل هذه الحركات مؤثرة في الرأي العام الإسرائيلي أم لا؟ هل استطاعت تحقيق اختراقات في المواقف الإسرائيلية الرسمية طوال الفترة الماضية، هل لها تأثير في الإعلام؟ هذه الجماعات لم يعد لها تأثير مباشر في صنع القرار الإسرائيلي، نتيجة بعض الأمور المتعلقة بهذه الجمعيات، وانحسار دورها وتحولها من دور توجيهي للرأي العام لدور تطوعي. أي تكتفي بالوجود الصوري فحسب. لكن هناك جماعات لا تزال قائمة خصوصاً تلك التابعة للأحزاب، والتي تركز في معظم نقاشاتها على حل الدولتين لشعبين، وغالبيتها حركات ضد الاستيطان". وعن انتماءات تلك الجماعات والأحزاب، قال فهمي: "غالبية هذه الجماعات تنتمي لأحزاب يمين اليسار في إسرائيل"، مشيراً إلى أن أشهر الحركات الموجودة هي "السلام الآن".حزب ميرتس
يعتبر حزب ميرتس أكثر الأحزاب الإسرائيلية يسارية، ويدعو بشكل واضح وصريح إلى إنهاء الاحتلال والصراع بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، في إطار حل الدولتين لشعبين، على أساس حدود 67، مع وجود عاصمتين في القدس للدولتين. وأكد في حملته الانتخابية الأخيرة على ضرورة الرضوخ لمبادرة السلام العربية التي تقضي بحل النزاع بشكل دائم، مع وقف البناء في المستوطنات.حركة السلام الآن
ظهرت حركة السلام الآن عام 1978. هدفها الأساسي هو التوصل لسلام دائم مع العرب، من خلال أطروحة دولتين لشعبين. وصفها الإعلام الإسرائيلي بالقلب النابض لحركات السلام الإسرائيلية، وتهدف بشكل كبير للحد من الاستيطان في فلسطين. وعام 2013، وجه رئيسها ليؤر أميهاي رسالة واضحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مفادها إيقاف عمليات الاستيطان بشكل فوري، لأنها عائق كبير لمفاوضات السلام. وتعرف الحركة عن نفسها: "نحن مع حق إسرائيل في الحدود الآمنة، ونقدم حل الدولتين لشعبين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ونؤمن أن الدور الخاص لإسرائيل هو أنها ديمقراطية حرة، وتحمل مواطنيها عبء حقوق الإنسان الأساسية مثل الحرية والعدل والمساواة لكل أبناء المنطقة". وتضيف في التعريف عنها: "نعمل على خلق ضغط شعبي على صانعي ومتخذي القرار، عن طريق الأنشطة الميدانية والتعليمية، لتغيير المواقف".منظمة بتسيلم
من أبرز منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل، تأسست عام 1989، من خلال مجموعة من الحقوقيين والمفكرين، والصحافيين، وأعضاء الكنيست. مطلبها الأساسي احترام حقوق الإنسان العربي والإسرائيلي، ومواجهة الحكومة بانتهاكاتها، من خلال توثيق الجرائم ونشرها للجمهور وعرضها على صانعي القرار. وتؤكد على سعيها لمحاربة الإنكار في المجتمع الإسرائيلي، والمساهمة في نشر ثقافة حقوق الإنسان.تعرّفوا على أبرز المنظمات والجمعيات الإسرائيلية المناصرة للفلسطينيين وقيمتها الفعليةيعتمد المركز على التحقيق الميداني في توثيق تقاريره، لذلك تحظى هذه التقارير باهتمام كبير. وهو نشر تقارير حول عمليات التعذيب، وإطلاق الرصاص من قبل القوات الإسرائيلية. وكتب عن فرض القيود على حرية التنقل، ومصادرة الأراضي والتمييز في مجال التخطيط والبناء في شرقي القدس، والاعتقالات الإدارية وأعمال العنف التي يمارسها المستوطنون وغيرها". بحسب ما ورد على موقع المنظمة.
