أعلنت قناة "سي بي أس" (CBS) الأمريكية، مساء الخميس، عن بثّ مقابلتها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأحد المقبل، لافتةً إلى أن السلطات المصرية طالبتها بعدم بث المقابلة لكن طلبها قوبل بالرفض.
وكان سكوت بيللي قد حاور السيسي، الذي بدا في قمة توتره وهو يتصبّب عرقاً، كما يظهر في الإعلان الترويجي للمقابلة في برنامج "60 دقيقة" الشهير.
ووجّه بيللي للرئيس المصري أسئلة أقل ما توصف به أنها "مُربكة وغير محبّذة" للأخير، لا سيّما حول ما يتعلّق بزجّ معارضيه في السجون وفضّ اعتصامَيْ رابعة العدوية والنهضة بالقوة والقتل خارج القانون.
المقابلة التي لا تريدها الحكومة
تحت عنوان "المقابلة التي لا تُريد الحكومة المصرية إذاعتها"، قالت القناة عبر موقعها الإلكتروني: "بينما جلس الرئيس المصري يستعرض تعاون جيش بلاده مع الإسرائيليين ضد الإرهاب في شبه جزيرة سيناء. لم تكن الأسئلة عن سجن المعارضين وارتكاب مجزرة بحق 800 مدني حين كان وزيراً للدفاع من نوعية الموضوعات التي تريد حكومته الحديث عنها".
وأضافت القناة: "تواصل السفير المصري في الولايات المتحدة (لم تهتمّ أن تذكر اسمه) مع فريق البرنامج عقب فترة وجيزة وطالب بعدم بث المقابلة"، مُردفةً بالقول: "سيتمّ بثّ المقابلة الأحد 6 يناير في تمام السابعة مساءً في إطار حلقة برنامج 60 دقيقة على CBS".
?s=21وعند سؤاله عما إذا كان تعاون حكومته الحالي مع إسرائيل هو "الأقوى على الإطلاق" بين عدوين كانا في حالة حرب في فترة ما، ردّ السيسي بالإيجاب وقال: "هذا صحيح ... نتعاون على نطاق واسع مع الإسرائيليين".
وأوضحت القناة أن الجيش المصري يقاتل قرابة ألف إرهابي تابع لتنظيم "داعش" في شبه جزيرة سيناء، بينما سمح للإسرائيليين القيام بهجمات جويّة هناك.
الحقائق تُربك السيسي
أشارت "سي بي أس" إلى أن السيسي كان وزيراً للدفاع إبان فترة حكم محمد مرسي، معتبرة إياه مسؤولاً، باعتباره وزير الدفاع آنذاك، عن "المذبحة" التي حدثت عام 2013 عندما فضّت السلطات المصرية اعتصامين لأنصار جماعة "الإخوان المسلمين"، اعتبر السيسي قرابة ألف شخص منهم إرهابيين.
تواصل السفير المصري في الولايات المتحدة مع فريق البرنامج عقب فترة وجيزة وطالب بعدم بث المقابلة، فكان ردّ القناة: البث يوم الأحد 6 يناير في تمام السابعة مساءً
"بينما جلس الرئيس المصري يستعرض تعاون جيش بلاده مع الإسرائيليين... لم تكن الأسئلة عن سجن المعارضين وارتكاب مجزرة بحق 800 مدني حين كان وزيراً للدفاع من نوعية الموضوعات التي تريد حكومته الحديث عنها"... حسب الإعلان الترويجي للمقابلة
وعندما سُئل عما إذا كان هو من أصدر أمر الفضّ، اختبر السيسي معلومات بيللي في البداية، ثم قال: "كان هناك الآلاف من المسلحين في الاعتصام الذي استمر لأكثر من 40 يوماً". ثم استطرد قائلاً: "لقد حاولنا صرفهم بكل الوسائل السلمية". وفي سخرية واضحة من إجابة السيسي، أوضحت القناة أن الحكومة المصرية أكدت عقب الفض "انتشال ما يزيد قليلاً عن 12 بندقية من بين الآلاف في معسكر الاحتجاج".
ورغم أن المحطة تعترف بأن السيسي تولى السلطة إثر "موجة من التأييد من جانب حشود مصرية غير راضية عن مرسي"، إلا أنها أكدت في الوقت نفسه، أن النقاد يعتبرونه "الأكثر استبداداً" من جميع أسلافه في تاريخ مصر الحديث.
وعندما واجه بيللي السيسي بأعداد السجناء السياسيين في بلاده في الوقت الراهن، وهو 60 ألف سجين حسب تقديرات "هيومن رايتس ووتش"، قال الرئيس المصري: "لا أعرف من أين حصلوا على هذا الرقم. أقول إنه لا يوجد سجناء سياسيون أو سجناء رأي في مصر". ثم تابع القول: "عندما تكون هناك أقلية تحاول فرض عقيدتها المتطرفة، ينبغي أن نتدخل بغض النظر عن أعدادهم".
كان جلياً عجز السيسي عن مواجهة بيللي المحصّن جيداً بالمعلومات، وهو (السيسي) الذي اعتاد محاورة متملقيه على شاكلة أحمد موسى فبدأ عرقه يتصبب وظهر الارتباك عليه.
وذكرت المحطة أن وزارة الخارجية الأمريكية تؤكد حدوث عمليات قتل وتعذيب في سجون السيسي اليوم، تماماً كما كان يحدث قبل توليه السلطة.
عيون محمد سلطان
كان بيللي تحدث قبل محاورته السيسي مع سجين سابق، كانت تهمته الإبلاغ عن أخبار كاذبة والتقاط صور لمذبحة 2013. وبدأت CBS برومو مقابلة السيسي بصورة عيون محمد سلطان وصوته في الخلفية، وهو يقول: " تم استهدافي لأنني كنت أمتلك كاميرا... كان لدي هاتف وكنت أغرّد".
سلطان الذي تنازل عن جنسيته المصرية وأصبح مواطناً أمريكياً لينال حريته، كانت إدارة أوباما قد أمّنت إطلاق سراحه عقب عامين قضاهما في السجن.
وكشف سلطان، عقب سفره إلى الولايات المتحدة، أن حراس السجن كانوا يعاقبونه (كما بقية المسجونين) بالحرمان من النوم والعزلة. وأضاف "تم استخدام الضوء القوي لجعلي مشوشاً...حراس زنزانتي كانوا يمررون شفرات الحلاقة أسفل عتبة الباب، وكان الأطباء يقولون لي (اقطع عمودياً، وليس عرضياً حتى تموت أسرع)".
وكانت صحة سلطان قد تدهورت بعد إضرابه عن الطعام ما يزيد عن400 يوم، وكان يدخل المحكمة راقداً على نقالة طبية في المحكمة لعدم قدرته على الوقوف. وحذر ناشطون ومنظمات حقوقية من هلاكه حينها ما دفع الولايات المتحدة للتدخل لإنقاذه.
الصحف المصريّة مشغولة بـ"الإنجاز"
في أحدث تقاريرها الصادر في نوفمبر الماضي، انتقدت منظمة العفو الدولية وضع حقوق الإنسان في مصر بشكل خاص واتهمت السلطات بقمع المعارضين واستهدافهم. وبجانب سجن المعارضين وقمع الحريات، تبرز جريمة الاختفاء القسري كواحدة من أبشع جرائم النظام الحالي ضد معارضيه ويظهر البعض منهم في وقت لاحق بعد تصفيته في "حملة مزعومة" ضد إرهابيين أو كمتهمين في أحداث إرهابية.
وفي أغسطس الماضي، أكدت حملة "أوقفوا الاختفاء القسري"، في تقريرها السنوي الثالث، وجود 230 حالة اختفاء قسري جديدة في مصر بين 15 أغسطس2017 و1 أغسطس 2018، ليصل عدد من تمّ توثيق اختفائهم قسرياً منذ الإطاحة بمرسي عام 2013 إلى 1520 شخص.
في المقابل، لم تتناول الصحف المصرية المحلية الحوار مع السيسي لا من قريب أو بعيد رغم الأصداء القوية حوله عالمياً. واكتفت عوضاً عن ذلك بذكر أحدث "إنجازات الرئيس" وهو التوجيه بخفض الدين العام وعجز الموازنة في إطار مبادرته لتوفير "حياة كريمة" للمواطنين، أو الحديث عن افتتاحه المرتقب لأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط في العاصمة الإدارية الجديدة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت