نُقدّم لكم هذا المقال بالتعاون مع SMEX
حجبت شركة "نتفليكس" عن مستخدميها في السعودية حلقة كوميدية من برنامج ساخر انتقدت السلطة السعودية، وذلك بناءً على طلب من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، في خطوة تُعتبر تضييقاً جديداً من قبل المملكة على حرية التعبير على منصّات البثّ الإلكترونية.
أكّدت "نتفليكس" إزالة الحلقة الثانية من برنامج "باتريوت آكت" الذي يقدّمه الكوميدي الأميركي حسن منهاج، والتي قد تضمنت انتقادات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان وكذلك للحملة العسكرية في اليمن التي تقودها السعودية إضافة إلى كشف كيفية سيطرة المال السعودي على حصص العديد من الشركات الناشئة في وادي السيليكون.
https://youtu.be/LUhbZdvtzcw?t=2
أكّدت "نتفليكس" لصحيفة "فاينانشال تايمز"، الثلاثاء، أنّها تدعم "بقوة الحرية الفنية في العالم، وأزلنا هذه الحلقة في السعودية بعدما تلقينا طلباً قانونياً صالحاً، وبسبب امتثالنا للقانون المحلي". وبالتالي، أشارت إلى أنّ هذه الخطوة جاءت بناءً على طلب هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السعودية لحجب هذه الحلقة بحجة أنّها تنتهك قانون مكافحة جرائم الإنترنت في المملكة.
وشرحت الشركة الأميركية أنّ هيئة الاتصالات السعودية ذكرت في فحوى اعتراضها المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية في السعودية، والتي تنصّ على أنّ "إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”، يُعاقب منتجه “بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثالثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
استغرب الرئيس التنفيذي لمنظمة "سمكس"، محمد نجم، قبول شركة "نتفليكس" هكذا طلب وحذفها لهذه الحلقة في السعودية بداعي التزام الشركة الأميركية بالقانون المحلي للبلد، خصوصاً وأنّه "عند تبوء أيّ سياسي لموقع عام في السلطة فمن الطبيعي أن يصبح مادة للمساءلة في الإعلام ومن مواطنيه". وقال نجم إنّ "التزام الشركات الأجنبية بالقوانين المحلّية لا يعني أنّ على هذه الشركات أن تحترم مواد قانون قمعي وفضفاض يبرّر سجن المعارضين وإغلاق المساحات العامة للنقد في السعودية، كقانون مكافحة جرائم المعلوماتية. على العكس، يجب أن تتحدى هذه الشركات هكذا طلبات وأن تتبنّى معايير دولية كالمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تؤكّد على الحق في حرية الرأي والتعبير".
وشرح نجم أنّه "عند إغلاق هذه المساحات العامة للتعبير، تصبح أدوات النشر على الويب الأداة الوحيدة المتاحة للتعبير. ولذلك، عند انصياع الشركات لمطالب هذه الدول فهي تساهم بشكل مباشر في زيادة القمع المفروض على مواطني هذه الدول".
خطوة "نتفليكس" الأخيرة بحجب المحتوى في السعودية تثير مخاوف بشأن حرية التعبير على منصّات البثّ الإلكترونية، خصوصاً وأنّ السلطات السعودية تبرّر انتهاكاتها لحرية التعبير بأنّها تأتي التزاماً بالقانون. وتمتلك السعودية سجلاً حافلاً بحجب المحتوى على الإنترنت إذ كانت من بين دول خليجية عدة تستخدم تقنيات كندية لحجب مواقع إلكترونية مختلفة، وكذلك بتتبّع الناشطين عبر اختراق أجهزتهم وصولاً إلى سجنهم مثلما حصل مع ناشطين وناشطات لمناصرة حق المرأة في قيادة السيارة، أو تصفيتهم مثلما حصل في قضية الصحافي جمال خاشقجي.
وأشارت اليوم جيليان يورك، المديرة في "مؤسسة الجبهة الإلكترونية" (Electronic Frontier Foundation)، والتي تحدّثت لصيحفة "فاينانشال تايمز" في تقريرها عن حجب "نتفليكس" لهذه الحلقة، أنّ البوتات (برمجيات المحادثة الآلية) السعودية تنشط على منصات التواصل الاجتماعي لتبرير عملية الحجب.
بعد إجراء بحث بسيط، يتبيّن أنّ شركة "نتفليكس" لا تذكر في بنود الاستخدام التي تنشرها على موقعها – صراحة – أنّها تمتثل للقوانين المحلية للبلدان التي تعمل فيها. بل يرد في الفقرة التاسعة أنّ "شروط الاستخدام هذه تخضع لقوانين ولاية ديلاوير في الولايات المتحدة الأمريكية وتُفسَّر وفقاً لها، بغضّ النظر عن تعارض أحكام القوانين".
بالإضافة إلى ذلك، لا تتضمّن بنود الاستخدام أي توضيح حول إزالة المحتوى وحجبه، وأسباب الإزالة أو الحجب، وكيف تستقبل الشركة طلبات الإزالة أو الحجب، وما هي الجهات التي يحقّ لها طلب إزالة أو حجب المحتوى، والآليات المتبعة.
نطالب شركة "نتفليكس" بأن تكون شفافة أكثر تجاه القضايا التي تمسّ حرية التعبير، وأن تنشر تقرير شفافية يذكر حالات حجب أو إزالة المحتوى، ولأيّ سبب، والجهات التي طلبت ذلك، وعدد الطلبات، ومن أي بلدان.
يجدر بالذكر أنّه لا يزال بإمكان المستخدمين مشاهدة الحلقة الثانية من برنامج "باتريوت آكت" التي حجبتها "نتفليكس"، وذلك على قناة العرض الرسمية للبرنامج على "يوتيوب".
لا تذكر "نتفليكس" في بنود الاستخدام التي تنشرها على موقعها أنّها تمتثل للقوانين المحلية للبلدان التي تعمل فيها، وهو ما يتناقض مع ما قالته: "أزلنا الحلقة في السعودية بعدما تلقينا طلباً قانونياً صالحاً، وبسبب امتثالنا للقانون المحلي".
خطوة "نتفليكس" الأخيرة بحجب المحتوى في السعودية تثير مخاوف بشأن حرية التعبير على منصّات البثّ الإلكترونية، خصوصاً وأنّ السلطات السعودية تبرّر انتهاكاتها لحرية التعبير بأنّها تأتي التزاماً بالقانون.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...