منظمة يكسرون الصمت
تأسست عام 2004 من بعض الجنود الإسرائيليين السابقين والحاليين. تعرف المنظمة عن نفسها على موقعها الرسمي بأنها "مجموعة من المحاربين القدامى الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي بعد الانتفاضة الثانية، وأخذت على عاتقها كشف وفضح أعمال إسرائيل في الأراضي المحتلة". وتهتم المنظمة بنشر الصور والتسجيلات الصوتية، التي تبين الانتهاكات التي يرتكبها الجنود الإسرائيليون. وقد هاجمها وزير الدفاع السابق موشيه يعالون في ديسمبر الماضي، معتبراً أنها تسوّد تاريخ ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي. وتحاول المنظمة إقناع الإسرائيليين أن ممارسات الجيش خطر عليهم، من خلال إلقاء محاضرات وتنظيم بعض الفعاليات.حركة جوش شالوم
على الرغم من أن عدد أفرادها قليل مقارنة بأعداد غيرها من حركات السلام المناصرة للقضية الفلسطينية، فإنها منذ اللحظة الأولى لظهورها عام 1993، عارضتها الحكومة الإسرائيلية، بقيادة إسحاق رابين. فقد ظهر نشاطها الأول إثر إقدام حكومة رابين على طرد 400 مناضل من الفلسطينيين إلى الحدود اللبنانية. وترى الحركة ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وإزالة المستوطنات، والانسحاب من القدس، لذلك تلقى معارضة من اليمين المتشدد. أسس الحركة أوري أفنيري، الذي ألف كتاب "إسرائيل بدون صهيونيين"، وتقول الحركة على موقعها الرسمي إنها تعمل على التأثير على الرأي العام الإسرائيلي، على أمل أن تثمر جهودها لسلام ومصالحة مع الفلسطينيين، وذلك وفق مبادئ أبرزها إنهاء الاحتلال، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والسيادة على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في 1967. كما إعادة الخط الأخضر كحد بين إسرائيل وفلسطين، مع إمكان تبادل بعض المناطق بين الجانبين من خلال اتفاق. وتكون الحدود مفتوحة لحرية حركة الأشخاص والبضائع، وفقاً لاتفاق متبادل. اعتبار القدس عاصمة للدولتين، فالشرقية بمحيط المساجد عاصمة لفلسطين، والقدس الغربية، ومن ضمنها الحائط الإبراهيمي عاصمة لإسرائيل، وتوحيد المدينة وبلدياتها بناءً على اتفاقات مشتركة. والاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، مع حق اللجوء الحر للعائدين إلى إسرائيل أو فلسطين حسب رغبتهم.اللجنة العامة لمناهضة التعذيب
انتهج الشاباك الإسرائيلي سياسة التعذيب الممنهج ضد مَن يعتقلهم، فنشأت تلك الحركة عام 1990. نشاطاتها محدودة مقارنة باللجان السابقة، ومن خلال موقعها الرسمي، تتلخص رؤيتها في أن التعذيب لا يتسق مع القيم الأخلاقية والإنسانية والديمقراطية، ويؤكدون عملهم وفق القانونين الدولي والإسرائيلي. وأشارت اللجنة إلى أنها تعمل من أجل كل الإسرائيليين والفلسطينيين، وتندد بكل حالات تعذيب تقوم بها أجهزة الأمن الإسرائيلية أو مصلحة السجون، أو أي سلطة أخرى. ورصدت اللجنة في تقاريرها التي قدمتها للحكومة بعض حالات التعذيب، مثل وضع أكياس عفنة على وجوه المعتقلين أثناء التحقيقات، أو الضرب، ومنع النوم، أو الحبس الانفرادي.مراكز وجمعيات أخرى
