هي "احتياجات خاصة" حوّلها المُعالج الفيزيائي اللبناني وسيم الحاج (32 سنة) إلى طاقة أمل بإطلاقه مشروع "مقهى أغونيست" وتعيينه فريقاً يتألّف بمُجمله من أشخاص مُصابين بمُتلازمة داون لتقديم فناجين القهوة للزبائن الذين يقصدونهم في منطقة الزلقا في بيروت.
يقول وسيم الحاج إن تعامله مع ذوي الاحتياجات الخاصة جعله يُدرك "مدى الاستهانة بقدراتهم"، وهو ما دفعه لإطلاق مشروعه في ديسمبر الماضي، مؤكداً ضرورة تسليط الضوء على هذه الفئة، وخاصةً في العالم المهني، لتحطيم كُل الأفكار النمطية التي تُرافقهم، وأبرزها أنهم "عاجزون عن العمل".
استوحى وسيم فكرته من فيلم "غدي" للمُمثل المسرحي اللبناني جورج خباّز الذي اختار بطلاً يُعاني متلازمة داون، لافتاً إلى أن من حق أي شخص إن ينخرط بالمُجتمع دون أن يشعر بالاختلاف الذي يتسبب له في كثير من الأحيان بالإحباط.
وأوضح أنه حصل على إجازة مؤقتة من وظيفته قبل نحو ثلاثة أشهر للبدء في مشروعه، قاصداً جمعية مُتلازمة داون اللبنانية، وهي جمعية لأهالي المُصابين، وقد دعمت المجموعة مُبادرته. ومن بين الأشخاص العشرة العاملين في المقهى حالياً أبناء أهالي الجمعية اللبنانية، بعضهم يُعاني أمراضاً في الخلايا العصبية وآخرون يواجهون صعوبة في النطق.
يقول المُعالج الفيزيائي وسيم الحاج إن تعامله مع ذوي الاحتياجات الخاصة جعله يُدرك "مدى الاستهانة بقدراتهم"، وهو ما دفعه لإطلاق مشروعه.. ذوو الاحتياجات الخاصة يستقبلونكم في مقهى "أغونيست" بلبنان
استوحى المُعالج الفيزيائي وسيم الحاج فكرته من فيلم "غدي" للمُمثل المسرحي اللبناني جورج خباّز الذي اختار بطلاً يُعاني متلازمة داون.. ذوو الاحتياجات الخاصة يستقبلونكم في مقهى "أغونيست" بلبنان
أكثر من مجرد فنجان قهوة
"إنه أكثر من مجرد فنجان قهوة، إنها الطريقة التي نقبل ونحترم ونحب فيها الناس"، بهذه الكلمات يُقدّم "مقهى أغونيست" نفسه. يعود اسمه إلى كلمة Agonist الإنجليزية التي تستعمل في العلاج الفيزيائي وتعني "يساعد وينشّط". لم يكن درب وسيم سهلاً في تحقيق مشروعه، موضحاً أنه تطلّب منه بعض التعديلات مثل الحصول على كبسولات قهوة مُعينة لتسهيل عمل الموظفين، كاشفاً أنهم خضعوا لبرنامج تدريبي من قبل مختصين في مجال الخدمات في المقاهي والمطاعم قبل بدء العمل. يتلقى الفريق تعليماته من القائد المُشرف عليهم طوال ساعات العمل التي تراوح بين ثلاث وثماني ساعات بحسب قُدرة كُل موظف، يقول وسيم، لافتاً إلى أن بعضهم يرفض أخذ يوم عطلة ويبدي انزعاجه من الابتعاد عن أجواء العمل. أما عن تحضير القهوة، فيقول "قد يستغرق منهم بعض الوقت، لكن ردود أفعال الزبائن إيجابية حول مذاقها الطيب". ولفت وسيم إلى أن وظيفتهم في "مقهى أغونيست" هي الأولى من نوعها على الإطلاق، قائلاً "لم يعمل أي منهم من قبل، للأسف، رغم تجاوز البعض سن الـ 40". وأشار إلى وجود منظمات غير حكومية للاعتناء بهذه الفئات، لكن الفرق حسب تعبيره هو "أن المقهى يُقدّم لهم وظيفة عادية". وأضاف: نوّد إظهار أنّه يمكن لذوي الاحتياجات الخاصة العمل في جميع القطاعات مع القليل من التدريب والاهتمام.مُحاربة الصور النمطية
رغم إصدار لبنان عام 2000 قانوناً خاصاً بعمالة ذوي الاحتياجات الخاصة مُطالباً بتوظيف 3% من هذه الفئة في المؤسسات، إلا أن القانون لا يُطبّق في ظل غياب المُساءلة. يقول وسيم إن المؤسسات القليلة التي تقوم بتطبيق القانون تُعيّن ذوي الاحتياجات الخاصة في وظائف بعيدة عن العملاء، مُشيراً إلى ضرورة "مُعالجة الصورة" التي يراهم فيها المُجتمع قائلاً: سمعنا عن رفض بعض المطاعم والأسواق التجارية والأماكن العامة استقبالهم وكأن وجودهم يضر بسمعتها. وأضاف أن الأحكام المُسبقة عليهم تعكسها صعوبة تمويل أي مشروع يخصّهم، قائلاً إنه قام بتمويل مقهى أغونيست بقرض شخصي حصل عليه بعد عامين ونصف العام. مُضيفاً: أبلغني أحد المستشارين أنه لا يمكنه تقييم "المخاطر المالية" ولكن هذا لم يمنعني. يؤكد وسيم بعد نحو ثلاثة أشهر على افتتاح مقهاه أن هُناك "ديناميكية إيجابية من ناحيتين"، الأولى تطور قدرات الموظفين على التعامل مع العملاء والثانية رغبة الزبائن في زيارة المقهى والتعامل معهم بفضول ولطف.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...