3 طلقات نارية في الرأس والصدر أودت بحياة عارضة الأزياء ووصيفة ملكة جمال العراق تارة فارس، في وضح النهار، بينما قالت وزارة الداخلية إنها فتحت تحقيقاً لكشف ملابسات الاغتيال. قتل تارة فارس، 23 عاماً، يُعدّ واحداً من أبرز عمليات الاغتيال الغامضة في الأيام الأخيرة... وقد جعل الخميس يوماً للحزن والمآتم بدلاً من وقت للراحة والفرح في بلاد مزقها العنف وعجنتها الطائفية. من بغداد إلى البصرة، تفرقت الأماكن وبقيت نساء العراق الهدف الأبرز لهذه العمليات، على اختلاف اهتماماتهن، أما القاتل فمجهول وحر طليق.
من هي تارة فارس؟
كانت تارة في سيارتها الرياضية يوم خميس عادي في منطقة كمب سارة - وهي منطقة حيوية منذ القرن الماضي ترتبط باسم الفتاة الأرمنية سارة خاتون التي قدمت المساعدة للأرمن الفارين إلى بغداد - حين فاجأها المعتدي بطلقتين في الرأس وواحدة في الصدر، أسقطتها قتيلة في الحال قبل نقلها إلى مستشفى الشيخ زايد، حسب ما أظهرت لقطات مصورة للحادث. لم تنخرط تارة في شؤون السياسة مثلما فعل آخرون، بل اكتسبت شهرة على شبكات التواصل الاجتماعي نتيجة اهتمامها بالموضة والجمال وبفعل إطلالاتها المفاجئة، فماذا فعلت لتستحق هذا المصير المؤسف؟ طُرح السؤال كثيراً منذ إعلان خبر مقتلها، ليردّ آخرون، بعضهم شامتاً، بأن جرأتها و"عهرها" كانا السبب في قتلها.جاء اغتيال تارة فارس مصحوباً بما يمكن تسميته صدمة مُزدوجة، ففي حين سادت حالة من الحزن بين عراقيين أسفوا لرحيل الفتاة المفاجىء والغامض، كان هناك آخرون يشمتون بأنها "عاهرة وانكتلت" (عاهرة وقُتلت)تارة من مواليد عام 1996 لأب عراقي وأم لبنانية. تقول تقارير إنها لم تكمل تعليمها، وتوقفت عند المرحلة الإعدادية فقط، بسبب الظروف المعيشية، لكنها حظيت سريعاً بالاهتمام لدى ظهورها في مقاطع فيديو على يوتيوب، ومشاركتها في مسابقات الجمال حيث انتُخبت ملكة جمال بغداد ووصيفة ملكة جمال العراق السابقة. ورُغم صغر عمرها أنجزت الكثير لنفسها، فشاركت في أعمال فنية وأصبحت وجهاً دعائياً لعلامات تجارية. انتقلت إلى أوروبا لفترة من الوقت قبل أن تعود إلى بلادها وتمضي وقتها منتقلة بين بغداد وأربيل.
صدمة مزدوجة
جاء اغتيال تارة فارس مصحوباً بما يمكن تسميته صدمة مُزدوجة، ففي حين سادت حالة من الحزن بين عراقيين أسفوا لرحيل الفتاة المفاجىء والغامض، كان هناك آخرون يشمتون بأنها "عاهرة وانكتلت" (عاهرة وقُتلت). الإعلامي، عدنان الطائي، كتب في حسابه على تويتر "لا يحق لك أن تأخذ حياة أحد ما لأنه يعيشها وفق ما يريده هو!"، معتبراً أن من يبرر قتل إنسان بسبب اختلاف أفكاره يعطي للآخرين الإذن بقتله إذا خالفوه في الرأي. ومثله قالت الفنانة الكردية سارة مُسعد، ناعية تارة بالقول "قُتلت لأنها أحبت العراق وهذه جريمة في بلدي #تارة_فارس" وعلقت العراقية نورس علي قائلة "يكرهون الحب يكرهون الحياة يكرهون الورد يكرهون النساء يكرهون النور يكرهون السلام". ربما تخلص العراق من داعش ودحره من أغلب أراضيه بعد السيطرة عليها عام 2015، لكنه لم يتخلص من الأفكار المحافظة والداعشية في المجتمع... كان هذا لسان حال المُعلقين على ما كتبه البعض عن مقتل تارة، وبينهم نواب في البرلمان وشخصيات عامة أعربوا عن شماتتهم في اغتيالها.ضحايا آخرون... ناشطة وطبيبة وخبيرة تجميل والقاتل مجهول
في العراق، لم يعد الخميس "ونيس" كما في دول الجوار الخليجية، أصبح على العراقيين ترقب الجديد في ما يسمونه "يوم القتل"، نتيجة لتكرار وقائع الاغتيال في هذا اليوم تحديداً. في غضون الأسابيع الأخيرة، تعددت وقائع وفاة نساء عراقيات، ارتبطت أعمالهن بنشاطات يراها البعض مُتعارضة مع تقاليد المجتمع المحافظ. واللافت أن ما يجمع هؤلاء الضحايا أنهن يمتلكن صفحات على الشبكات الاجتماعية، ويتابعهن كثير من الناس. في مقطع فيديو قصير لكاميرا مراقبة تم تداوله الأسبوع الماضي، ظهر شخص يتقدم من سيارة الناشطة سعاد العلي قبل أن يطلق النار عليها في شارع مزدحم. والعلي واحدة من الناشطات المهتمات بقضايا المرأة، كما ترأست منظمة "الود العالمي" لحقوق الإنسان. وبينما لا يزال القاتل حراً، سرت روايات بين العراقيين تقول إن سبب قتلها ربما يعود إلى تأييدها للتظاهرات التي شهدتها البصرة مؤخراً. وفي 23 أغسطس الماضي، توفيت خبيرة التجميل رشا الحسن، في ظروف غامضة بعد وصولها مستشفى الشيخ زايد في بغداد. وتمتلك الحسن، 33 عاماً، مركز تجميل شهير في العاصمة. وأثار مقتلها تساؤلات المواطنين حول السبب الحقيقي لموتها. وفي ظروف غامضة أيضاً، توفيت طبيبة التجميل رفيف الياسري، في 17 أغسطس الماضي. حينها قالت وزارة الصحة العراقية إنها "وصلت متوفاة إلى مستشفى الشيخ زايد في العاصمة بغداد". أما الأكثر تشابهاً مع حادثة قتل تارة، فكانت حادثة قتل الممثل المسرحي العراقي كرار نوشي العام الماضي، وهو الذي عُرف بجرأته ومخالفته بالشكل والتصريحات للسائد في المجتمع المحافظ، وقد واكبت مسيرته عمليات تحريض وشتم كثيرة، وصولاً إلى الشماتة بمقتله في يوليو الماضي.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...