شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
في لبنان فقط: حديقة عامة ممنوعة على السكان المحليين ومتاحة للأجانب

في لبنان فقط: حديقة عامة ممنوعة على السكان المحليين ومتاحة للأجانب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 21 أغسطس 201607:01 ص

يشكل حرج الصنوبر الممتد على ثلاثين هكتاراً على أطراف بيروت المساحة الخضراء الأكبر في العاصمة اللبنانية التي يعاني سكانها من نقص كبير في الحدائق العامة، رغم ذلك تقفل السلطات أبوابه منذ عقدين بوجه اللبنانيين وتشرعها أمام الأجانب فقط.

وتعلو الأصوات في الآونة الأخيرة للمطالبة بفتح أبواب هذه الجنة الخضراء أمام المواطنين الذين لا يجدون في كل بيروت سوى بضع حدائق لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، يعاني معظمها إهمالا كبيراً، في ظل زحف عمراني خانق.

لكن هذه المطالبات لا تأتي بثمارها، مع إصرار بلدية بيروت على أن هذه الغابة ليست مجهزة ببنى تحتية تخولها استقبال أعداد كبيرة من الزوار. ولذا، يتوجب على من يرغب بالدخول إلى هذه المحمية الطبيعية في جنوب بيروت، أن يكون قد أتم الثلاثين من عمره أو لم يتجاوز العشر سنوات برفقة والديه، وأن يكون قد حصل على إذن دخول صادر عن محافظ بيروت. ويأمل مدرس يدعى ميشال أوصاه طبيبه بممارسة الرياضة أن يحصل على الإذن. ويقول "وقعت على طلب أتعهد بموجبه الحفاظ على الحديقة ونظافتها. وسأتلقى الجواب في غضون عشرة أيام". ويضيف "شرح لي أحد الحراس أنه بإمكان رعايا الدول الغربية الدخول من دون إذن لانهم تعلموا منذ وقت طويل الحفاظ على نظافة الأماكن العامة". يثير منع السلطات اللبنانية مواطنيها من دخول الحرج استياء بات متزايداً في الآونة الأخيرة، وشعوراً بالتمييز. يقول الشاب زياد ليان البالغ من العمر 25 عاماً "لا يحق لي الذهاب إلى حرش بيروت للقراءة أو ممارسة نشاط هناك، علماً أن ذلك حقاً لي".

مقالات أخرى:

بعض من تاريخ مدفع بيروت الرمضاني

تربية النحل في لبنان من مهنة تدرّ دخلاً إلى هواية

وتعتبر جوانا حمور الناشطة في منظمة "نحن" أن إقفال الحديقة أمام اللبنانيين "أشبه بمنع سكان نيويورك من الدخول إلى سنترال بارك". وتقود المنظمة غير الحكومية هذه حملة مطلبية وإعلامية لإعادة فتح الحديقة وتهدد بملاحقة البلدية قضائياً. وتقول هذه السيدة الثلاثينية "إقفال حرش بيروت غير قانوني، إنه مساحة عامة" مؤكدة أن "أجانب كثراً" يدخلون إلى الحديقة من دون إذن.

وتؤكد لين ستاهلي وهي باحثة أميركية مقيمة حالياً في لبنان الأمر. وتقول "دخلت من دون أن يستوقفني أحد لكن الحراس منعوا صديقتي اللبنانية من الانضمام إلي".

أزمة مساحات عامة

لم تدرج المساحات الخضراء على قائمة الأولويات في لبنان في الوقت الذي تتآكل فيه المساحات الخضراء لمصلحة المباني والأبراج الإسمنتية منذ انتهاء الحرب الأهلية العام 1990. وتشكل الحدائق العامة في بيروت ما يعادل 0.65 متراً مربعاً لكل مقيم، بنسبة بعيدة جداً عن تلك التي توصي بها منظمة الصحة العالمية والبالغة عشرة أمتار مربعة لكل مقيم، وفق ما أوردته دراسة أجراها مكتب حبيب دبس الهندسي بتمويل من منطقة Iles de France.

وتعاني بيروت وضواحيها، حيث يقيم مليونا نسمة، أي ما يعادل نصف سكان لبنان، من الزحمة الخانقة والتلوث. وبحسب دراسة مكتب دبس، تضاءلت المساحات العامة وتقلصت مساحة الأراضي غير المبني عليها من 40% عام 1967 إلى 10% عام 2000. ولذا يعاني سكان العاصمة من نقص كبير في الحدائق أو المساحات العامة التي يمكن التنزه فيها أو ممارسة الرياضة، فيما حرج بيروت مقفل بوجههم.

الحجج الرسمية

تعتبر بلدية بيروت أن الغابة ليست مؤهلة لاستقبال عدد كبير من الزائرين. ويقول رئيس البلدية بلال حمد "هذه الغابة البالغة مساحتها 300 ألف متر ربع تشكل رئة بيروت". ويضيف "لا نستطيع أن نوفر الأمن، ولا مستلزمات النظافة بجهود موظفي الشرطة البلدية، وماذا لو تسبب أحدهم بحريق"، لافتاً إلى عدم وجود حمامات أو ممرات مخصصة للدراجات الهوائية داخل الحديقة.

ويؤكد حمد أنه سيتم الإعلان عن مناقصة هذا الصيف لـ"إدارة وحفظ أمن" الغابة التي من المقرر تدشينها العام 2016. لكن الناشطين يعتبرون ذلك "وعودا في الهواء"، ويقول رئيس جمعية "نحن" محمد أيوب "لا سبب لدعوة الشركات الخاصة"، معتبراً أنه بإمكان بلدية بيروت توفير الحراسة والنظافة. وبحسب زياد ليان "يعاملوننا كأطفال يرفضون إعطاءهم لعبة خوفاً من كسرها فيما عليهم تعليمهم كيفية الحفاظ على هذه اللعبة". وتشمل خطة البلدية أيضاً وفق حمد، بناء حديقة نباتية تمتد على مساحة عشرة آلاف متر مربع بالتعاون مع بلدية جنيف، بالإضافة إلى مدرج و"تحويل مساحة تدريب قديمة إلى استاد أولمبي مع مواقف تحت الارض". يقع حرج بيروت في منطقة كانت تفصل بين شطري بيروت المتنازعين خلال الحرب، وهو شهد معركة ضارية أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982 أصابته بأضرار كبيرة، وتم ترميمه جزئياً بموجب هبة فرنسية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image