يجب أن تتمتع ملابس الرجل الداخلية "برشاقة أبولو، رومانسية بايرون، تميز اللورد شسترفيلد، بساطة وراحة مهاتما غاندي"، بحسب ما ذكر في عدد من مجلة Men’s Wear عام 1933.
السروال التحتي للرجال مرّ في الحقيقة بمراحل عدة، أعيد ابتكاره مراراً وتكراراً عبر التاريخ، متأثراً بالثقافة الاجتماعية المختلفة في كل مرحلة، ليصل إليكم اليوم حاملاً بصمات التاريخ الاجتماعي في قطعة القماش الملتصقة بأجسامكم.
قصة تطور اللباس الداخلي الاجتماعي
من رجل الكهف إلى رجل Calvin Klein، تحولت ملابس الرجل الداخلية، من وسيلة لتغطية وحماية العضو الذكري، إلى مرآةٍ تعكس شخصيته وتخبر أكثر عن علاقته الجنسية مع حبيبته.
انتشار الأديان في أوروبا والشرق الأوسط، هو الذي حكم الأخلاقيات المتعلقة بصورة العضو الذكري في المجتمع، ومنها تحوّل اللباس الداخلي إلى ما هو عليه اليوم. في تقريرٍ على موقع fashion in time، الذي يحكي عن تاريخ اللباس الداخلي لدى الرجل، تسرد المؤرخة Yvette Mahé قصة هذا اللباس بنظرةٍ اجتماعية مثيرة للاهتمام. بدءاً من المئزر الذي هو عبارة عن قطعة قماش واحدة تغطي الأعضاء التناسلية بشكلٍ جزئي، والذي يظهر في رسوم كهفية تعود للعام 5400 ق.م. وهو موجود أيضاً في أعمال فنية وتماثيل تعود إلى حقبة مصر القديمة والحضارة السومرية 3500 عام ق.م.
يبدو أنه تم دفن الفرعون توت عنخ آمون مع 145 قطعة مئزر عليه في العام 1352 ق.م.، وهذا يدل على نظرة فريدة من نوعها للملابس الداخلية آنذاك. التاريخ الأدبي يشير إلى أنه خلال مرحلة ما قبل العصور الوسطى، كان الرجال شبه عراة تحت الرداء أو السترة. وحتى مع ابتكار الجوارب والملابس الداخلية Hoses التي من شأنها إظهار ساقي الرجل ممشوقتين، إلا أنها لم تخف الأعضاء التناسلية لدى ركوب الخيل أو الجلوس بكل بساطة.
حينذاك، بدأت سلسلة انتقادات من الحريصين على الآداب العامة، عن قلة احتشام الرجال في المجتمع، وهذا ما نتج عنه ظهور الحمالة الصغيرة لتغطية الأعضاء التناسلية أو Codpiece، أواخر عام 1300.
لهذا اللباس الداخلي قصة مميزة تعود بنا إلى مرحلة إظهار الرجولة، من خلال التباهي بحجم العضو الذكري علناً. ظهرت تلك الحمالة في البداية على شكل جيبة صغيرة مصنوعة من الكتان توضع بين رجلي الرجل، وتفتح بسهولة من خلال فتح ربطةٍ تعلوها. ثم تحول شكلها إلى كيسٍ سميك أصبح يكبر مع مرور الوقت. ففي بداية القرن السادس عشر استدرك الرجال أنه إذا لم يكن حجم عضوهم الذكري بحجم غرورهم الكبير، فبإمكانهم تكبير حجم عضوهم بطريقة اصطناعية داخل جيبة الـCodpiece، من خلال حشوها بمواد صلبة تخدع البصر.
مع المبالغة بحجم ذلك اللباس والعضو فيه، درجت في تلك المرحلة الجيبة التي تشبه القضيب المنتصب، فيظهر من خلالها الرجل عن كبر وأهمية عضوه وفي كل حالاته للعلن، للتباهي برجوليه، أو حتى ليخفي إصابته بمرض السفلس، الذي كان منتشراً في أوروبا آنذاك. الملوك والنبلاء لم يترددوا أيضاً في المبالغة بحجم ذلك اللباس، وتزيينه بالمجوهرات والزخرفات. إلى أن أتت الملكة إليزابيت في منتصف القرن السادس عشر، وانتقدت بشكلٍ جدي الحمالات المبالغ في حجمها. وكونها امرأة ذات تأثيرٍ على الموضة وقواعدها، عاد ليتقلص حجم ذلك اللباس الداخلي حتى زواله.
مع تطور الصناعة وتأثير الثورات على تنظيم المجتمع، تغير شكل وهدف اللباس الذكوري الداخلي بطريقة سريعة، وبشكلٍ أصبح عملياً أكثر من أي شيءٍ آخر.
