الفيلم العربي على التلفزيون الإسرائيلي... وصفه موقع القناة الثانية الإسرائيلية بالحدث الرئيسي ليوم الجمعة، كما وصفه أحد المواقع الإسرائيلية بأنه الحلوى الثقافية.
البداية
بدأ عرض الأفلام العربية وخاصةً المصرية على التلفزيون الإسرائيلي منذ عام 1968، مباشرةً بعد حرب العام 1967 المعروفة بحرب الأيام الستة. واستمر تقليد عرض فيلم عربي كل يوم جمعة في تمام الساعة السادسة مساءً حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي. وكان يجذب عدداً كبيراً من المتابعين العرب والإسرائيليين الغربيين. ويحكي الكاتب الإسرائيلي يوريم فريد في مقالة كتبها في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بتاريخ 23 مايو 1980 التالي: "نهار الجمعة في تمام السادسة مساءً، نفتح جهاز التلفاز، وبعد موجز الأخبار بالعربية يبدأ الفيلم العربي مع ترجمة للعبرية. كنّا نعرف أبطال العمل وجميع الشخصيات، ومن الأدوار المختلفة كنا نستطيع الوصول إلى تركيبة لا نهائية من الدراما الأسرية". ويتحدث الكاتب عن تجمع العائلة حول الأفلام المصرية، مؤكداً أنها كانت عاملاً مهماً لتعلّم مفردات عربية، خاصة في ظل تنوع الأفلام المعروضة بين الكوميديا والدراما والميلودراما وأيضاً الأفلام التراجيدية التي تنتهي بوفاة البطل أو غيرها.تغيير الترتيبات
وفي تقرير نشرته في 23 مايو 2010، أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الأفلام كانت تُعرض على القناة الإسرائيلية الأولى الناطقة بالعبرية حتى بداية التسعينيات. وأضاف التقرير الذي كتبته ميريف يوديليفيتش أن الفيلم العربي بدأ بثه عام 1968 مع بداية بث التلفزيون الإسرائيلي، وظل مستمراً حتى قررت سلطة البث تخصيص وقت الفيلم العربي لمصلحة برامج أخرى في القناة الأولى، فتم نقل عرض الأفلام العربية إلى القناة 33. الأمر نفسه أكده الباحث درور سبارو. وقال: "في بداية التسعينيات حدث تغيير كبير في التلفزيون الإسرائيلي مع تأسيس القناة الثانية التجارية. وقررت سلطة البث التابعة للدولة تقسيم بثها إلى قناتين، ونقلت البرامج العربية إلى قناة 33 منذ عام 1994 ويستمر هذا إلى اليوم".جمهور الفيلم العربي
ويستعرض سبارو ذكريات العائلة التي كانت تتجمع حول الشاشة الصغيرة ويقول: "جدي كان أشكنازياً من بولندا، لكنّه كان يشاهد كل جمعة الفيلم المصري، وأصحابه كانوا يشاهدون هذه الأفلام أيضاً. المشاهدون لم يكونوا فقط يهوداً شرقيين أو عرباً." وروى سبارو أنه "في الثمانينيات كنت طفلاً، وفي تلك الأيام كانت قناة إسرائيلية واحدة بثت بالعبرية والعربية. ونهارالجمعة كانت البرامج بالعربية موسّعة، ربما لأن الجمعة هو يوم عطلة للمسلمين". وتابع "في السادسة مساءً كانوا يبثون الفيلم العربي وهو كان فيلماً مصرياً. في عائلتي لم يكن أحد يفهم العربية، فأجدادي تحدثوا الييديشية والعبرية. ولكن الفيلم كان مترجماً للعبرية". وأضاف: "أهلي لم يحبّوا تلك الأفلام، لكن جدي تحديداً أحبّها. فكان كل جمعة يشاهد فيلماً مصرياً مع جدتي وأصدقائهما خاصة أنه كانت توجد ترجمة للأفلام وأحياناً دبلجة". وروت إستر يشورون، 62 عاماً، وهي ابنة ابن أخ الفنانة ليلى مراد وترجمت أكثر من 1000 أغنية من العربية للعبرية، أنه "حينما كنت طفلة شاهدت أفلاماً عربية جميلة مثل فيلم "معبودة الجماهير" من بطولة عبد الحليم حافظ، وأفلام من بطولة فريد الأطرش وإسماعيل ياسين ومحمود عبد العزيز وغيرهم من الفنانين من المصريين".وثائقي "الفيلم العربي"
