"لم أطلب المجيء إلى هذه الحياة، ولم أطلب الالتزام بدفع الفواتير ولم أطلب قضاء ساعات في زحمة السير ولم أطلب العناء. أنا هُنا لأن والديّ قرّرا قضاء ليلة مُمتعة سوياً"، هذا ما صرح به لرصيف22 الشاب الهندي رافاييل صموئيل الذي ينوي مُقاضاة والديه لإنجابه دون إذنه، وهي القضية التي أثارت اهتمام العالم مُنذ يومين.
أحدث رافاييل البالغ من العُمر 27 عاماً ضجة في العالم حين أبلغ الصحافة نبأُ اعتزامه مُقاضاة والديه بتهمة إنجابه، لكن رافاييل حدّثنا في رصيف22 أن الفكرة (مقاضاة والديه) راودته مُنذ كان في الخامسة من عُمره، موضحاً أنه ينوي مُقاضاتهما لأنهما يعتقدان بأن لديهما حق إنجابه.
قد تبدو كلماته صادمة لبعض القراء، لكنها تتشابه في تمردها مع أقوال اللاجئ السوري زين (12 عاماً) الذي رفع قضية في محكمة لبنانية ضد والديه لأنهما أنجباه أو كما قالها بالعامّية: "بدّي أشتكي على أهلي لأنهم خلّفوني"، هذه العبارة جاءت في مشهد بالفيلم اللبناني المُرشح للأوسكار "كفرناحوم" لنادين لبكي، الجامع بين الواقع والدراما، يروي يوميات حقيقية لشخوص تعيش في لبنان.
قُلتُ لرافاييل إن العناء الذي يتحدث عنه يعتبر بسيطاً (دفع فواتير وقضاء ساعات في زحمة السير) لكنه أجاب: "لستُ مضطراً للمعاناة حتى لو كانت هذه المعاناة مجرد كسر أظافر قدمي. لماذا العناء؟ لأن مزاجهما كان عالياً لحظة إنجابي؟". قال رافاييل إنه لم يسمع بفيلم نادين لبكي لكنه مُتعجب من تشابه قصته وقصة زين، على الأقل من حيث الغضبُ العارم تجاه الوالدين.
عناء رافاييل يشمل كل فصول الحياة بالنسبة إليه: السير نحو المدرسة كل يوم، البحث عن وظيفة، تحمل عبء الحياة في تفاصيلها.. جميعها تزعجه فيقول: "لا أرى سبباً لإجبار طفل على تحمُّل المدرسة ثم إجباره على البحث عن وظيفة والعمل حتى آخر يوم في عُمره، خاصة أنه لم يكن هو من اختار القدوم إلى الحياة"، مؤكداً أن الإنجاب أشبه بـ "العبودية"، وأن الأهالي الذين يمنحون أبناءهم حق الحياة "أنانيون".
كلّفني رافاييل بنقل رسالته للآباء عبر رصيف22: "أنتم لا تملكون أبناءكم"، وكأنه يستنسخ كلمات الأديب والشاعر اللبناني الراحل جبران خليل جبران ويضيف مخاطباً الأبناء "أنتم لستم مدينين لوالديكم بأي شيء".
يؤكد أنه لم يتزوج بعد لكنه حتماً لن يُفكر بالإنجاب في المُستقبل، ملاحظاً أنه لن يندم على قرار كهذا حين يتقدم به العمر لأنه سيكون قد أنقذ أرواحاً من العيش في خطر على حد تعبيره. ولفت إلى أن الخطر قد يكون "العيش في هذه الحياة بملل شديد".
وكشف لرصيف22 أن والدته باتت تؤيد الفلسفة المُعادية للإنجاب Antinatalism وأنها لم تكن لتنجبه هو وشقيقته الصُغرى لو عاد بها الزمن، أمّا والده فلا يزال غير مقتنع بصواب فكرة "إنجابه" بشكل كُلّي لكنه "يدرسها في ذهنه" لافتاً إلى أنه يحب والديه لكنه غير مقتنع بسبب إنجابه بعد.
لم يُحدد رافاييل بعد التاريخ المُقرر لرفع الدعوى قائلاً لرصيف22 إنه سيبدأ بإجراءاتها "خلال الأشهر الستة المُقبلة". وعلى ما يبدو أنه لن يرفع دعوى من الأساس بل يُريد فقط لفت الأنظار نحوه للحث على عدم الإنجاب في الهند التي تُعد ثاني أكبر دولة في العالم من حيث السكان رغم تأكيده: "سأرفع دعوى لتوعية الشعوب" وأضاف: "أعتقد أن القضاء سيُسقطها في النهاية".
