بينما يحتفل العالم العربي والإسلامي بدخول برلمانيتين مسلمتين الكونغرس في سابقة من نوعها، أكدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن المملكة العربية السعودية أعلنت الحرب الإعلامية على أول عضوتين مسلمتين في الكونغرس هما رشيدة طليب وإلهان عمر، وذكرت أن البلد الخليجي الحليف للولايات المتحدة استخدم "العنصرية والتعصب والأخبار الملفقة" في حربها على من وصفتهما بـ "أحدث السياسيين الصانعين للتاريخ في أمريكا"، في إشارة إلى أن فوزهما في الانتخابات الأخيرة كان حدثاً تاريخياً مهماً.
وأوضحت المجلة أن "التهمة الأكثر رواجاً عبر الإنترنت من قبل أنصار المملكة العربية السعودية على الديمقراطيين المسلمين الأمريكيين هو تصنيفهم كأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، أي كـ"إخوان" وهو مصطلح شائع إطلاقه على "المتطرفين بالمنطقة من قبل الحكومات".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصبحت رشيدة طليب أول مسلمة وأول أمريكية من أصول فلسطينية تفوز بمقعد في الكونغرس، كما فازت إلهان عمر، الأمريكية من أصول صومالية، بثاني مقعد لمرشح مسلم في الكونغرس، وأصبحت في الوقت نفسه أول محجبة تنضم له.
استهداف داخلي
المجلة كشفت، في تقرير للصحافية البريطانية من أصول مصرية، والمتخصصة في تغطية قضايا الشرق الأوسط، علا سالم، أنه منذ بداية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، دأبت الصحافة المحافظة داخل الولايات المتحدة على مهاجمة إلهان عمر، بـ "بشكل خاص"، مشيرةً إلى تعليق السياسي الأمريكي المحافظ، إي دبليو جاكسون، على حملة الديموقراطيين لإلغاء "حظر ارتداء غطاء الرأس" في قاعة مجلس النواب، لتتمكن عمر المحجبة من حضور جلساته، بقوله: "المسلمون يسعون لتحويل الكونغرس إلى جمهورية إسلامية".
كما استهدف العديد من نشطاء اليمين المتشدد العضوتان، فقالت جولي لينارز، وهي ناشطة سياسية أمريكية، "مما يدعو إلى العار أن أول امرأتين مسلمتين تصلان للكونغرس لا تحبان اليهود كثيراً"، وأشارت إلى أن رشيدة "تدعم حل الدولة الواحدة” حلاً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي مما يعني "نهاية الدولة اليهودية".
"التهمة الأكثر رواجاً عبر الإنترنت من قبل أنصار السعودية على الديمقراطيين المسلمين الأمريكيين هو تصنيفهم كأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، أي كـ"إخوان" وهو مصطلح شائع إطلاقه على "المتطرفين بالمنطقة من قبل الحكومات".
المجلة كشفت أنه منذ بداية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، دأبت الصحافة المحافظة داخل الولايات المتحدة على مهاجمة إلهان عمر، بـ "بشكل خاص"
فيما يتعلق بأسباب الهجوم، أوضحت فورين بوليسي أنه ناتج عن "قلق تلك الدول من تقويض حملات (العلاقات العامة) التي كلفتها الكثير" لإقناع الغرب بمقاطعة الجماعات الإسلامية، وتحسين صورة أنظمتها في المقابل.
هجمة خارجية أكثر ضراوة
وأوضحت أن الحزب الديمقراطي لديه العديد من النجوم السياسيين الصاعدين ذوي الخلفيات العربية أو الإسلامية، وسبق أن تعرضوا "جميعاً" للاستهداف بـ "نظريات مؤامرة" مماثلة من قبل، على حد تعبيرها.
لكن الصحيفة أوضحت أن الحملة، التي وصفتها بالحرب الثقافية، هذه المرة "لم ينغمس فيها المحافظون الأمريكيون وحدهم"، وتابعت: " جاء الهجوم الأكثر تنظيماً من الخارج وتحديداً من السعودية والإمارات العربية المتحدة".
واعتبرت المجلة أن نتائج الانتخابات وفوز العضوتين "ضاعف مخاوف وسائل الإعلام في الشرق الأوسط بشأن النشاط السياسي للمسلمين في الولايات المتحدة"، وأكدت أن "أكاديميين وأبواقاً إعلامية وباحثين سياسيين مقربين من حكومات الخليج” اتهموا مراراً كلاً من عمر وطليب، وعبد الرحمن محمد السيد، الناشط السياسي الأمريكي من أصل مصري، والذي لم يحالفه الحظ في أن يصبح حاكماً لولاية ميتشيغان، بأنهم "أعضاء سريون في جماعة الإخوان المسلمين" المعادية لحكومات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وأشارت إلى تقرير بثته قناة العربية المملوكة لسعوديين، الأحد الماضي، وزعمت فيه أن عمر وطليب كانتا جزءًا من تحالف بين الحزب الديمقراطي والجماعات الإسلامية للسيطرة على الكونغرس، واتهم التقرير العضوتين بأنهما "ضد ترامب وفريقه السياسي وخياراته، خاصة سياسته الخارجية بدءاً من العقوبات المفروضة على إيران حتى مقاطعة الإخوان المسلمين وجميع حركات الإسلام السياسي".
كما لفتت إلى تقرير إعلامي عربي آخر، تمثل في تقرير تلفزيوني على قناة MBC المملوكة لسعوديين، حاور فيه الإعلامي البارز عمرو أديب، الأكاديمي السياسي معتز عبد الفتاح، عن تأثيرات فوز الديمقراطيين في الكونغرس على مصر والمنطقة العربية.
وقال عبد الفتاح إن "نجاح الديموقراطيين يقوض مساعي الرئيس الأمريكي في محاربة الإسلاميين المتشددين".
https://www.youtube.com/watch?v=QV4O0qUxP7U&feature=youtu.be
فورين بوليسي قالت إن الهجمات التي تستهدف العضوتين المسلمتين لم تقتصر على الإعلاميين بتلك الدول، بل قادها مسؤولون في البلدان المذكورة في مناسبات عدة، وضربت مثالاً لفيصل الشمري، وهو عضو بالملحقية الثقافية بالسفارة السعودية في الولايات المتحدة، وكاتب في "العربية"، وقد قال بعد ساعات من فوز عمر إنها "تتبع إيديولوجية الإخوان المسلمين"، وأردف " هذه الإيديولوجية تغلغلت في الحزب الديمقراطي".
كما قال الشمري: "ستصبح عمر معاديةً لدول الخليج، وداعماً قوياً لجماعات الإسلام السياسي التي تتجسد في جماعة الإخوان المسلمين بالشرق الأوسط".
"التهمة الأكثر رواجاً عبر الإنترنت من قبل أنصار السعودية على الديمقراطيين المسلمين الأمريكيين هو تصنيفهم كأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، أي كـ"إخوان" وهو مصطلح شائع إطلاقه على "المتطرفين بالمنطقة من قبل الحكومات".
المجلة كشفت أنه منذ بداية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، دأبت الصحافة المحافظة داخل الولايات المتحدة على مهاجمة إلهان عمر، بـ "بشكل خاص"
فيما يتعلق بأسباب الهجوم، أوضحت فورين بوليسي أنه ناتج عن "قلق تلك الدول من تقويض حملات (العلاقات العامة) التي كلفتها الكثير" لإقناع الغرب بمقاطعة الجماعات الإسلامية، وتحسين صورة أنظمتها في المقابل.
لمَ الذعر؟
فيما يتعلق بأسباب الهجوم، أوضحت فورين بوليسي أن الهجوم ناتج عن "قلق تلك الدول من تقويض حملات (العلاقات العامة) التي كلفتها الكثير" لإقناع الغرب بمقاطعة الجماعات الإسلامية، وتحسين صورة أنظمتها في المقابل.
سبب آخر لتلك الهجمات ذكرته الكاتبة على لسان عبد السيد، الذي تعرض لهجمات شديدة واتهامات بالانتماء لجماعة الإخوان خلال حملته الانتخابية في ولاية ميتشغان، يتمثل في أن "النخب السياسية في أماكن مثل مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة شعرت بالتهديد من جانب السياسيين الأمريكيين المسلمين، كون قصص صعودهم "ملهمة" للشرق أوسطيين".
وضرب عبد السيد مثالاً على ذلك بأنه عقب "أول انتصار في الانتخابات الرئاسية لباراك أوباما، أشيع كذباً أنه مسلم"، ما يعكس تعطش تلك الشعوب لنموذج بارز ينتمي لها.
وأضاف السيد: "صعود سياسيين شباب من أصول عربية وإسلامية يقوض في الوقت نفسه الحجة الأساسية التي قدمها الدكتاتوريون في الشرق الأوسط، بأن شعوبهم ليست مستعدة بعد للديمقراطية".
وأردف: "من سخرية القدر أني لا أستطيع التطلع لأن أصبح حاكماً في بلدي الأم (مصر) وموطن آبائي".
