عقب ساعات من تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرورة بقاء قواته في العراق بهدف "مراقبة إيران"، خرج الرئيس العراقي برهم صالح الاثنين ليؤكد أن نظيره الأمريكي "لم يطلب إذناً من العراق” ليراقب إيران من أراضيه.
وفي مقابلة مع شبكة سي.بي.إس الأمريكية بثت الأحد، أبدى ترامب أسفه بشأن "الحروب التي لا تنتهي" في سوريا وأفغانستان مشدداً على نيته تقليص الوجود العسكري الأمريكي المكلف في البلدين مع الإشارة إلى ضرورة "احتفاظ الولايات المتحدة بوجود عسكري في العراق حتى يمكنها مراقبة إيران التي تمثل مشكلة حقيقية" لأمنها.
ترامب: خطأنا العراق
وأوضح ترامب أن الولايات المتحدة قد تعتمد بشكل كبير على عمل أجهزة المخابرات في أفغانستان والرد على التطورات في سوريا من القواعد الأمريكية في العراق المجاور. مؤكداً أن بلاده أنفقت "ثروة" على قاعدة عين الأسد الجوية غرب العراق، التي زارها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما يعني ضرورة الاحتفاظ بها.
وأضاف: "بعض القوات التي ستنسحب من سوريا ستذهب إلى العراق حيث يمكنها مراقبة أي استئناف لنشاط داعش والجماعات المتشددة الأخرى وسيعود بعضها في نهاية المطاف إلى الوطن".
ورغم كل ما سبق، انتقد ترامب في مقابلته الوجود الأمريكي في العراق ووصفه بأنه "أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة على مرّ التاريخ".
العراق يرد بقوة
رد الرئيس العراقي برهم صالح على تصريحات ترامب بالقول إنه "لم يطلب إذناً من العراق لتقوم القوات الأمريكية الموجودة على أراضيه بمراقبة إيران".
وأضاف أن العراق سيناقش هذه التصريحات والوجود الأمريكي في مؤسساته الدستورية لافتاً إلى أن “الوجود الأمريكي في العراق ينبغي أن يكون ضمن سياقات قانونية".
وأكد الرئيس العراقي أثناء مشاركته في ملتقى الرافدين الدولي لعام 2019 الذي انطلق في بغداد الاثنين، أن القوات الأمريكية في بلاده موجودة بموجب اتفاق بين البلدين ولها مهمة محددة هي مكافحة الإرهاب وأنه يتعين عليها الالتزام بها.
وناشد صالح الولايات المتحدة ألا تُثقل بلاده بالمزيد قائلاً "لا تثقلوا العراق بقضاياكم. الولايات المتحدة قوة كبرى لكن لا تسعوا وراء أولويات سياساتكم فنحن من يعيش هنا" مردفاً " من مصلحة العراق الأساسية أن تكون له علاقات طيبة مع إيران ودول الجوار الأخرى".
وقال في الختام إنه ينتظر توضيحاً بشأن مهام القوات الأمريكية: "سننتظر توضيحاً من واشنطن بشأن أعداد القوات الأمريكية في العراق وطبيعة مهمتها".
في الأثناء جزم رئيس تحالف الإصلاح والإعمار في العراق عمار الحكيم، بأن بلاده "لن يسمح أبداً بأن يكون منطلقاً لأي تهديد تتعرض له دول الجوار” في إشارة إلى رغبة ترامب مراقبة إيران من الأراضي العراقية.
وأضاف في تغريدة عبر تويتر "نرفض وبشدة أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، أو منطلقاً لمراقبة دول الجوار أو استفزازها أو التعدي عليها".
وتابع قائلاً "استناداً إلى الدستور العراقي الذي ينص على رفض أن يكون العراق مهدداً لأمن واستقرار المنطقة والعالم، فإننا نعتبر توجهات جعل أراضينا منطلقاً للنيل من دول الجوار تهديداً لمصالحنا الوطنية وأمننا العراقي.. والعراق لن يسمح بذلك".
من جهته، هاجم حيدر العبادي، رئيس الحكومة العراقية السابق، ترامب قائلاً: " العراق حرص على أن تكون المشاركة الأمريكية ضمن قوات التحالف الدولي وفقا للسيادة العراقية لأغراض الدعم اللوجستي والاستخباراتي والتدريب العسكري".
وأضاف في بيان صحافي الاثنين أن "الحديث عن قواعد عسكرية أمريكية في العراق لأهداف المواجهة يُعقد العلاقة مع دول الجوار ويُعرض العلاقة مع الولايات المتحدة إلى أزمات غير متوقعة، ويخل بسيادة واستقلالية العراق".
وطالب العبادي الإدارة الأمريكية بضرورة "مراجعة موقفها وإعادة النظر بتصريحات ترامب التي تزعزع العلاقة بين بغداد وواشنطن وتخلق أجواء سلبية غير مبررة" على حد قوله.
كما دعا الحكومة العراقية إلى "تأكيد موقفها الثابت بعدم جواز استخدام الأراضي العراقية ضد أي دولة جارة ومن أي جهة كانت".
أما النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي، فقال إن مجلس النواب سيعمل على تشريع قانون يتضمن إنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة معتبراً " ترامب يتجاوز العرف القانوني والدستوري للدولة العراقية مرة أخرى، باستفزاز آخر عبر تصريح يؤكد فيه بقاء القوات الأميركية داخل البلاد للعدوان على بلد مجاور".
الرئيس العراقي: سنناقش تصريحات ترامب والوجود الأمريكي في مؤسساتنا الدستورية “الوجود الأمريكي في العراق ينبغي أن يكون ضمن سياقات قانونية".
الرئيس العراقي يرد على تصريح ترامب بأنه سيراقب إيران انطلاقاً من الأراضي العراقية: لم نعطِك إذناً بذلك.
إحراج متعمد للحكومة العراقية
بشكل مفاجئ وبطائرة مطفأة الأضواء، وصل ترامب وزوجته ميلانيا، قاعدة عين الأسد الأمريكية العسكرية في العراق نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي. وزعم ترامب آنذاك أنه جاء لتهنئة جنوده بالعام الجديد، لكن وحسبما تبين من تصريحاته، كان غرضه الأساسي التأكيد على استمرار وجود قواته بالعراق عقب إعلانه نيته سحب قواته من سوريا.
وسببت زيارة ترامب غضباً على المستويين الشعبي والسياسي في العراق واعتبرها الكثيرون "انتهاكاً صارخاً" لسيادة العراق، وسعت الحكومة العراقية لتهدئة الغضب العراقي وزعمت أنه تم إبلاغها بالزيارة قبل "وقت قصير” منها، لكن رفض رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الذهاب للقاء ترامب في مقر القاعدة دحض هذا الزعم.
وعقب التصريحات الأخيرة لترامب، اعتبر مغردون عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن الرئيس الأمريكي يصر على "إحراج" الحكومة العراقية للمرة الثانية وإبراز ضعفها في مواجهة "انتهاكاته المتتالية للسيادة العراقية" على حد وصفهم، مشككين في قدرة الحكومة الحالية على مواجهة ترامب "سوى بالتصريحات القوية" التي تحفظ ماء وجهها.
والقوات الأمريكية في العراق قوامها 5200 جندي تقريباً، تزعم الولايات المتحدة أنهم يقومون بتدريب القوات العراقية وتقديم المشورة لها بينما لا تزال تشن حملة ضد داعش.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون