كشف وليد الهذلول، شقيقُ الناشطة الحقوقية السعودية المعتقلة لجين الهذلول، تفاصيلَ جديدة عن التعذيب الوحشي الذي تعرضت له شقيقته في فندق قريب من سجنها أطلق عليه "قصر الإرهاب” ولم تكشف عنه لجين إلا لوالديها حين زاراها في الآونة الأخيرة.
وفي مقال نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، اليوم الخميس، كتب وليد الهذلول: "بينما يصدح صوت ماريا كاري، مساء اليوم، بالغناء على خشبة المسرح في السعودية، في محاولة مثيرة للشفقة لإظهار تسامح البلد تجاه النساء، يقبعُ العديد من نسائها في الزنازين لمجرد قيامهن بحملات تطالب بتحسين معاملة النساء".
تعذيب وحشي بـ "قصر الإرهاب"
وأضاف وليد الهذلول في مقالته: “تعرضت معتقلات للتعذيب الوحشي والاعتداء الجنسي، أختي واحدة منهن.. كمحبٍ لفن ماريا كاري، أتمنى لو ناشدت السلطات الإفراج عن أختي على المسرح". مردفاً: "لستُ كاتباً ولم أكتب مقالاً من قبل لكن أختي لا تنتمي إلى السجن وأنا مدين لها بالتحدث عنها، عقب 8 أشهر من الصلاة من أجل الإفراج عنها دون جدوى".
وتابع قائلاً: "لجين بطلة في الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية، وتركز أغلب نشاطها على إنهاء الوصاية الذكورية عليها، ومنحها حقَ القيادة وردع العنف المنزلي. عملت لجين مع النساء الضعيفات لإيجاد حلول لهن حتى لا نرى حالاتٍ مشابهة لحالة "رهف القنون".
ثم أوضح أن "حلم لجين كان أن تتمكن الضحايا من النساء من العثور على الأمان دون الاضطرار إلى الفرار من البلاد، حتى أضحت أختي ضحية المطالبة بمأوى آمن للمعنفات!".
وروى الهذلول فحوى مكالمة أجرتها لجين معه عقب شهر واحد من إلقاء القبض عليها، حيث اتصلت به من رقم تم حجبه لتخبره أنها محتجزة في (فندق) في جدة ولم يكن سجناً تقليدياً".
وخلال المحادثة، قالت له "حالما أصبح حرة سأساعدك في العثور على فتاة أحلامك" ليرد شقيقها "لنركز على إخراجك أولاً ومن ثم نفكر في الحب والرومانسية"، مردفاً "لديها قلب كبير، وتهتم دائماً بالآخرين أكثر مما تهتم بنفسها".
وأشار وليد الهذلول إلى أنه في بداية احتجاز شقيقته، لم يكن لدى الأسرة أدنى علم بما كانت تتعرض له من "تعذيب منتظم وممنهج"، مشدداً على أن لجين "رغم الألم الذي قاسته جسدياً ونفسياً، ما زالت تفكر فقط بالآخرين".
وأعرب عن حزنه كونها كانت تخفي ألمها عن الأسرة. مضيفاً " في كل مرة سألتها عن قضيتها، كانت ترد بأنها لا تستطيع الإجابة.. يبدو أنه كان هناك دائماً شخص ما يراقبها عن كثب ويحدد لها ما تستطيع قوله”.
في جٌنح الليل تنقل إلى قصر الإرهاب
أكد وليد الهذلول أن "والديه استطاعا زيارة شقيقته في السجن في الآونة الأخيرة، وروت لهما كيف نُقلت من سجن ذهبان (في جدة) بحلول منتصف الليل إلى ما يعرف بـ “الفندق"، الذي وصفته بأنه "قصر الإرهاب" وأوضحت أنه يبعد 10 دقائق فقط عن السجن، مشيرةً إلى إنها كانت تُنقل إليه معصوبة العينين بعد وضعها في صندوق سيارة حتى تصل المكان السري، حينها تبدأ جلسات التعذيب عادةً في الطابق السفلي من المكان".
"عندما أفكر في ما يجري بهذا الطابق السفلي، أشعر بالمرض" كتب وليد في مقاله مضيفاً "أختي قالت إنها تعرضت للجلد والضرب والصعق بالكهرباء والتحرش بشكل متكرر. وقالت إن ملثمين أيقظوها مراراً في منتصف الليل ليهتفوا بتهديدات لا يمكن تخيلها، مؤكدةً أن هذا التعذيب أشرف عليه سعود القحطاني، أحد كبار مستشاري ولي العهد محمد بن سلمان".
وتساءل وليد: "أليس ما يحدث مع شقيقتي هو تعريف الدولة المارقة؟" واستطرد قائلاً “إلى جانب أشكال التعذيب الجسدي الكثيرة، كان على شقيقتي أن تتحمل الاستجوابات المرعبة، أحد المحققين قال لها ذات مرة "إن لم تتزوجيني فسوف أغتصبك". وحين رفضت العرض ساءت المعاملة واشتد التعذيب".
