شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
موسكو تهدم دور السينما من الحقبة السوفييتية… ما الأمر؟

موسكو تهدم دور السينما من الحقبة السوفييتية… ما الأمر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 9 يناير 201901:26 م
لإحياء "الضواحي الكئيبة"، تنوي موسكو هدم 40 دار سينما تعود إلى الحقبة السوفييتية وتحويلها إلى مُجمّعات زجاجية حديثة تنفيذاً لخطتها لتغيير وجه العاصمة الروسية بقيادة عُمدتها سيرغي سوبيانين. شُيدت الغالبية العُظمى من دور السينما السوفييتية وأشهرها سينما "المريخ" وسينما "الألماس" في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي خلال "طفرة الأفلام السوفييتية" آنذاك، وفقاً لوكالة "فرانس برس". وكانت دور السينما محور الحياة الاجتماعية في موسكو على مدى عقود، ولم تتأثر شعبيتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، نظراً لانخفاض أسعار تذاكرها مقارنةً بدور العرض الروسية الأُخرى.

التسوق يعوض السينما

اشترت شركة ADG Group العقارية 39 قاعة سينما من الحكومة الروسية، بنيّة "إضاءة" ضواحي موسكو الكئيبة وإحياء المناطق "السكنية النائمة"، فيما احتج بعض النُشطاء والمُقيمين على الصفقة لأن المشروع سيُفسد حياتهم الاجتماعية ويُدمّر التُراث المعماري العريق. يُوضّح مؤسس ومدير المجموعة غريغوري بيشيرسكي Grigory Pechersky من جهته أن غالبية دور السينما السوفييتية كانت في حالة "سيئة للغاية" حين اشترتها المجموعة عام 2014، لافتاً في حواره مع وكالة فرانس برس إلى أن "نصفها كان مُغلقاً منذ التسعينيات أصلاً". وأشار بيشيرسكي إلى أن المشروع سيسمح للمقيمين في ضواحي موسكو بقضاء وقت الفراغ بشكلٍ ألطف عوض السفر إلى مُدن روسيا الضخمة من أجل الترفيه والتسوق، لأنه "لا يوجد شيء في ضواحي موسكو" بحسب قوله. وأوضح أن الشركة ستُرمم 3 دور سينما، فيما ستُهدم البقية بالكامل.
يقول رئيس مجموعة ناشطة لإنقاذ سينما "الألماس"، إنه يخشى أن تنضم دور السينما السوفييتية إلى قائمة طويلة من "المراكز التجارية العادية" التي تضمها موسكو... "لم يسألنا أحد عن رأينا"
"السينما بالنسبة لنا هي أهم الفنون" هكذا كان يقول الزعيم الشيوعي لينين ملخصاً الفكر الشيوعي وكيف كان ينظر إلى السينما والدور الذي رسمه لها في البروباغندا السوفييتية.

قيمة معمارية ضعيفة

وفيما أعرب بعض سكان موسكو عن استيائهم من "الاستغناء" عن الإرث المعماري السوفييتي واستبداله بمباني كئيبة تشبه المراكز التجارية، تقول مجموعة ADG إن لهذه الأبينة "قيمة معمارية ضعيفة"، لم تعد عملية اليوم، مُشيرة إلى أن ما "سيُحتفظ به" هي الأسماء المأخوذة عن مدن وأنهار الاتحاد السوفييتي والكواكب والجبال والأحجار الكريمة. وتظهر صور اطلعت عليها وكالة "فرانس برس" أن المباني الجديدة التي ستحل مكان دور السينما بعد هدمها يتغطيها واجهات زجاجية بالكامل. يقول كليم ليخاتشيف، رئيس مجموعة ناشطة لإنقاذ سينما "الألماس"، إنه يخشى أن تنضم دور السينما السوفييتية إلى قائمة طويلة من "المراكز التجارية العادية" التي تضمها موسكو. وأضاف "يقولون لنا إنها أماكن كئيبة وينبغي هدمها، لكنها دار السينما المُفضلة لدينا ولم يسألنا أحد عن رأينا" مُشيراً إلى أنهم يعنون بـ "مراكز اجتماعية"، "مراكز تجارية عادية". وتندرج هذه التطويرات في إطار برنامج أوسع ينفذه رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين الذي خصص مليارات الدولارات لتغير وجه العاصمة الروسية في السنوات القليلة الماضية. من بين "الإنجازات" التي لم تُعجب البعض كان إنشاء حديقة بمليارات الدولارات وهدم شقق سكنية سوفيتية.

مكانة السينما في الحقبة السوفييتية

"السينما بالنسبة لنا هي أهم الفنون" هكذا كان يقول الزعيم الشيوعي لينين ملخصاً الفكر الشيوعي وكيف كان ينظر إلى السينما والدور الذي رسمه لها في البروباغندا السوفييتية. في عام 1919، قام النظام السوفييتي بتأميم قطاع الإنتاج السينمائي وتوزيعه، وكان لهذا القرار أثر كبير ومباشر في تطوير الإنتاج من 11 فيلماً عام 1921 إلى 157 فيلماً عام 1924. أنشأ الاتحاد السوفييتي أول مدرسة للفيلم في العالم عام 1919 هي مدرسة VGIK فتشبّعت حينها السينما بالتيارين "المستقبلي" و"البنيوي". كانت السينما في العهد السوفييتي تحت سيطرة الدولة من حيث التمويل والرقابة أيضاً، غير أنها لم تخلُ من التجديد، لكونها عماد الفكر الشيوعي. تروتسكي كان يقول عطفاً على مقولة لينين "حين يصبح للمجمعات السكنية الصغيرة دور سينما حينها سنكون جاهزين للانتهاء من تأسيس الشيوعية". برزت في عشرينيات القرن الماضي أسماء لامعة في السينما السوفييتية أبرزها سرغاي أنشتاين وسيفولود بودوفكين وألكسندر دوفشنكو. وفي عام 1925 برز فيلم سوفييتي اعتبر من روائع السينما العالمية وما زال، هو (Bronenosets Potyomkin) . ثم خطت السينما السوفييتي خطوة عملاقة بظهور الصوت في السينما فاستغلت ذلك لتطوير مدرسة "الواقعية الاشتراكية"، وبرز فيلم Tchapaïev 1934 للأخوين فاسيلياف. وفي آخر عهد ستالين، تأثرت السينما السوفييتية برفع القيود قليلاً فتخلصت من تدريجياً من الواقعية الاشتراكية النمطية لتبحث أكثر عن لون خاص بها، فيما تميزت حقبة غورباتشوف التي سبقت انهيار الاتحاد السوفييتي والمعروف بـ البيريسترويكا بالتخلص من قيود القيادة السوفييتية لتعرف أول عهود الخوصصة. بعد سقوط الاتحاد السوفييتي برزت أسماء مخرجين روس حازوا اعترافاً دولياً من أمثال : أندراي ميكالكوف ونيكيتا ميكالكوف وبافيل لونغيني وألكسندر سوكوروف، غير أن سقوط الاتحاد السوفييتي واكتساب حرية تعبير غير مسبوقة في التسعينات لم يخلص السينما الروسية تماماً من مواضيع كانت مطروحة زمن الاتحاد السوفييتي. وتواجه السينما الروسية في الوقت الحالي عدة تحديات أبرزها ضعف التمويل وحدة المنافسة الأجنبية لكنها تبقى متميزة لا سيما في ما يتعلق بسينما الكتّاب ولها في هذا الصدد نفس استثنائي ومتميز.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image