أعرب رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري، الأربعاء، عن أسفه لقرار ليبيا مقاطعة أعمال القمة العربية الاقتصادية والتنموية التي يستضيفها لبنان في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، على خلفية إحراق شبان ينتمون لحركة أمل اللبنانية العلم الليبي أمام المقر الذي سيحتضن القمة، فيما تفاقمت حدة التلاسن بين نشطاء بلدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي كلمته خلال افتتاح "منتدى القطاع الخاص العربي" بيروت، المنظم بمبادرة من اتحاد الغرف العربية وجامعة الدول العربية واتحاد الغرف اللبنانية، قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري: "لبنان سيبقى ينبض من خلال محبّيه، وهذه مناسبة لنعبّر عن أسفنا لغياب الوفد الليبي عن القمة العربية الاقتصادية والتنموية التي ستُعقد في بيروت" لافتاً إلى أن "العلاقة بين الأشقاء يجب أن تعلو على الإساءات".
بدوره أكد محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية، على أنه "لم يُطلب من أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط التوسط بين ليبيا ولبنان بشأن مشاركة ليبيا في القمة بعد أن أعلنت رسمياً مقاطعتها"، على خلفية إحراق العلم الليبي في بيروت واصفاً الواقعة بالمؤلمة مستطرداً "سنرى إلى أين تتجه الأمور".
وطالبت وزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني الليبية الجامعة العربية بـ "توضيح موقفها من التصرفات التي قامت بها لبنان باعتبارها دولة مستضيفة للقمة الاقتصادية المقررة في 20 يناير/كانون الثاني الجاري" عقب إحراق علمها ببيروت، كما طالب مجلس الدولة الليبي، الاثنين، بتجميد العلاقات مع لبنان.
وأعرب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في بيان الاثنين عن أسفه لاعتزام ليبيا عدم المشاركة في القمة الاقتصادية العربية.
أزمة تتفاقم
بدأت الأزمة عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يوثق إزالة وتمزيق مجموعة من الشبان المنتمين لحركة أمل (فصيل سياسي لبناني يقوده نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني مرتبط بالطائفة الشيعية) العلم الليبي من أمام المقر الذي تنعقد به القمة في بيروت، ورفع علم الحركة بدلاً عنه فيما رفع آخرون صوراً للإمام موسى الصدر أحد مؤسسي الحركة احتجاجاً على مشاركة ليبيا في القمة.
أما الجذور التاريخية للأزمة بين لبنان وليبيا، فتعود إلى اتهام الطائفة الشيعية في لبنان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بالمسؤولية عن اختفاء الإمام موسى الصدر ومرافقيه أثناء زيارتهم ليبيا في أغسطس عام 1978 بدعوة رسمية. واعتقل لبنان نجل القذافي هانيبال قبل 3 سنوات بعد عملية خطف مريبة بتهمة "كتم معلومات" حول قضية إخفاء الصدر ومرافقيه، رغم أنه (هانيبال القذافي) لم يكن ولد بعد زمن الحادث.
وغضب الليبيون بشدة مما حدث وطالبوا رئيس المجلس الرئاسي الحالي فايز السراج باتخاذ موقف حاسم ضد ما وصفوه "إهانة علم الثورة الليبية" وهو ما حدث لاحقاً، بالتزامن مع اقتحام عدد من الشباب الليبي مقر السفارة اللبنانية في طرابلس.
ودشن الليبيون هاشتاغ #ليبيا_أكبر_من_القمة أعربوا فيه عن غضبهم مما حدث وناشدوا حكومتهم قطع العلاقات مع لبنان لافتين إلى أن القذافي انتهى ومن تعرض للإهانة هو شعب ليبيا.