يصل إجمالي الجمعيات والمنظمات الحقوقية في إسرائيل إلى نحو ست عشرة، منها منظمة "أطباء لحقوق الإنسان". تأسست المنظمة عام 1988، وهدفها مناهضة التعذيب في مراكز وسجون الاعتقال الإسرائيلية. وتعارض مشاركة رجال الطب في التعذيب، وتحاول العمل على إنهاء الاحتلال، وتحاول توفير الرعاية الطبية للجميع. وهناك أيضاً منظمة "يش دين"، التي تأسست عام 2005، وهدفها تفعيل القانون وعدم القمع في التعامل مع الجرائم، وترسيخ مفهوم حقوق الإنسان. وكان لها عام 2007 مشروعان كبيران الأول يهدف لتطبيق القانون على الإسرائيليين ومنعهم من انتهاك حقوق الفلسطينيين، والثاني يهدف لتفعيل إجراءات التقاضي السلمي في المحاكم من أجل إعطاء كل ذي حق حقه.شخصيات إسرائيلية مؤيدة للقضية العربية
جدعون ليفي
من أكثر الكتاب الإسرائيليين اليساريين هجوماً وانتقاداً للممارسات الإسرائيلية، له مقال أسبوعي في صحيفة "هآرتس"، ينتقد فيه الأوضاع الداخلية الإسرائيلية، أو سياسة الجيش المحتل. اعتقلته السلطات الإسرائيلية في ديسمبر 2014، بتهمة البصق على وجه أحد الجنود الإسرائيليين عند حاجز عسكري إسرائيلي. تناول الكاتب التجاوزات الإسرائيلية والانتهاكات بحق الفلسطينيين والاقتحامات المتكررة للمنازل، ناهيك بمخالفة اتفاق جنيف، والضرب باتفاقات السلام عرض الحائط. ومن ضمن المقالات التي كتبها وأحدثت ضجة كبيرة، مقالة كشف فيها أن الجيش الإسرائيلي يقتل الأفارقة في منطقتي حولوت والأغوار بالبرد القاسي والكلاب المتوحشة. ويستخدم شتى أنواع التعذيب التي تتبعها أجهزة الأمن بمختلف فروعها ضد المعتقلين الأفارقة، لمنع وصولهم لإسرائيل وثني الفلسطينيين عن البقاء في منازلهم.اللائحة السوداء
ظهر بعض المحاضرين الإسرائيليين اليساريين المناصرين للقضية الفلسطينية والمطالبين بضرورة وقف أعمال القمع والاحتلال. ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية لائحة، أسمتها اللائحة السوداء، تتحدث عن هؤلاء الأكاديميين، وعددهم 20 محاضراً عربياً وإسرائيلياً. وفي المقابل، ظهرت حملة من اليمينيين تدعى "زوه أرتسينو" التي تعني "هذه بلادنا"، مطالبين الجامعات بضرورة وقف هؤلاء الأساتذة، وإلا فسيلجأون إلى الجهات المانحة خارج إسرائيل لوقف تمويل هذه الجامعات.فيلم مفرق 48 (Junction 48)
الفيلم للمخرج أودي ألوني، الذي ينتقد إسرائيل على الدوام، وفي عمله هذا هاجم العنصرية والكراهية في المجتمع اليهودي، والقانون الإسرائيلي الذي لا يعترف بحقوق الفلسطينيين المهجرين بعد إقامة الدولة. الفيلم دفع وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريجيف إلى القول إن صناديق وزارة الثقافة لن تمول أي أعمال فنية لهذا المخرج بسبب انتقاده اللاذع لإسرائيل.هل من أهمية لهذه الجمعيات؟
ما هي أهمية وجود جمعيات كهذه وشخصيات بالنسبة للعرب، ولماذا هي ضعيفة؟ وكيف يجب أن يتعامل معها العرب؟ للإجابة عن ذلك، قال فهمي: "هي فقط موجودة صورياً، ولكن هنالك اتصالات وعلاقات بين الجانبين العربي والإسرائيلي". وأكد: "تلك الأحزاب والجمعيات اليسارية مع الأحزاب العربية، خصوصاً الحزب الشيوعي، لها صوت. فإن كان لها قيمة ووزن وتستطيع التأثير في قرار دولتها، فلا بأس من التواصل معها، لكن تأثيرها الراهن لن يغير في الخريطة السياسية، مع تصاعد اليمين في العالم كله".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...