اللباس الداخلي الطويل حتى الركبة في أواخر القرن السابع عشر، يغطي حتى أسفل القدمين ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. قميص مربوط بسروال يلبس جسم الرجل كله في قطعة واحدة أوائل القرن العشرين، إلى أن أخذ يتقلص حجمه مع تطور لباس الرجل الخارجي مع مرور السنين.
ظهر أول تصميم Boxer في العام 1925 ليلبسه الملاكمون خلال القيام بنشاطهم الجسدي، كما يدل اسمه. لم يجد إقبالاً عملياً شديداً إلا بعد تقلص حجمه، ليلتصق أكثر بجسم الرجل، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
بطاقة بريدية بسيطة كانت مسؤولة عن ظهور السليب Slip الذي لا يلامس الساقين، استوحاه منها مصمم لدى شركة Wisconsin hosiery company Coopers، على أن يكون شبيهاً باللباس البحري الذي يظهر فيه رجل على البطاقة.
هكذا ولد السليب الذي يسمى Y-front أو jockey short، الذي تطور ليصبح موضة عملت على ترسيخها في المجتمعات الاستهلاكية، ماركات عالمية مثل Calvin Klein، في فيديو كليبات السبعينيات والثمانينيات، وفي أول إعلانٍ عملاق زيّن ساحة التايمز Time’s Square عام 1982.
العلاقة الاجتماعية بين الرجل ولباسه الداخلي تطورت إلى درجة أصبحت حالة صناعة الملابس الداخلية للرجال، مؤشراً مهماً للصحة الاقتصادية. ففي العام 2008 انخفضت مبيعات الملابس الداخلية للرجال بنسبة 12% مع تزعزع الوضع الاقتصادي آنذاك.
رأي المرأة في لباسكم الداخلي
ربما لم تفكروا في الأمر من قبل، ولكن الأمر أشبه بذلك المشهد: حين تقوم امرأة بالتعري أمامكم وتجدون أنفسكم وجهاً لوجه مع لباسٍ داخلي أنثوي يشبه لباس جدتكم! الأمر ينطبق عليكم أيضاً. مواقع عدة بحثت في موضوع ما يعجب المرأة في لباسكم الداخلي. إليكم نبذة عن أشهر التصاميم، الجميلة والسيئة منها:
البوكسر الواسع
هو مجرد قماشٍ زائدٍ تحت الجينز الضيق الذي تلبسونه، ولا يليق كثيراً بالنساء. بالنسبة إلى موقع esquire، قد يكون البوكسر خياراً آمناً إذا كان يليق بجسمكم، لكن ابتعدوا عن اللون الواحد كالأبيض والأزرق، لأنه قد يبدو عليكم كلباس جدكم الداخلي.
البوكسر الصغير الملتصق بالجسم
هو بوكسر عملي لن تشعروا به تحت ملابسكم. النساء ما زلن يعجبن بذلك النوع من الملابس الداخلية. ذلك اللباس يجذب النظر نحو المعدة والفخذين، فإن لم تكونوا واثقين من إحداها ربما عليكم توسيعه بعض الشيء.
السليب الأبيض
هذا الموضوع دقيق، فمن جهة يزود السليب الأبيض الرجل بشعور بالراحة والبساطة، لكن مرور بضعة أشهر عليه يجعله رديء الطلة. عليكم اختيار التصميم الأكثر عصرية، على ذلك الذي يملك فتحة قديمة الطراز.
المرقع
النقشات المرقعة كنقوش الفهد والحمار الوحشي على لباسٍ داخلي ذكوري، هي أشبه بدعابة لن تأخذها أي امرأة على محمل الجد.
السترينغ
إن لم تكونوا راقصي تعر، أو مستلقين على بحرٍ في البرازيل، فذلك السترينغ لن يليق بكم. الاستثناء إذا وجد هو أن يكون الأمر يثير حبيبتكم، وتأكدوا من سماع ذلك مباشرةً منها.
لباس داخلي يبلغ عمره 7 أعوام
هل شعرت أنك مستهدف؟ الأمر افتُضح وأصبح الكل يعلم أن الرجال يحافظون على ملابسهم الداخلية بمعدلٍ طوله 7 أعوام، وفق دراسة دققت في علاقة الرجل الإنغليزي بلباسه الداخلي، العام الماضي. فبعض الرجال يحتفظون حتى بالملابس التي تتخللها فتحات ممزقة جراء تآكل الزمن لقماشها، ويلبسونها!
ربما يعود ذلك إلى أن الرجال لا يكنون الشغف لهواية التسوق، وقد ينتظرون سنوات قبل أن يأتي أحد ويشتري لهم ملابس داخلية جديدة. وربما بعضهم لا يعطي أهمية لتلك القطعة من القماش، التي من شأنها أن تحمي الأعضاء التناسلية فقط لا غير.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...