ليستْ بغياً لكنها مُصابة بالإيدز
الأحد 2 ديسمبر 201801:13 م
لا تخشى فاطمة الموت بقدر خشيتها من أن تفقد شعرها. فاطمة (ص) مصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة الإيدز تماماً مثل زوجها (م) وابنتها (ر).
في رحلاتها المكوكية خارج وطنها تونس، تحمل فاطمة معها صورة ابنتها وعقاقيرها المضادة للفيروسات وتتسلح بقدر من رباطة الجأش التي تنفلت منها أحياناً عندما تقدم شهادتها أمام الإعلاميين والأخصائيين وتقول بصوت يخنقه البكاء: "لم أكن يوماً بغياً، وزوجي مستقيم، ولكننا مع ذلك مصابان بفيروس نقص المناعة".
حوّلت فاطمة نبأ إصابتها بالإيدز من "مصيبة" إلى "عنصر قوة" بل إلى مورد رزق لتصبح ناشطةً في الجمعية التونسية لمقاومة الأمراض المنقولة جنسياً والسيدا، ومنشطة في ورشات عمل ينظمها برنامج الأمم المتحدة للتنمية في دول الشرق الاوسط.
تحارب فاطمة من خلال عملها الجمعياتي ثالوثاً يقتل في نظرها مناعة المصابين أكثر من الفيروس نفسه: التمييز ضد حاملي الإيدز وحاجز الصمت الذي يحوم حول الإصابة والوصم.
"الوصم يثير غضبي، يثير حنقي أن يوصم حاملو فيروس نقص المناعة بأنهم عديمو الأخلاق وبأنهم يستحقون الغضب الإلهي الذي ينزل عليهم ويفتك بهم".
لا تنكر فاطمة أن خبر اصابتها بالإيدز نزل عليها نزول الصاعقة يوم علمت بذلك عقب فحوص أجرتها هي وابنتها الصغيرة .
انتقل إليها الفيروس من زوجها الذي خضع لجراحة بعد حادث مرور في دولة أوروبية . ونُقل إليه يومذاك دون علمه دمٌ ملوث وظهرت عليه أولى علامات الإصابة قبل عودته إلى موطنه الأصلي.
بشعرها الأملس الأسود وسنحتها السمراء تبدو فاطمة للناظرين امرأة في الأربعين على قدر من الجمال وفي صحة جيدة. تقول إن الفضل في "هذا المظهر الخداع" يعود الى العقاقير المضادة للفيروسات التي تتناولها منذ سنوات هي زوجها وابنتها. هذه العقاقير تعتبر من أحدث وسائل مهاجمة الفيروس وإن عجزت عن قهر المرض والتغلب عليه.
يمر مريض الإيدز بفترة حصانة ، وهي المدة الفاصلة بين حدوث العدوى وبين ظهور الأعراض المؤكدة للمرض، وهي مدة غير معروفة على وجه الدقة، إذ يبدو أنها تراوح بين 6 أشهر وعدة سنوات.
وبعد أسابيع من دخول الفيروس للجسم يعاني تقريباً 70% من المصابين من توعك وخمول وألم في الحلق وآلام عضلية وتعب وصداع وهي أعراض تعرفها فاطمة حق المعرفة.
وتستمر هذه الأعراض أسبوعين أو ثلاثة ثم تختفي ويدخل المريض في طور الكمون من شهور إلى عدة سنوات يتكاثر خلالها الفيروس ويؤذي فيها أكبر كمية ممكنة من خلايا جهاز المناعة.
عندما يتكاثر الفيروس ستظهر على فاطمة أعراض الوهن، منها فقدان الوزن والشعر . حالياً وبعد عدة سنوات على معرفتها بإصابتها، تقول فاطمة إنها لم ترضخ بعد، وإن كان هاجس فقدان شعرها يصيبها بالفزع. لذلك تحرص على العناية بمظهرها وبشعرها الجميل بالذات وهو ما يكسبها قوة داخلية ومظهراً صحياً جيداً يجعلها تنسى أحياناً أنها مصابة.