شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
أن تكوني صحافية مصرية اليوم

أن تكوني صحافية مصرية اليوم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 20 أكتوبر 201601:45 م

الثقه فى الكفاءة، التحرش الجنسي، استهداف الأمن، نظرة المجتمع الدونية إلى الفتاة، وفقر المؤسّسات الصحافية، تدفع إلى التضحية بمواهب الإناث مقابل الإستعانة بالرجال. لم يعد أمراً سهلاً أن تخوض المرأة المصرية تجربة العمل في "بلاط صاحبة الجلالة".

تحمل كل صباح في حقيبتها قلماً وكتاباً، مع بعض الهموم والأفكار السلبية، وتمضي إلى عملها في ميدان الصحافة متسائلةً من أين ستأتيها الرسائل السلبية لهذا اليوم. هل من رئيسها في العمل أم من زميل لها؟ أم من رجل أمن سيرفض تواجد صحافيات في مظاهرة عامة فيطلق عليهن أتباعه لاستفزازهن أو التحرش بهن، مبرراً فعلته بالقول "إيه اللي وداها هناك؟".

تعمل سارة عادل في الصحافة منذ 6 سنوات. تهميش المواهب واعتبار أنها تقتصر على الرجال هو أكثر ما يؤرق عادل في مؤسستها. المؤسسة تواجه أفكار التحقيقات التي تقترحها عادل، حتى لو كانت معمّقة، بنظرة استهزاء. "فرص العمل الميداني تُعطى دوماً للرجال، حتى لو كانت صاحبة الفكرة صحافية، باعتبار أن الرجل أقدر على أدائها لأنه سيتمكن من التعامل مع مشاكل الشارع" تقول.

نهى جميل، من جهتها، تعمل في هذا الميدان منذ 9 سنوات. تختلف مشاكلها لطبيعة عملها الميداني، وتتمثل بشكل أساسي في استهداف الصحافيات بطرق مختلفة أثناء المظاهرات أو الاشتباكات لمنع تواجدهن في الساحة. تقول نهى: "بمجرد أن يلمح فرد الأمن كاميرا أو ورقة وقلم مع فتاة، تبدأ عمليات المضايقات". وتضيف: "في مواجهة هذه المضايقات، غالباً ما لا تتمكن المؤسسة الصحافية، مهما كانت قوية، من رد الاعتبار للصحافية. كل ما يستطيعونه هو محاولة إطلاق سراحها في حال اعتقالها".

نظرة المجتمع للفتاة عامةً تترك أثرها على الأداء المهني للصحافيات. المجهود الذي على الصحافية أن تبذله أثناء تحقيقٍ ميداني يكون مضاعفاً. رنا فهمي، التي تعمل في مؤسسة خاصة تقول إن "الرجل يستطيع أن يتعامل بشكل حميمي مع أهل المنطقة، يتبادل معهم السجائر، يتحدث مباشرةً براحة كبيرة، ولكن على الفتاة أن تتخذ الكثير من الخطوات لتكسب ثقة رجل في الشارع". على حد تعبير فهمي ، لا بد للصحافية أن تثبت أنها "بنت بلد"، أي ذات أصول، حتى يطمئن لها أهل المنطقة ولا تتعرض للمضايقات.

يحدث أيضاً أن تكون الصحافية أكثر عرضةً للاضطهاد الفكري اذا ما كانت تمتلك رأياً سياسياً يخالف سياسة الوسيلة الإعلامية التي تعمل لها، لا لضعفها هي، بل لاستخفاف بعض المسؤولين بها. هبة أبو الحسن اضطرت إلى التخلي عن وظيفتها لمخالفتها بشكل مباشر سياسة الجريدة أمام رئيسها. تقول: "مخالفتي لآراء الجريدة دفعت رئيس العمل للضغط علي لأقدّم استقالتي، أولاً بنقلي من القسم الذي أعمل فيه، ثم عبر خفض راتبي الشهري. كان بعض رؤساء الأقسام يمنعون أيضاً نشر موضوعاتي". هذه التصرفات تطال طبعاً العاملين في الوسائل الإعلامية رجالاً كانوا أم نساء، ولكن يستسهل الرؤساء أداء ذلك عندما تكون المتمرّدة على النمط الفكري الواحد إمرأة.

يكثر الحديث عن التحرش الجنسي في مصر اليوم بشكلٍ عام، وهو يأخذ حيزاً كبيراً في حياة الصحافيات، لاعتبارات كثيرة قد تكون أمنيّة، عبر محاولة رجال الأمن إرهاب الإعلام، أو متعلقة بنظرة المجتمع ذاتها إلى المرأة. ندى بسيوني، مصوّرة صحافية تعمل فى مؤسسة حكومية، تعرضت لأكثر من حادثة تحرش جنسي خلال عملها لتغطية الاحتجاجات بعد الثورة وتحديداً خلال مسيرات الإسلامين. تقول: "مليونيات الإسلامين أو الإخوان هي المليونيات الوحيدة التي تقلقني أثناء العمل، فغالباً ما يكون التعرض للتحرش الجنسي فيها وارداً".

لا تزال فضيحة ما يسمى بالأربعاء الأسود (2005) صارخة حتى اليوم، حيث تعرضت مجموعة من الصحافيات والناشطات إلى اعتداءات جسدية وجنسية لم تلقَ محاسبة ولا تعاطياً لائقاً من قبل السلطات المصرية المتعاقبة حتى اليوم. عدم إمكانية الاستناد إلى رجال الأمن في الميدان تدفع النساء إلى اتخاذ بعض الإجراءات الإحترازية لحماية أنفسهن من المتحرشين.

إجراءات توصّلن إليها بعد تجارب كثيرة، منها ارتداء ملابس فضفاضة وطويلة، وارتداء الحقائب بشكل عكسي، والتسلح بالحد الأدنى بسبراي أو صاعق كهربائي.

وفقاً لخريطة التحرش الجنسي، فإن 99.3 % من النساء في مصر تعرضن للتحرش بعدة أشكال، كانت أكثرها 59 % عبر اليد، و48 % عبر التلفظ بعبارات خادشة للحياء ولها إيحاءات جنسية. كما أن مصر تأتي في المرتبة الثانية في نسبة التحرش بالمرأة عالمياً بعد  أفغانستان، إذ جرى تحرير 9642 محضر تحرش مؤخراً، و132 محضر اغتصاب، وفقاً لتقارير لوزارة الداخلية.

ولكن مرتكبي التحرش غالباً ما يبقون دون عقاب. في الحقيقة، يعود تفاقم هذه الظاهرة وفق حسن نصّار، منسق مبادرة بصمة لمنع التحرش، لعقم القانون المصري. فالتحرش الجنسي وفقاً للقانون جريمة عقوبتها كبيرة لكن لمن يستطيع الإثبات، وهنا تكمن الثغرة التي تتيح لأي شخص الاعتداء على فتاة دون عقاب في ظل غياب الإثبات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image