وفي المقابل، دشن اللبنانيون هاشتاغ #إلا_موسى_الصدر احتج بعضهم من خلاله على دعوة الوفد الليبي إلى القمة الاقتصادية في لبنان متهمين السلطات الليبية بالتقاعس في الكشف عن تفاصيل اختفاء الإمام الشيعي موسى الصدر، وهدد بعضهم الوفد الليبي في حال حضوره القمة معتبرين أن "دعوة الرئيس اللبناني ميشال عون لليبيين لا تعنيهم".
لكن بعض المغردين من لبنان نددوا بما أقدم عليه شبان حركة أمل في الفيديو المتداول محذرين من تقديم الانتماء الحزبي والعقائدي على مصالح الدولة.
ولوحظ أنه رغم الخلاف الشاسع بين مواطني البلدين، اتفق الطرفان في النهاية على أمرٍ واحدٍ وهو عدم مشاركة ليبيا بالقمة التي تقام على أرض لبنانية.
تحضيرات وفعاليات القمة
وفيما يتعلق بمستوى التمثيل في القمة التي تعقد في دورتها الرابعة في بيروت على مدار يومين (20 و21 يناير ) أوضح المتحدث باسم جامعة الدول العربية في مؤتمر صحافي بالقاهرة أن: "الجامعة تتطلع لأعلى تمثيل من الدول، لكن الدولة المضيفة هي التي ترسل الدعوات وتعرف مستوى الحضور".
ولفت عفيفي إلى أهمية القمة في دورتها الجديدة التي تعقد تحت شعار "الإنسان محور التنمية: الاستثمار في الإنسان"، لاهتمامها بمخاطبة احتياجات المواطن العربي العادي، مشيراً إلى أن القمة المرتقبة سوف تتضمن 24 بنداً تتناول مختلف قضايا العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وأبرزها موضوع الأمن الغذائي، في ضوء مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير بشأن الأمن الغذائي العربي، دون أي إشارة للقضايا السياسية.
لبنان يأسف لقرار ليبيا مقاطعة القمة الاقتصادية التي تحتضنها بيروت على خلفية إحراق العلم الليبي.
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يوثق إزالة وتمزيق مجموعة من الشبان المنتمين لحركة أمل اللبنانية العلم الليبي المرفوع أمام مقر انعقاد القمة الاقتصادية في بيروت.
عفيفي كشف أيضاً أن جدول أعمال القمة يتضمن مناقشة التحديات التي تواجهها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وتبعاتها على الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين، إلى جانب الخطة الإستراتيجية للتنمية القطاعية في القدس (2018 - 2022) واقتراحين من الأردن حول الأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على استضافة النازحين السوريين، والتحديات التي تواجهها الأونروا، ومقترحاً من لبنان حول وضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي.
ومن المقرر أن تسبق القمة اجتماعات اللجنة المعنية بالمتابعة على مستوى كبار المسؤولين، غداً الخميس، وتتشكل من ترويكا القمة (مصر والسعودية ولبنان) وترويكا المجلس الاقتصادي والاجتماعي (السودان والعراق وسلطنة عمان)، بحضور الأمين العام أحمد أبو الغيط.
كما يعقد الخميس 17 يناير الاجتماع المشترك التحضيري للقمة على مستوى المندوبين الدائمين وكبار المسؤولين، على أن تستكمل الاجتماعات يوم الجمعة المقبل على المستوى الوزاري، يعقبها الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة.
وتستعد بيروت، الأحد المقبل، لاستضافة القمة الاقتصادية التنموية العربية، بمشاركة 850 إعلامياً من لبنان ودول عربية وأجنبية وسط استعدادات أمنية مشددة، وتطلع سعد الحريري إلى نجاح القمة قائلاً "نأمل أن تكون ناجحة، وتحاكي تطلّعات شعوبنا"، معرباً عن أمله في أن "ينتج عن القمة توصيات عملية ترفع المستوى المعيشي للمواطن العربي، وإزالة الحدود بين دولنا العربية، حتّى يستطيع المواطن القيام بالتجارة والعلم والصناعة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...