ولفت إلى أن شقيقته خلال حديثها مع والديها عن جلسات التعذيب، كانت يداها تهتزان لا إرادياً، مُعرباً عن خشيته "أن يلازمها أثر التعذيب إلى الأبد".
الخديعة والوهم
واستنكر وليد الهذلول حرص السعودية على الترويج لنفسها كبلد إصلاحي بينما "الإصلاحي السعودي الحقيقي محتجز خلف القضبان" وتابع قائلاً "شقيقتي ليست خائنة.. شقيقتي وطنية وكل ما أرادته أن تحيا السعوديات بأمان".
وأشار الشاب السعودي إل أنه عندما انتقل للدراسة في كندا، كان يحصي الأيام حتى ينهي دراسته ويعود إلى الوطن للمساهمة في ما يعرف بـ "رؤية 2030" التي اقترحها ولي العهد، مضيفاً: "كنت متحمساً جداً لذلك، حين سألني الأساتذة والأصدقاء عن خطط ما بعد التخرج، كنت أرد على الفور بأنني سأعود إلى الوطن لأساعد في جعل بلدي مكاناً أفضل".
ثم قال: "بعد كل ما حدث، أشعر أني كنت ساذجاً ..لطالما آمنا بالأوهام" مؤكداً أن تفكيره تغير خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضح أنه "لم يتوقع أن تكون رحلته إلى تورنتو في اتجاه واحد، بعد أن تم وضعه هو وعائلته على قوائم حظر السفر". مشيراً إلى أنه "يسأل نفسه باستمرار إذا كان سيتمكن من رؤية عائلته أو بلده مرة أخرى".
وشرح وليد أن "السعودية لم تكن قط دولة ديمقراطية، لكن عندما كان يتم اعتقال أحد الناشطين في السابق، لم تكن العائلة تتورط بالأمر أبداً، وهذا الأمر يتغير اليوم”.
وأردف قائلاً: "تدعي السعودية دائماً أنها تحترم سيادة القانون. بدأت أشك بذلك، فعائلتي ممنوعة من السفر حالياً دون أي سند قانوني. لم تجرَ أي محاكمة بهذا الشأن" مشدداً على أنه "إذا أرادت المملكة إنجاح "رؤية 2030" وجلب الاستثمارات الأجنبية، فلا بد أن يلمس الأشخاص احترام سيادة القانون”.
قبيل حفل ماريا كاري في السعودية، نشر شقيق المعتقلة لجين الهذلول وليد الهذلول مقالاً يكشف تفاصيل التعذيب الذي تتعرض له أخته. التعذيب لم يتم في الزنزانة فقط، لجين نُقلت إلى قصر حيث تعرضت إلى أشكال أخرى من التعذيب شملت التحرش الجنسي.
كتب وليد الهذلول: "بينما يصدح صوت ماريا كاري بالغناء على خشبة المسرح في السعودية، في محاولة مثيرة للشفقة لإظهار تسامح البلد تجاه النساء، العديد من السعوديات في الزنازين لمجرد قيامهن بحملات تطالب بتحسين معاملة النساء"
"لا تستحق لجين أن تُلقى في السجن، أموت كلما فكرتُ بأنها ستظل في السجن وأنا عاجز عن فعل أي شيء من أجلها". كلمات خطها وليد الهذلول بعد صمته 8 أشهر.
ملاك…وحقوقية
وتابع: "لا تستحق لجين أن تُلقى في السجن، أموت كلما فكرت بأنها ستظل في السجن وأنا عاجز عن فعل أي شيء من أجلها". واصفاً شقيقته بأنها "ملاك يمشي على الأرض لكنها بطلة مدافعة عن العديد من النساء والفتيات في جميع أنحاء السعودية وجميع أنحاء العالم في الوقت نفسه".
واختتم وليد مقاله قائلاً: "صمتُّ طيلة ثمانية أشهر، ورغم ذلك ازداد الوضع سوءًا ولا توجد أي إشارة إلى تحسن وضع شقيقتي. وكل ما أريده هو رؤيتها حرة مرة أخرى فقط" متسائلاً "بعد أن أخبرتكم قصة لجين: هل ستدعو ماريا كاري للمناشدة بإطلاق سراحها من على المسرح؟ هل يسمع صوتي؟".
وأوقفت لجين الهذلول مايو/آيار 2018، وأكدت شقيقتها علياء، التي تقيم في بلجيكا، في مقال نشرفي "نيويورك تايمز" 13 يناير/كانون الثاني الجاري، أن شقيقتها تعرضت لتعذيب وحشي وانتهاكات جسدية وتحرشات جنسية تحت إشراف سعود القحطاني مستشار ولي العهد محمد بن سلمان السابق، والمورط باغتيال خاشقجي.
وتحيي ماريا كاري مساء اليوم الخميس حفلاً غنائياً بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وشن ناشطون حقوقيون حملة لثني النجمة العالمية عن إحياء الحفل في البلد الذي يحتجز لجين وأخريات وينتهك حقوق الإنسان، فيما طالبها آخرون، على الأقل، بمناشدة السلطات من على المسرح إطلاق سراح لجين والمعتقلات الحقوقيات الأخريات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...