شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"نحن جائعون"... احتجاجات عمّالية في إيران ومحاولات مصادرتها سياسياً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 نوفمبر 201801:37 م

اشتهرت المنطقة المعروفة بـ"هفت تبه" الواقعة على بعد 15 كيلومتراً جنوب شرق مدينة شوش أشهر مدن محافظة خوزستان (مركزها الأهواز ذات الأغلبية العربية) بآثارها وأرضها الخصبة الملأى بقصب السكر، لكنها اليوم أصبحت أنموذجاً مميزاً من الاحتجاجات العمالية في إيران.

تدخل اليوم الخميس احتجاجات عمال شركة هفته تبه لقصب السكر يومها الخامس والعشرين، وسبب الاحتجاج أن الشركة توقفت مراراً عن دفع رواتب العمال، هذه المرة لم ينل العمال أجورهم منذ أربعة أشهر.

رغم احتجاجات العمال التي قاربت الشهر، فإن المسؤولين المحليين يتجاهلونها، أما على مستوى إدارة المعمل فلا خطط مستقبلية واضحة ولا آليات لمعالجة المشاكل، والأصل في هذه الأزمة هو الخصخصة، إذ انتقلت ملكية المصنع منذ ثلاث سنوات لتجار من خارج المحافظة.

وضَع العمال المحتجون على رأس مطالبه: إعادة ملكية المعمل للحكومة، فرغم هنّات المؤسسات والمنشآت الحكومية فإن الوضع فيها أفضل بكثير على الأقل من حيث ضمان الحد الأدنى في الأجر.

توقيت محكم اختاره العمال للاحتجاج، فهذه الفترة هي ذروة موسم قصب السكر، ما يؤثر بشكل مباشر على أرباح المعمل. ورغم أعداد العمال المتواضعة بذلك المعمل فإن حركتهم الاحتجاجية المتواصلة منذ 25 يوماً وسلميتهم وعدم تسييسهم للقضية، أوصل قصتهم إلى العالم، وسط تجاهل طهران التام.

لم يخطر ببال المسؤولين المحليين في المحافظة أو المسؤولين بالوزارات المعنية تفقد الاحتجاجات السلمية، حتى نائب رئيس الجمهورية اسحق جهانغيري زار المحافظة ودشن مشاريع وصفت بالضخمة، لكنه تجاهل عمال هفت تبه.

نحن جائعون

أكثر ما يردده معتصمو هفت تبه "نحن جائعون". أحدهم يقول: "في المعمل إمكانات ضخمة، القليل من الاهتمام ويزدهر من جديد". يقول آخر: "أبي أصيب في الحرب (العراقية الإيرانية) واستشهد قبل عشرين عاماً". ويردد عامل ثالث: "نحن أبناء الثورة لكننا لم نتقاضَ أجورنا منذ أربعة أشهر". يرد آخر: "أنت مع الثورة لكن الثورة ليست معك". هكذا تتشابك أصوات العمال الاحتجاجية، بعضها يحاول تأكيد ولائه للثورة وتوضيح مطلبه لأن بعض المسؤولين حاول إلباس الاحتجاجات جلباب المعارضة السياسية ليتم قمعها، إذ اعتقل بعض المنظمين للاعتصام في أسبوعه الثاني ثم أفرج عنهم لاحقاً.

في محاولات لتفنيد الأزمة الحقيقية التي يعيشها العمال وأسرهم، يقول رئيس منظمة الخصخصة في إيران إن مشكلة معمل هفت تبه قديمة ولا علاقة لنظام الخصخصة بها، فعند تحويل المعمل كان هناك ديون ورواتب متراكمة منذ 7 أشهر لكن الإدارة الجديدة لم تدفع للعمال سوى أجور شهرين.

فيما يقول محمد أحد ممثلي العمال المحتجين إن عدم دفع راتب عامل يراوح بين 100 و 120 دولاراً شهرياً يعني أن يفكر العامل بإحراق نفسه، "نعيش ضغوطاً صعبة فنعترض…فيقولون لنا لا تعترضوا لتحل الأزمة، لكنها إلى الآن لم تحلّ".

اشتهرت المنطقة المعروفة بـ"هفت تبه" الواقعة على بعد 15 كيلومتراً جنوب شرق مدينة شوش أشهر مدن محافظة خوزستان (مركزها الأهواز ذات الأغلبية العربية) بآثارها وأرضها الخصبة الملأى بقصب السكر، لكنها اليوم أصبحت أنموذجاً مميزاً من الاحتجاجات العمالية في إيران.
رفعت لافتات الاحتجاجات شعارات: "قولوا لمخابز المدينة أن تعطيني خبزاً بالدَين" انا ابن هفت تبه جائع جائع، منذ أشهر بدون راتب وبدون خبز".

قولوا لمخابز المدينة أن تقرضني خبزاً

رفعت لافتات الاحتجاجات شعارات: "قولوا لمخابز المدينة أن تعطيني خبزاً بالدَين" انا ابن هفت تبه جائع جائع، منذ أشهر بدون راتب وبدون خبز".

هذه الشعارات تتقاطع مع تصريح محافظ خوزستان غلام رضا شريعتي اللامبالي إذ يقول "فقط ثلاثة أشهر ولم تكمل الأربعة بعد، لا نقول لهم تحملوا، لكن هناك بعض الإجراءات اللازمة وهي تناقش الآن مع المسؤولين”. يحاول أحد الصحفيين الحصول على تصريح مفيد منه حول موعد تنفيذ الوعود لكنه يماطل ويقول "سندفع الرواتب بالطبع ولكن ليس هناك جدول زمني دقيق”. إذن على  5700 عامل وموظف في معمل هفت تبه الانتظار أكثر… ولا خبز يلوح في الأفق.

أما النائب عن مدينة شوش في مجلس الشورى الإسلامي راضي نوري فيقول إن "القرار 44 ينص على أن تفويض عمل مصنع ما إلى القطاع العام يحتاج إلى لجنة مشرفة من عدة وزارات ومؤسسات تشرف على العمل لمدة ستة أشهر ثم يتم تحديد النتيجة”. لكن طريقة عمل الإدارة الحالية مدمرة فهي تمنح المليارات لنادي استقلال أهواز لتظهر أمام بقية المؤسسات بأنها ناجحة.

وزارت العمال شخصياتٌ طلابية وتنظيمية في محاولة دعمهم والتأكيد على شرعية مطالبهم، ولا سيما التيار الأصولي في إيران الذي انتهز الفرصة للنيل من حكومة روحاني التي لم تثبت وقوفها مع الشعب الذي صوت لها، حتى إن بعض الحاضرين في هفت تبه قالوا للعمال "ببساطة هذه الحكومة التي منحتموها أصواتكم".

يُشار إلى أن المصادرات السياسية للحدث العمالي ولأحداث أخرى أمر اعتيادي في إيران، لكن عمال هفت تبه كانت لهم اليقظة الكافية لقطع الطريق أمام محاولات سرقة تحركهم السلمي، فهم لم ينتفضوا نصرةً لتيار بعينه بل كل ما طالبوا به هو راتب يسد الرمق بعد أشهر من الحرمان من قوتهم اليومي، وضمان الحد الأدنى من الاستقرار في العمل ومحاربة الفساد الاقتصادي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image