الشاب الهندي رافاييل صموئيل الذي ينوي مُقاضاة والديه لإنجابه دون إذنه، وهي القضية التي أثارت اهتمام العالم تحدث لرصيف22 لشرح نظريته. في تقريرنا هذا أقوال مُثيرة للجدل، وللنقاش كذلك.
كيف يرفع الابن قضية ضد والديه لأنهما أنجباه؟ هل هذا عقوق؟ أم رغبة بتقرير المصير؟ تعرفوا إلى قصة الشاب الهندي رافاييل صموئيل في حوارنا هذا الذي أجريناه معه.
سنرفع دعوى على والديك لإنجابك
رغم ترويجه للفلسفة المُعادية للإنجاب مُنذ نحو 6 أشهر بحسب تصريحه لرصيف22 إلا أن صوت رافاييل لم يُسمع سوى في الأيام القليلة الماضية حين نقلت صحيفة The Print الهندية لمحة عنه.
يُطلق رافاييل بين الفينة والأُخرى فيديو على فيسبوك ويوتيوب مُرتدياً نظارات شمسية وهو بلحية سوداء مزيفة عرّضته للكثير من الانتقادات لأنه يروّج أفكاراً تتعارض مع طبيعة الحياة البشرية، تارة يقول "على الأهل لوم أنفسهم لا الله ولا الطبيعة لما يعيشه أبناؤهم من عناء" وتارة يقول: "أنتم لستم مُجبرين على احترام والديكم لأنهم أنجبوكم دون أذنكم".
ماذا يقصد بهذا الكلام؟ وكيف للأهل أن يعرفوا ما إن كان طفلهم يريد أن يأتي للحياة أم لا؟ يوضّح رافاييل أن على الأهل تحمّل مسؤولية طفلهم حتى آخر يوم من حياته، ما يعني التكفّل بكل احتياجاته المادّية، والتأكد ألا يصيبه أذى من أي نوع إلى أن يرحل عن الدنيا لأنه لم يقرر القدوم إلى الحياة.
تعرّض رافاييل إلى هجوم حاد ووصف كثيرون كلامه بـ"الطفولي". وقال أحدهم رداً على منشور وضعه على فيسبوك: "هُناك أسباب كثيرة لعدم الإنجاب قد يكون الفقر أو الحروب. صف لي حياتك إن كنت تعيش دون تحدٍّ؟" فيما قالت فتاة "جئنا لهذا الكون لنتكاثر، الأطفال زينة الحياة وأنا بالفعل شاكرة والديّ على إنجابي".
https://youtu.be/QItcMixuiaU?t=12وتفاوتت التعليقات على الفيديو الذي نشره بعنوان: لماذا سأقاضي والديّ؟ منها: "لأنك كسول ولا تريد أن تفعل شيئاً في حياتك؟" أو "أعتقد أنك بحاجة إلى طبيب نفسي" أو هذا التعليق "كيف تتحدث وأنت لا تمتلك جرأة إظهار وجهك؟" بالإضافة إلى هذا: "سأرفع دعوى قضائية على والديك لإنجابك!".
ووسط التعليقات المستهجنة والمُعارضة للدعوى التي يُريد رفعها على والديه، قالت سيدة: "لقد فهمت رسالته. رافاييل لا يُريد رفع دعوى قضائية بالفعل. يُريد توعية المُجتمعات وخاصة الطبقة الفقيرة بأن الإنجاب ليس من مصلحتها ولا يدل إلا على استهتار.
وتتوافق حملة رافاييل التي يقودها حالياً مع سياسة الحكومة الهندية التي تدعم الحركات المُناهضة للتكاثر وتشجع الأزواج على إنجاب طفلين فقط وتُقدم حوافز مالية للأسر الفقيرة التي تُقرر عدم الإنجاب.
ويخطط "مناهضو التكاثر"، الذين يعملون حالياً باسم "Stop Making Babies"، لعقد مؤتمرهم الأول في العاشر من فبراير في مدينة بنغالورو الهندية. يقول رافاييل وهو أحد أعضاء الحركة إن المؤتمر هدفه نشر الوعي بأهمية العيش بلا أطفال.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه