قبل أيام قليلة، فاز فلسطينيُ الأصل نجيب بوكيلة بالدورة الأولى من انتخابات الرئاسة في السلفادور، غير أن الفلسطينين لم يفرحوا بالحدث ولم يعتبروه أحد قصص نجاحاتهم خارج الوطن، والسبب ببساطة هي علاقة الصداقة التي تربط هذا الرئيس الشاب بالعدو إسرائيل.
وعقب فوزه في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية في السلفادور متفوقاً على الحزبين الرئيسيين التقليديين اللذين تناوبا على السلطة منذ نهاية الحرب الأهلية في البلاد عام 1992، تعهد بوكيلة بمكافحة الفساد والعصابات المجرمة التي جعلت السلفادور أكثر دول العالم من حيث معدلات جرائم القتل.
ينحدر نجيب بوكيلة (37 عاماً) من أم سلفادورية وأب فلسطيني هاجر من بيت لحم في الضفة الغربية إلى السلفادور التي تتوسط غواتيمالا وهندوراس في أمريكا الوسطى.
/408540806388388/?type=2&theaterسيرة الأب
أما والده أرماندو بوكيلة قطان، فينحدر من أب مقدسي وأم من بيت لحم. اعتنق أرماندو الإسلام في سبعينيات القرن الماضي، وأسس عدة مساجد، وكان إماماً وعالماً، بالإضافة إلى حصوله على درجة الدكتوراه في العلوم الكيميائية والحقوق، كان أيضاً رجل أعمال ناجح يمتلك عدة شركات ساعده أبناؤه الـ11 في إدارتها، ومن بينهم نجيب.
لُقب والد نجيب، الذي أصبح اسمه بعد الإسلام أحمد بوكيله بـ "إمام السلفادور" نظراً لأعماله في خدمة الجالية المسلمة بالسلفادور.
كما عرفت الجالية الفلسطينية في السلفادور (تمثل 2% من السكان) أحمد بوكيله بالعمل من أجلها ومناصرة القضية الفلسطينية حتى وفاته عام 2017.
وتقول سهير بركة المستشارة في السفارة الفلسطينية في السلفادور إنوالد نجيب كان يدعوها وأفراد الجالية وجلُّهم من المسيحيين إلى المسجد في موائد الإفطار التي كان ينظمها خلال شهر رمضان.
كان دين الأب "تهمة" توجه لبوكيلة أثناء ترشّحه للانتخابات الرئاسية. وبحسب الصحافي السلفادوري توماس أندرو، فإن: "كثيراً من السلفادوريين يربطون بين الإسلام والإرهاب"، لكن بوكيلة لم يرد على تلك الاتهامات سلباً أو إيجاباً، رافضاً الحديث عن دينه.
سيرة الابن
لكن ناييب بوكيلي، حسبما ينطق اسمه بالإسبانية، اتخذ مساراً مغايراً لوالده بل مناقضاً تماماً. حيث زار إسرائيل العام الماضي، ووقف أمام حائط البراق ومارس طقوساً يهودية، كما زار متحف الهولوكوست بالقدس المحتلة، والتقى مسؤولين إسرائيليين.وفي بداية ممارسته العمل السياسي، انضم نجيب لجبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني اليسارية عام 2011، وكان والده صديقاً مقرباً لمؤسس الحزب وهو أيضاً من أصل فلسطيني يدعى شفيق حنظل، وكان الحزب يتبنى مواقف داعمة للقضية الفلسطينية.
أثناء انضمامه للحزب تولى نجيب، عام 2012، منصب رئيس بلدية كوستلان بدعم من والده، قبل أن يترأس بلدية العاصمة سان سلفادور بين عامي 2015 – 2018 واكتسب سمعةً طيبة خلال تقلده المنصب.
طرد نجيب من الحزب اليساري عام 2017، بسبب "انتهاك مبادئ الحزب وقوانينه الداخلية" على حد زعم الجبهة، بينما اعتبر نجيب أن طرده سببه اتهامه بعض أفراد الحزب بالفساد.
بعد ذلك، أسس نجيب حركة "أفكار جديدة"، تحالف من خلاله مع حزب "التحالف الكبير من أجل الوحدة الوطنية" الذي ينتمي إلى اليمين الوسط، الذي مهد له طريق الوصول لرئاسة السلفادور.
لماذا غضب الفلسطينيون؟
زار بوكيلة إسرائيل رفقة زوجته السلفادورية، العام الماضي، بدعوة من المؤتمر الأمريكي اليهودي اعتبرت تلك الزيارة استفزازاً لمشاعر الجالية الفلسطينية في السلفادور وللفلسطينيين.
ووفق دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية، أغضبت زيارة بوكيلة الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية وفي المنفى، لأنه ابن رجل عُرف بعمله من أجل قضايا الشعب الفلسطيني، لاسيما، عندما انتشرت صور نجيب وهو يؤدي الطقوس اليهودية عند حائط البراق ونصب الهولوكوست في جبل هرتزل في القدس.
اعتبر الفلسطينيون سلوك نجيب "اعترافاً منه بأحقية الإسرائيليين بالأماكن المقدسة ونكراناً منه لجذوره". كما استنكروا بكاءه أمام نصب الهولوكوست، مقابل تجاهله "معاناة" الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين في أماكنهم المقدسة والتنكيل بهم عند ممارسة عباداتهم.
نجيب بوكيلة فلسطيني الأصل قد يصبح سادس رئيس للسلفادور منذ انتهاء الحرب الأهلية إذا ما فاز بالجولة الثانية في آذار/مارس المقبل. فوزه المتوقع لا يفرح الفلسطينيين تماماً لزيارته إسرائيل وبكائه عند حائط البراق ونصب الهولوكست.
وحتى بعد فوزه، انقسمت آراء الجالية الفلسطينية في السلفادور بين مؤيد لتهنئته والتواصل معه متأملين أن يستذكر أصوله ويراجع مواقفه، وبين متخوّف من أن يقوده "طموحه السياسي" لإرضاء الحليف الأمريكي، وافتتاح سفارة السلفادور في القدس المحتلة، خاصةً أن بعضهم لديه قناعة بأن "زيارة بوكيلة لإسرائيل قصّرت طريقه للوصول للرئاسة".
يجيد نجيب بوكيلة اللغة الإنجليزية إلى جانب الإسبانية والعربية، واستطاع أن يقنع الناخبين في السلفادور برؤيته الطموحه للقضاء على الفساد في الوقت نفسه.
رغم ما سبق، وجهت له تهم بالفساد وكشفت صحيفة "إلفارو" السلفادورية تورّط نجيب في أعمال فساد وصفقات مع عصابات إجرامية داخل البلاد، الأمر الذي أكدته صحيفة فاكتوم التي حوّرت شعار نجيب الانتخابي من "تصل النقود حين لا يسرقها أحد" إلى "تصل النقود حينما ينفّذ العقود أصدقاء نجيب بوكيله".
لكن البعض دحض تلك الاتهامات معتبراً تواصل نجيب مع العصابات حدث بغرض عقد "اتفاقات" لا "صفقات"، بما يتفق مع رؤيته في التعامل مع تلك المجموعات الإجرامية، عبر حلول إنسانية.
يذكر أن بوكيلة فاز حتى الآن في الجولة الأولى فقط من الانتخابات الرئاسية، ويتبقى أمامه جولةً ثانية من المقرر أن تجري في مارس/آذار القادم. وفي حالة فوزه بها، سيصبح بوكيله سادس رئيس للسلفادور منذ انتهاء الحرب الأهلية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Tester WhiteBeard -
منذ ساعةtester.whitebeard@gmail.com
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...