كذلك تعتقد سالم أن من وصفتهم بـ "حلفاء أمريكا في المنطقة" يتخوفون من "دعوة القادة الجدد في الحزب الديمقراطي من أصول عربية إلى التغيير السياسي في بلدانهم الأم"، وتؤكد أنها تخشى بشكل خاص "أي صناع سياسيين لديهم معرفة مسبقة بالمنطقة أو اهتمام خاص".
https://twitter.com/amjadt25/status/1060053407371853825
وتؤكد فورين بوليسي أن الهجمات بدأت قبل انتخابات هذا العام بزمن طويل، وتذكر في تقريرها وضع الإمارات العربية المتحدة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) في قائمة الإرهاب لديها، لعلاقته "المزعومة" مع الإخوان المسلمين في عام 2014.
واعتبرت أن "الهجمات التي تستهدف عمر وطليب وتربطهما بالإخوان المسلمين أصبحت أكثر ضراوة بعد ترحيب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية رسمياً بانتخابهما في الكونغرس".
وانتقدت نجدة السعيد، وهي أكاديمية إماراتية، وسائل الإعلام العربية لاحتفائها بفوز الشابتين المسلمتين وقتها، معتبرةً "دعم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية دليلاً على علاقتهما بالإخوان المسلمين".
"التهمة الأكثر رواجاً عبر الإنترنت من قبل أنصار السعودية على الديمقراطيين المسلمين الأمريكيين هو تصنيفهم كأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، أي كـ"إخوان" وهو مصطلح شائع إطلاقه على "المتطرفين بالمنطقة من قبل الحكومات".
المجلة كشفت أنه منذ بداية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، دأبت الصحافة المحافظة داخل الولايات المتحدة على مهاجمة إلهان عمر، بـ "بشكل خاص"
فيما يتعلق بأسباب الهجوم، أوضحت فورين بوليسي أنه ناتج عن "قلق تلك الدول من تقويض حملات (العلاقات العامة) التي كلفتها الكثير" لإقناع الغرب بمقاطعة الجماعات الإسلامية، وتحسين صورة أنظمتها في المقابل.
حرب غير شريفة
وركزت الكاتبة على "العنصرية في الهجوم على عمر بإهانة أصولها الأفريقية"، واعتبرتها امتداداً لسياسات الازدراء التي يعامل بها المهاجرون الأفارقة في منطقة الخليج، لافتةً إلى أن هذا بدا واضحاً خلال الحملة التي شنها أحمد الفراج، وهو باحث وكاتب سياسي سعودي يعمل بالإمارات، على عمر الشهر الماضي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
فراج قال آنذاك مستهدفاً عمر التي انتقدت تجاهل ترامب تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي يوضح أن ولي العهد محمد بن سلمان ربما يكون متورطاً بمقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي: "هذه الكائنات البائسة التي تأتي من العوالم المتخلفة هي أكثر كرهاً لجنسها ولكم من أي عدو"، واستمر سيل التغريدات العنصرية من الرجل الذي يتابعه 60 ألف شخص.
https://twitter.com/amhfarraj/status/1065007431363776512
وكتب حساب آخر واسع الانتشار تحت صورة لعمر:
"لا تشتري العبد إلا والعصا معه، إن العبيد لأنجاس مناكيد"، وهو بيت شعر عنصري للمتنبي، في إهانة لبشرة عمر السوداء.
https://twitter.com/iyad_elbaghdadi/status/1065350030377316352
وعلاوة على الاتهامات العنصرية، تعرضت عمر لهجمات منظمة من "الجيوش الإلكترونية" المحسوبة على النظام السعودي، التي اعتاد ولي العهد استخدامها "لإسكات معارضيه"، على حد تعبير فورين بوليسي، التي أردفت: "دأبت هذه الجيوش الإلكترونية على ترويج كذبتين عن عمر أولهما أنها تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وثانيهما أنها تزوجت من شقيقها".
وخلصت المجلة إلى أنه " لا ينبغي أن نُفاجأ من الذعر الذي أصاب الأنظمة المتحالفة مع الولايات المتحدة، إذ أنها لطالما سعت لإقناع السياسيين الغربيين أن "بديل وجود الأنظمة الديكتاتورية في الحكم، هو سيطرة "المتطرفين" الذين تعتبر "الإسلاميين" مرادفاً لهم، ومن الطبيعي –بحسب المجلة أيضاً- أن يدحض صعود الإسلاميين الأمريكيين حجتهم تلك".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...