شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
لبنان: مصرع طفل سوري لاجئ أثناء مطاردة أمنية 

لبنان: مصرع طفل سوري لاجئ أثناء مطاردة أمنية 

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 22 يناير 201901:25 م

بعد اختفاء اللاجئ السوري أحمد الزعبي، ابن الـ 14 ربيعاً، ثلاثة أيام متعاقبة في العاصمة اللبنانية بيروت، أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة التابعة لمسجد السلام في شارع تلة الخياط، حيث يعمل الزعبي ماسحاً للأحذية، يوم السبت، مُطاردة عناصر دورية لبنانية له، وتبيّن أنه توفي إثر سقوطه من مِنوَر المبنى (فتحة في البناية تسمح بدخول الضوء) الذي اختبأ به حينها من ارتفاع ستة طوابق.

/

وقال أهل الزعبي إنهم بحثوا عن طفلهم في المخافر والمستشفيات، ثم لجؤوا إلى المسجد حيث أظهرت كاميراته كيف هرب من عناصر البلدية واختفى بعدها. وأوضح عمّه، فتحي الزعبي، أنهم وجدوا جثّته هامدة في منور على "يمين المبنى" الذي دخل إليه.

وأظهر تحقيق قوى الأمن أن الزعبي سقط في حفرة عمقها 6 طبقات، وتوفي على الفور نتيجة ارتطام رأسه بعنف ما زحدث نزيفاً  وأنه عُثر عليه ليلاً بعد البحث في المكان.

والسؤال هُنا: هل كانت عناصر الدورية اللبنانية على دراية بسقوطه؟ وهل تُعد هذه "جريمة ثانية" رُبما تكون أكثر بشاعة من الأولى؟

يؤكد مؤيد (14 عاماً أيضاً)، ابن عم الفقيد، الذي كان موقوفاً في سيارة الدورية آنذاك، أنه "رأى بأم عينيه أن العناصر الذين لاحقوا أحمد توقفوا عند المنور، المكان الذي يطل على الجثة"، وفقاً لما قاله عمّه فتحي لـ "العربي الجديد"، مُشيراً إلى أنهم قالوا لمؤيد بعد عودتهم إنه هرب.

وتساءل العم "لماذا لا نستطيع الحصول على فيديوهات المبنى المُقابل لمسرح الوفاة، إذ يمكن أن توضح أكثر ما حدث، وتبرّئ أو تدين عناصر البلدية؟"، مُشيراً إلى أن مسجد السلام رفض تسليمهم الفيديو كاملاً، والذي بحسب إفادته يعود فيه عناصر البلدية إلى مكان الحادثة بعد نصف ساعة.

يقول المُحامي واصف الحركة الذي تطوع للدفاع عن قضية اللاجئ السوري الراحل لرصيف22 إن الفيديو المُنتشر يُظهر كيف هرب أحمد الزعبي ولكنه لا يُظهر ما بعد ذلك.. ماذا حصل هُناك؟ وكيف سقط الطفل؟ مُصرحاً: لن أتّهمهم بأنهم "كبّوه" (رموه) ولكن من الممكن أن يكون قد صرخ بوجهه أحد العناصر أو "خوّفه"، لافتاً إلى أن السقوط ليس سهلاً.. "في زاوية أُخرى يجب أن يدخلها ليقلب (ليسقط)"، يؤكد المٌحامي.

وقال المُحامي لرصيف22 إن القضية تتطلب الحصول على جميع التسجيلات المصورة للشارع الرئيسي و"الدخلة الصغيرة" (الزاروب)، وإنه يجب التأكد من مسألة إن كان قد توفي على الفور أم لا، مُضيفاً: "بغض النظر هٌناك خطأ عليهم.. ليش قلب؟ ووقت ما قلب ليش ما حاولوا إنقاذه؟ وليش ما طلبوا الإسعاف؟ أو الصليب الأحمر؟"، مُعتبراً أن جميعها "أسئلة جادة" سيكشفها التحقيق.

وتعليقاً على بيان بلدية بيروت الذي ذكر أن سيارة الدورية كانت تُلاحق أحمد الزعبي ومجموعة من الأطفال لسرقتهم صناديق الزكاة والصدقات الموضوعة في "مواقف السيارات قرب البريستول"، وهو ما اعتبره البعض "اتهاماً بالسرقة لتبرير المُلاحقة"، قال الحركة لرصيف22: إن كانوا يلاحقون الطفل لاعتقاله كونه "سارقاً"، فما كانوا ليتركونه حينما اختفى.

وتساءل: أهكذا يعتقلون السارق؟ مُشيراً إلى أن "موضوع السرقة" ليس محسوماً بدليل أنهم أفرجوا عن ابن عمّه مؤيد بعد أقل من ساعة من اعتقاله داخل سيارتهم. وأضاف المزيد من التساؤلات: أين الدعوة الموجودة ضده؟ بأي نيابة عامة؟ بأي محكمة؟ وهل هي مسؤولية شرطة البلدية لاعتقال السارقين؟… "واضح إنهم افتعلوا القصة لتبرير الحادثة"، يقول الحركة.

وأشار إلى أن عناصر الدورية ستتحمل جرم وفاته حتى وإن كانت "بغير قصد"، مُضيفاً أنهم سيتحملون أيضاً مسؤولية "الامتناع عن إنقاذ شخص تعرض لسوء"، وهو ما يُعاقب عليه القانون اللبناني، إن كانوا على علم بسقوطه.

وقال في حواره مع رصيف22 إن البيان "يُسَجّل ضدهم"، لافتاً إلى أن مدير الشؤون الإدارية بالبلدية لم يلتفت إليه في مُداخلة تلفزيونية ليلة الاثنين.

وكانت دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت قد أصدرت الأحد بياناً أعلنت فيه أن العناصر "لم يعلموا شيئاً عن مصير الزعبي بعد فراره من الدورية" مُشيرة إلى أنه تبين لاحقاً أنه توفي إثر سقوطه من منور أحد الأبنية "دون أن يكون للعناصر أي علاقة بما حصل وبعد أن قاموا بمغادرة المكان".

ومن جهته قال ممثل دائرة العلاقات العامة في بلدية بيروت، فادي بغدادي، إنه "من غير المنطقي" أن يترك فوج الحرس القاصر المرحوم جثة هامدة ويعود أدراجه. مُضيفاً "نحن لسنا في غابة، على الأقل الاتصال بالصليب الأحمر والتبليغ"، مؤكداً أن العناصر لم تكن على علم بسقوطه. وقال مُناقضاً نفسه في ما بعد: مُهمتنا منع المتسولين والباعة المتجولين وماسحي الأحذية من التجول في شوارع بيروت، ما يدفعنا لنتساءل هُنا: هل كنتم تحاولون منعه من مسح الأحذية؟ أم كنتم تريدون اعتقاله لأنه "سارق"؟

وتقول الناشطة اللبنانية مريم مجدولين اللحام نقلاً عن أهله إن أحمد كان يشتكي دائماً من أن عناصر بلدية بيروت يضربونه ويكسرون صندوقه الخشبي الذي كان كان به عُدّة مسح أحذية المارة. وتُضيف: كانوا يعتقلونه 24 ساعة ثم يتركونه.

يقول المُحامي المُدافع عن قضية اللاجئ السوري لرصيف22 إن الفيديو المُنتشر يُظهر كيف هرب أحمد الزعبي ولكنه لا يُظهر ما بعد ذلك.. ماذا حصل هُناك؟ وكيف سقط الطفل؟ مُصرحاً: لن أتّهمهم بأنهم "كبّوه".. ولكن في زاوية أُخرى يجب أن يدخلها ليسقط...
من يمشي في شوارع لبنان يُلاحظ كثافة المتسولين اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين، وما أحمد الزعبي سوى "صورة" عنهم… "هم يومياً مشروع جثثٍ هاربة من مجتمع لا يفوّت فرصة تفريغ قسوته عليهم" تقول الصحافية اللبنانية جنى الدهيبي.

الطفل يلي مات ببيروت ما أسمه ماسح أحذية..

علّق روّاد التواصل على مقطع الفيديو المُنتشر، مُحمّلين كامل مسؤولية "رحيله" على عناصر بلدية بيروت، ومُعربين عن استيائهم من بعض الوسائل الإعلامية التي نقلت خبر وفاة "ماسح الأحذية"، لا "اللاجئ السوري" الذي هرب من الموت في سوريا، ومات "هرباً" في لبنان.

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=2064267617026404&id=100003295576706

ومن بينهم كان الصحافي السوري عاصم حمشو الذي قال: الطفل يلي مات ببيروت ما أسمه ماسح أحذية! مُشيراً إلى أن اسمه أحمد الزعبي، وإن اجتمع عليه ظلم الحرب والفقر وأجبره "العالم المتوحش"، بحسب تعبيره، أن يكون في الشارع وماسح أحذية.

ولفت إلى أن الجريمة وقعت في الفترة التي كانت بيروت تَجْمَع فيها "زعماء الأمة العربية ليُقرروا مصالحهم الاقتصادية".

بينما قالت الصحافية اللبنانية يارا دبس: مات صبي لاجئ وهو هارب من ملاحقة بلدية بيروت. هرب بتهمة أنه ماسح للأحذية، يتجوّل في هذه المدينة البائسة، التي تأخذ ولا تعطي، تميت ولا تحيي، تذل وتذلّ دون أن تعطي مرةً.

ولفتت إلى أن أحمد الزعبي كان لديه أحلام ومقعد مدرسي لم يحتويه يوماً، فابتلعته حفرة وأوته ثلاثة أيام وأنهت مأساته بمأساة أكبر.

ولخّصت الصحافية اللبنانية جنى الدهيبي الكلمات كُلها قائلةً إنها لم تتصالح يوماً مع المتسولين لأنهم "يستطيعون العمل"، ولكن مشاعرها هذه لا تنطبق على الأطفال الذين تُحاول دوماً "مقاومة ضعفها بالتأثر تجاههم"، حتى وإن كانوا "ينتمون لشبكة مشغليهم" قائلةً إنهم ضحية مشغليهم والمجتمع والدولة وضحية "اللا عدل".

ومن يمشي في شوارع لبنان يُلاحظ كثافة المتسولين اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين، وما أحمد الزعبي سوى "صورة" عنهم… "هم يومياً مشروع جثثٍ هاربة من مجتمع لا يفوّت فرصة تفريغ قسوته عليهم" تقول جنى الدهيبي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image