توصلت دراسة قام بها الجيش الأمريكي حول آثار الحرب في العراق ونتائجها إلى أن "إيران ذات النوايا التوسعية والجريئة هي المنتصر الوحيد" من غزو الجيش الأمريكي العراق عام 2003، معتبرةً أن هذا الأمر يقدم العديد من الدروس قبل الخوض بحروب مستقبلية محتملة.
وأوضح موقع ArmyTimes أن الدراسة "التي طال انتظارها" خرجت نتائجها في مجلدين (1300 صفحة) وهي دراسة معمّقة قامت بجرد أخطاء ونجاحات العمل العسكري الذي بدأ بغزو العراق في 2003، ووضعت احتمالات أيضاً بالانتقادات التي يمكن توجيهها للجيش للاستفادة منها لاحقاً.
حرب دون نجاعة
وبدأت الدراسة بتكليف من رئيس أركان الجيش الأسبق الجنرال ريموند توماس أوديرنو في عام 2013، حتى اكتمالها في عام 2016 في عهد الجنرال الحالي مارك ميلي، لكن لم يكشف عنها إلا الآن نظراً لتخوف البعض من اعتبار عرض نتائجها من قبيل "نشر الغسيل القذر" بشأن قرارات بعض القادة خلال النزاع.
وجاءت الدراسة مدعومة بأكثر من 1000 وثيقة تم رفع السرية عنها، بحسب الموقع المتخصص، وتتناول جميع الأحداث بداية من الغزو في 2003 وإسقاط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، مروراً بقرار انسحاب الولايات المتحدة ودخول داعش البلاد وانتهاءً بدَورَيْ سوريا وإيران.
وأورد مؤلفا الدراسة العقيد جو ريبورن والكولونيل فرانك سوبتشاك، وكلاهما متقاعد، في الفصل الختامي أنه حتى "وقت إعلان هذا المشروع في عام 2018، تبدو إيران الجريئة وذات النوايا المنتصر الوحيد" وتحدثا عن أضرار عديدة "لحقت بالعلاقة بين الجيش والقيادة السياسية بسبب هذه الحرب، حتى للشعب الأمريكي نفسه الذي تباينت مواقف أفراده من المشاركة بالحرب".
واعتبر المؤلفان أن "حرب العراق كانت أكثر الصراعات التي تولدت عنا آثار عميقة في التاريخ الأمريكي" لافتين إلى أن غزو العراق "حطم تقاليد سياسية قديمة ضد الحروب الاستباقية"، واستنتجا أنه "في أعقاب الصراع مباشرة، تحول البندول (المؤشر) في السياسة الأمريكية إلى القطب المعاكس مع تشكيك عميق بشأن التدخل في الحروب الخارجية".
ومن أهم النتائج التي توصل إليها معدا الدراسة أن "غزو العراق يبين كيف أن المزايا التكنولوجية والأسلحة المتطورة لا تكفي وحدها لاتخاذ قرار خوض الحرب، وأن الوعد بالحروب القصيرة غالباً ما يكون بعيد المنال، يجب أن تكون النهايات والسبل والوسائل متوازنة".
لكن الدراسة لم تركز فقط على إخفاقات الجيش في إدراك طبيعة الظروف المتغيرة للحرب، معتبرةً أنه "أمر مذهل أن الجيش الأمريكي استطاع أن يعلم نفسه بنفسه ويتكيف في خضم الحرب بينما كانت الولايات المتحدة على وشك خسارة الحرب".
دروس مستفادة من غزو العراق
ولفتت الدراسة إلى خطأ من عارضوا "التخطيط والدراسة العلمية قبيل خوض الحرب في العراق" مشيرةً إلى عدم وعي القادة بمجريات الأمور "على الأرض" في العراق وطبيعة الخصم الذي كان بانتظارهم في مختلف مراحل الحرب.
كما أضافت "جيشنا كان يجب أن يفهم نوع الحرب المقدم على خوضها من أجل التكيف حسب الضرورة، لا سيما أن القرارات في الحرب يفرضها الأمر الواقع، وأن عوامل مثل "العنصر البشري والصدف وقناعة الجيش عادةً ما تشكل نتائج الحرب".
كما اعتبرت الدراسة أن "قرار نقل السيادة إلى المسؤولين والقوات العراقية كان سابقاً لأوانه".