راجت مشاهدة الفيلم العربي بين الإسرائيليين. وقال المخرج الإسرائيلي المعروف إيال ساجي في مقابلة مع موقع "المصدر" الإسرائيلي في مايو الماضي: "ترعرعت في عائلة تشاهد الفيلم المصري كل جمعة، وأصبح الأمر مألوفاً رغم العداء بين إسرائيل ومصر". وقد أنتج ساجي مع زميلته سارة تسفروني فيلماً وثائقياً إسرائيلياً عن ظاهرة الفيلم المصري والعربي، بعنوان "الفيلم العربي"، وحاولا الإجابة عن سؤال لماذا تعلّق الإسرائيليون بمشاهدة الفيلم المصري رغم حالة العداء؟ كما طرح الفيلم تساؤلاً حول كيفية انتقال هذه الأفلام أساساً إلى إسرائيل.كيف حصلت إسرائيل على الأفلام؟
عن دخول الأفلام العربية إلى إسرائيل، شرح درور سبارو أن "الحصول على الأفلام المصرية كان سهلاً على ما يبدو. وما أعرفه هو أن التلفزيون الإسرائيلي حصل على هذه الأفلام عن طريق الضفة الغربية، وصاحب فكرة بث الفيلم العربي بشكل عام على القناة الأولى الإسرائيلية كان يهودياً من أصل عراقي ويدعى سليم فتال". وأجرى سليم فتال مقابلة مع موقع "والا" الإسرائيلي في يونيو 2015، ولكنّه لم يوضح طرق تهريب الأفلام المصرية والعربية إلى إسرائيل. إلا أنه يشير إلى أنه كان هنالك أشخاص ساعدوه في عمله. وقال إيال ساجي في مقابلة مع موقع "تايم أوت" الإسرائيلي أن بلاده جلبت أيضاً أفلاماً من سوريا ولبنان مثل أفلام دريد لحام، لكنه اعتبر أن النجاح كان حليفاً للأفلام المصرية. وأوضح أن بعض الأفلام كانت تُعرض في دور عرض في القدس عن طريق أردنيين، وكان يتم نسخها على شرائط فيديو، وبعد ذلك تُبثّ على التلفزيون الإسرائيلي.لماذا نجح الفيلم المصري؟
في حديثها عن أسباب نجاح الفيلم المصري والعربي، تشير إستر يشورون إلى أن أهم سبب هو أن العديد من يهود الدول العربية هاجروا إلى إسرائيل، مثل يهود مصر والعراق وسوريا، والعربية هي لغتهم الأصلية، لذلك فهم يعشقون الأفلام والمسرحيات العربية. كما تشير إلى كثرة المسلمين والدروز العرب في إسرائيل. وقالت يشورون أن فيلم "رسالة من إمرأة مجهولة" من بطولة فريد الأطرش ولبنى عبد العزيز كان من أجمل الأفلام التي شاهدتها على شاشة القناة الأولى الإسرائيلية. وفي سياق متصل، تعتبر إسرائيل أن السينما والدراما المصرية مرآة لما يدور في المجتمعات العربية. وتعلّق القناة الثانية الإسرائيلية على عرضها لفيلم "أولاد العم" من بطولة كريم عبد العزيز ومنى زكي، بأن "السينما المصرية سياسية تعليمية وتخدم أهداف النظام"، وتشير إلى أن جزءاً من أهداف السلطة من هذا الفيلم أنها أرادت في هذا التوقيت تذكير المصريين بدور الرئيس الأسبق حسني مبارك في حرب أكتوبر 1973.لا يزال العرض مستمراً
حُوّل بث الأفلام العربية والمصرية من القناة الأولى الإسرائيلية الناطقة بالعبرية إلى القناة 33 الإسرائيلية، وهي لم تتوقف حتى الآن. لكن القناة 33 تبث الفيلم العربي أيام السبت وأحياناً الجمعة. وبالعودة إلى مواعيد البث في القناة الإسرائيلية نجد أنها ستعرض على سبيل المثال السبت القادم في 5 مارس فيلم "مشوار العمر" من بطولة مديحة كامل وفاروق الفيشاوي وممدوح عبد العليم، وتعرض يوم الجمعة فيلم "يا دنيا يا غرامي" من بطولة ليلى علوي وإلهام شاهين وهالة صدقي، كما تعرض في اليوم التالي فيلم "المرأة والقانون" من بطولة شيريهان وماجدة الخطيب.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...