رواية "أرض المؤامرات السعيدة" للكاتب اليمني وجدي الأهدل، تفضح تواطؤ السلطة مع الأعراف القبلية
تتناول رواية "أرض المؤامرات السعيدة" الاغتصاب وزواج القاصرات، وما يفعله شيوخ القبائل ورجال الدين وأصحاب النفوذ الذين يعتبرون جزءاً من متعتهم ممارسة الجنس مع فتيات صغيرات في السننقرأ في الرواية الكثير من التفاصيل والحكايات عن الشخصيات الفرعية، إلا أن "وجدي الأهدل" يولي اهتماماً خاصاً بالشخصية المحورية، فهو يشتغل عليها اشتغالاً خاصاً، مصوّراً تذبذبات بطله وتقلباته، وكيف انعكس الماضي الذي عانى منه في طفولته على حاضره، فهو ابن معارض يساري، كرّس كل وقته وجهده للدفاع عن القضايا التي يؤمن بها، ولكنه بسبب هذا أهمل عائلته وأطفاله، وجعلهم يعيشون في فقر وحرمان، فما كان من الابن حين كبر إلا أن تمرد أولاً على صورة "الأب اليساري"، وانتهج طريقاً مختلفاً فانحاز للسلطة واقترب من مستنقعها، حتى لم يعد يملك خياراً سوى الغوص فيه حد الغرق، قبل أن تنتهي الرواية نهاية مفاجئة، وغير متوقعة.
"ذهبت إلى تاتيانا وأنا مثقل بالهمّ. كانت حياتها في خطر، وأنا غير قادر على تحذيرها. لو حدث شيء لتاتيانا فلن أسامح نفسي أبداً. كنت أتمنى لو أمتلك الشجاعة لأصارحها بما يدور خلفها، وبالمخاطر المحدقة بها، وبالنذالات التي ارتكبتها في حقها، ولكنني إنسان جبان، يخشى القتل، ويخشى الفقر الذي هو أسوأ من القتل، ويخشى خسارة وضعه الاجتماعي الذي هو فاسد ومجلبة للعار. يقول الإنسان في البداية إنما هي خطوة صغيرة وينتهي الأمر، ولكن الخطوة الخاطئة تتبعها خطوات، إلى أن نضيّع الطريق ونمضي في التيه".
إلى جانب هذه الفكرة، فإن النقطة التي انطلقت منها حبكة الرواية وهي قضية الاغتصاب لا تتوقف عند حدود تغطية الصحفي لها، بل تتفرع لنصبح أمام ظاهرة منتشرة بطريقة مرعبة في اليمن، وهي زواج القاصرات، وما يفعله شيوخ القبائل ورجال الدين وأصحاب النفوذ الذين يعتبرون جزءاً من متعتهم ممارسة الجنس مع فتيات صغيرات في السن، وما يتبع ذلك من جرائم كالاستعباد والإكراه على الزواج والعنف والاغتصاب وتجارة الزواج من القاصرات، وغيرها من الأمور التي تعاني منها الفتيات هناك، في بلدٍ تغضّ السلطة فيه بصرها عما يفعله مناصروها مقابل بقائهم في صفها، وصولاً إلى تكريس هيمنتها. تشتبك هذه الفكرة اشتباكاً كبيراً مع التغيّرات التي تطرأ على "مطهر"، إذ يمكننا أن نقرأ حادثة الاغتصاب التي تعرضت لها الفتاة بموازاة قراءتنا لاغتصاب حرية الصحافي، وتحويله إلى أداة طيعة في يد السلطة تغتصب بها الحقيقة وتزيّفها. وجدي الأهدل كاتب يمني من مواليد 1973. مدير تحرير مجلة الثقافة. صدرت له عدة مجموعات قصصية، وخمس روايات: "قوارب جبلية"، "حمار بين الأغاني"، "فيلسوف الكرنتينة" التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2008، "بلاد بلا سماء"، و"أرض المؤامرات السعيدة". ترجمت بعض رواياته إلى الفرنسية والإنكليزية والإيطالية. ناشر الرواية: دار نوفل – هاشيت أنطوان/ بيروت، عدد الصفحات: 310، الطبعة الأولى: 2018، يمكن شراؤها من موقع النيل والفرات (رابط).رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...