ومن النقاط التي انتقدتها الدراسة أيضاً "نقص القوات بسبب انشغال أعداد كبيرة من الجيش في صراعات أخرى مثل الحرب في أفغانستان، وعدم وجود احتياطي تشغيلي في المسرح للاستجابة للأحداث الكبرى".
توصلت دراسة قام بها الجيش الأمريكي حول آثار الحرب في العراق ونتائجها إلى أن "إيران ذات النوايا التوسعية والجريئة هي المنتصر الوحيد" من غزو الجيش الأمريكي العراق عام 2003.
دراسة أمريكية: حرب العراق كانت أكثر الصراعات التي تولدت عنا آثار عميقة في التاريخ الأمريكي.. الغزو حطم تقاليد سياسية قديمة ضد الحروب الاستباقية.
فشل التحالف
عددت الدراسة الأسباب الأخرى التي تدفعها لاعتبار الغزو الأمريكي للعراق “عملاً غير ناجح إلى حد كبير"، أبرزها:
1-الحاجة إلى مزيد من القوات إذ لم تتوفر لدى القادة قوات كافية للتغلب على التمرد السني والجماعات الشيعية المدعومة من إيران خلال أي وقت منذ بداية الغزو.
2-الفشل في ردع إيران وسوريا اللتين منحتا ملاذاً ودعماً للمسلحين الشيعة والسنة، ولم تفكر الولايات المتحدة أبداً في وضع إستراتيجية فعالة لوقفهما.
3-فشل دعم قوات التحالف إذ اعتبرت الدراسة أن نشر قوات التحالف كانت له "قيمة سياسية فقط" لكنه "لم ينجح إلى حد كبير" لأن الحلفاء لم يرسلوا قوات كافية وحددوا نطاق عملياتهم في الوقت نفسه.
4-عدم القدرة على إعداد وتدريب قوات عراقية قادرة على مواجهة المتمردين والجماعات المتطرفة بالاعتماد على نفسها، فبينما نجحت بعض هذه الجماعات في المهام التي كلفت بها، فشلت جماعات أخرى لحاجتها مزيداً من التدريب والتمويل.
5-سياسة الاعتقالات غير الفعالة، فوجدت الدراسة أن قرار الولايات المتحدة في البداية بعدم معاملة المتمردين ومقاتلي الميليشيات الذين تحتجزهم سجناءَ حرب ولم تقم في أي وقت بتطوير طريقة فعالة للتعامل معهم، ما ساعد على عودة عديد المتمردين السنة إلى ساحة المعركة.
6- أن الديمقراطية لا تحقق بالضرورة الاستقرار، ففي حين اعتقد القادة الأمريكيون أن الانتخابات العراقية في 2005 سيكون لها "تأثير تهدئة"، إلا أنها فاقمت التوترات العرقية والطائفية في الحقيقة.
في المقابل، أثنت الدراسة على الزيادة المفاجئة لعدد القوات في عام 2007، واعتبرت أن الجانب المضيء من نتائجها أن الكثير من الأخطاء يمكن نسبتها لقادة سابقين بالجيش الأمريكي في العراق أو الولايات المتحدة ما يعني أن الخطأ لم يعد واردَ التكرار.
كما اعتبر المؤلفان التكليف بإعداد الدراسة في حد ذاته "نقطة تحول” بحد ذاتها في "سعي الجيش الأمريكي إلى فهم التجربة وما حدث".
يشار إلى أن القوات الأمريكية شنت حربها رسميا ضد العراق بزعم امتلاك الرئيس الأسبق صدام حسين أسلحةَ دمار شامل في 20 مارس/آذار 2003، ونشر التحالف بقيادة الولايات المتحدة قواتٍ قِوامها 200 ألف جندي آنذاك، على الرغم من عدم وجود تفويض من الأمم المتحدة وفي ظل احتجاج مئات الآلاف من الأشخاص في شتى أرجاء العالم. وعقب إنفاق تريليونات الدولارات وسقوط آلاف الضحايا في الصراع الممتد حتى الآن وعقب مرور 15 عاماً، لم تتوصل الولايات المتحدة إلى أي أسلحة دمار شامل في العراق وفي المقابل ساءت أوضاع الشرق الأوسط وأصبح العراق أكثر وهَناً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون