شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ترامب لن يتخلّى عن مليارات السعودية بسبب خاشقجي

ترامب لن يتخلّى عن مليارات السعودية بسبب خاشقجي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 21 نوفمبر 201811:40 ص
تمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء بحليفه السعودية ووصفها بـ"الشريك القوي" رغم إقراره أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد يكون على علمٍ بمخطط قتل خاشقجي. لم يكتفِ ترامب ببيان أصدره البيت الأبيض الثلاثاء بل أعقبه بتصريحات للصحافيين، للتأكيد أنه لن يتخلى عن السعودية واستثماراتها بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي، واعتبر أنه سيكون "خطأ كبيراً" إن قام بذلك، رغم تعاقب تصريحات المشرعين الأمريكيين الأيام الماضية المتوعدة تجاه السعودية، ورغم تقرير السي آي إيه الذي سربه للإعلام الأمريكي الأسبوع الماضي وخلًص فيه إلى أن "عملية اغتيال خاشقجي لا يمكن أن تتم دون علم بن سلمان". في بيانه الثلاثاء، ذكر ترامب أكثر من مرة الأموال السعودية، إذ قال بداية إن السعودية "حليف موثوق به وافق على استثمار مبالغ مالية غير مسبوقة في الولايات المتحدة"، ثم ذكرأن السعودية "تنفق المليارات في الحرب على الإرهاب الإسلامي المتطرف، بينما قتلت إيران الكثير من الأمريكيين وأبرياء آخرين في الشرق الأوسط". وهذه ليست المرة الأولى التي يذكر فيها ترامب مال السعودية، فمنذ بداية قضية خاشقجي، صرح بأنه لا يعتزم إلغاء صفقاتٍ بمليارات الدولارات لتوريد أسلحة للسعودية، ووصف فرضية قيامه بذلك "حماقة كبرى". بيان الأبيض الثلاثاء كان حدثاً منتظراً من قبل الإعلام الأمريكي والدولي، لا سيما أنه يأتي بعد أيام قليلة من تسريب متعمد لخلاصة جهاز الاستخبارات المركزي سي آيه إيه لكبرى وسائل الإعلام الأمريكية نهاية الأسبوع الماضي وبعد نشر الإعلام التركي الاثنين مقتطفات من تسجيلات عملية اغتيال خاشقجي، لأول مرة منذ بداية القصة في الثاني من أكتوبر الماضي.  "أمريكا أولا"، هكذا بدأ ترامب بيانه الذي كرسه للدفاع عن فكرة تمسكه بالسعودية، وتحدث فيه منذ البداية عن تقرير سي آي إيه لكنه لم يقل بوضوح إن كان قد اطلع على تقييم الاستخبارات أم لا لكنه أشار إلى أن فرضية علم بن سلمان بمخطط اغتيال خاشقجي "فرضية قوية" فقال: "تواصل وكالاتنا الاستخباراتية تقييم جميع المعلومات، لكن من المحتمل جداً أن يكون ولي العهد على علم بهذا الحدث المأساوي، ربما كان وربما لم يكن!" استهل ترامب بيانه بتوجيه أسهم الهجوم إلى إيران، عدو السعودية اللدود، مُعدداً المرات التي خاضت فيها إيران حروباً بالوكالة في المنطقة، مشدداً على عدائها لأمريكا، ثم تحول مباشرة للحديث عن السعودية، ليقول إنها مستعدة للانسحاب من اليمن إن وافق الإيرانيون على ذلك، متحدثاً عن  "مئات المليارات"  التي تنفقها السعودية لمواجهة التطرف الديني على حد تعبيره. بهذه المقارنة كان ترامب واضحاً منذ بداية بيانه، في أي معسكر هو، ولماذا يدافع عن السعودية. المال، ثم المزيد من المال، مراتٍ عديدة، ذكر ترامب في بيانه، أرقاماً عن المال السعودي، كم أنفقت ضد إيران وكم أنفقت من أجل أمريكا. قال ترامب في بيانه إن السعودية وافقت على إنفاق واستثمار 450 مليارَ دولار في أمريكا، "هذا مبلغٌ قياسي من المال" على حد قوله، وحدد بوضوح ماذا سيفعل بهذا المال الكثير، فقال "سيتم إنفاق 110 مليارات دولار على شراء معدات عسكرية من شركات الدفاع الأمريكية"، ومرة أخرى يصف إلغاء هذه القعود بـ "الحماقة" مشيراً كذلك مرة أخرى إلى أن الصين وروسيا ستكونان أكبر مستفيدَين من ذلك. هنا يتحول ترامب إلى القضية الأم التي ينتظرها الجمهور الأمريكي في بيانه "الجريمة ضد خاشقجي"، فيصفها ترامب بـ "الرهيبة" قائلاً "بلادنا لن تتغاضى عنها"، مذكراً بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على 17 سعودياً مورطين في الجريمة. هل يريد ترامب الحقيقة؟ أم نصفها؟ إنه يجيب عن هذا في بيانه بقوله :قد لا نعرف أبداً جميع الحقائق المحيطة بقتل السيد جمال خاشقجي. على أي حال، علاقتنا مع المملكة العربية السعودية. لقد كانت حليفاً عظيماً في حربنا المهمة جداً ضد إيران. تنوي الولايات المتحدة البقاء شريكاً ثابتاً للمملكة العربية السعودية "لضمان مصالح بلدنا وإسرائيل وجميع الشركاء الآخرين في المنطقة. هدفنا الأسمى هو القضاء التام على تهديد الإرهاب في جميع أنحاء العالم!". في بيانه الأخير، قدم ترامب علاقته بالسعودية على أية علاقة أخرى بولي العهد، لكنه ترك الأمر للكونغرس ليحسم الموضوع في ظل تكاثف ضغوط الكونغرس بشقيه الجمهوري والديمقراطي على ترامب لفرض عقوبات على ولي العهد، بقوله: "أدرك أن هناك أعضاء في الكونغرس يرغبون، لأسباب سياسية أو غيرها، في الذهاب نحو اتجاه مختلف، وهم أحرار في فعل ذلك".  الثابت هو أن ترامب متمسك أكثر بالسعودية بقوله إن الولايات المتحدة تعتزم أن تبقى شريكاً راسخاً للمملكة لضمان "مصالح بلدنا وإسرائيل وجميع الشركاء الآخرين في المنطقة". إسرائيل، هنا يأتي ذكرها في البيان كخلاصة، ليفصح عن نوايا الرجل، لماذا هو متمسك بالدفاع عن بن سلمان رغم ضغوط الكونغرس ورغم تقرير السي آي إيه المتهم بوضوح لولي العهد؟ هل في بقاء بن سلمان مصلحة مباشرة لإسرائيل أثار بيان ترامب جدلاً واسعاً، مع تغير موقفه الدفاعي عن قضية خاشقجي، إذ لم يقدم فيه تعليقاً حاسماً بشأن ما إن كان لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دور أم لا في مقتل الصحافي، خاصةً بعد أن كشفت وسائل إعلام أمريكية، من بينها "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، فجر السبت، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية خلُصت إلى أن محمد بن سلمان هو من أمر باغتيال خاشقجي. لفت في بيانه إلى أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد ينفيان بشدة علمهما بتخطيط أو تنفيذ جريمة قتل "السيد خاشقجي"، ما يتناقض مع ما قاله في السابق، ربما ولي العهد يعلم، ومع ما قاله جهاز الاستخبارات الأمريكي ومع ما قاله الرئيس التركي أردوغان الذي تحدث معه مرات عدة في القضية،  حين قال: "أمر اغتيال خاشقجي صدر من أعلى مستوى في السلطة، لكن ليس الملك". جدد ترامب تمسكه بالسعودية بعد صدور بيانه، وقال في تصريحات للصحافيين : "لن نتخلَى عن مئات ملايين الدولارات ونسمح لروسيا والصين بالحصول عليها"، مُضيفاً "إنها معادلة بسيطة جداً، الأمر بالنسبة لي هو أن تكون أمريكا عظيمة مجدداً وأن تكون أمريكا أولاً".  وتابع إنه لن يسمح بـ"تدمير" الاقتصاد الأمريكي بسبب مقتل خاشقجي. في أول تعليق على بيان ترامب، طالب عضوان في لجنة العلاقات الدولية التابعة للكونغرس الأمريكي، السيناتور الجمهوري بوب كروكر والسيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، ترامب، تحديد علاقة ولي العهد السعودي بقضية خاشقجي وقالا: "في ضوء الأحداث الأخيرة، واعتراف حكومة المملكة العربية السعودية بأن مسؤولين سعوديين قتلوا جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بإسطنبول، نطلب منك التحديد وبشكل حصري إن كان ولي العهد، محمد بن سلمان مسؤولٌ عن مقتل خاشقجي".
وعّلق كروكر عبر حسابه على تويتر "لم أتخيل يوماً أن يتحول البيت الأبيض لشركة علاقات عامة لولي العهد السعودي".

"خيانة للقيم الأمريكية"

اعتبر الناشر والمدير التنفيذي لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، والتي كان يكتب فيها خاشقجي، فريد ريان، أن رد ترامب على مقتل خاشقجي هو "خيانة للقيم الأمريكية الراسخة في احترام حقوق الإنسان وتوقع الثقة والصدق في علاقاتنا الاستراتيجية". أضاف أن ترامب بذلك "يضع العلاقات الشخصية والمصالح التجارية فوق المصالح الأمريكية برغبته في مواصلة القيام بالأعمال المعتادة مع ولي عهد المملكة". ولفت إلى أن سي آي إيه حققت بشكل شامل في مقتل "الصحافي البريء" وخلصت بثقة عالية إلى أنه كان بتوجيه ولي العهد، مُضيفاً "إذا كان هناك سبب للشك في نتائج وكالة المخابرات المركزية، ينبغي على الرئيس ترامب أن يجعل تلك الأدلة علنية على الفور".
?s=21 وأكد ريان أن ترامب "على حق في القول إن العالم مكانٌ خطير جداً"، مثلما قال في مُقدمة بيانه، لكن "استسلامه لهذه الجريمة التي أمرت بها دولة سيجعل العالم أكثر خطورة"، بحسب ريان. "الرجل البريء الذي قُتل بوحشية يستحق أفضل من ذلك، كذلك الحقيقة والعدالة وحقوق الإنسان"، يقول ريان الذي دعا الكونغرس إلى التحرك قائلاً "في ظل هذا الفشل في القيادة من الرئيس ترامب، يقع الآن على عاتق الكونغرس الوقوف للدفاع عن قيم أمريكا الحقيقية ومصالحها الدائمة".

"بيان مخز"

وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بيان ترامب بـأنه "مخزٍ"، إذ علّق عبر تغريدة له على تويتر قائلاً "السيد ترامب يخصص على نحو غريب الفقرة الأولى من بيانه المخزي عن الفظائع السعودية لاتهام إيران بكل أشكال المخالفات التي يمكن أن تخطر بباله. هل نحن مسؤولون أيضاً عن حرائق كاليفورنيا - لأننا لم نساعد في كنس الغابات - مثلما يفعل الفنلنديون تماماً؟". كان ترامب قد بدأ بيانه مُحمِّلاً إيران مسؤولية الحرب التي تشهدها اليمن، وأنها "تحاول زعزعة محاولات العراق الهشة نحو الديمقراطية"، كما قال إنها تدعم "جماعة حزب الله الإرهابية في لبنان"، وتدعم "الدكتاتور بشار الأسد في سوريا"، واصفاً إياها بـ"الراعي الرئيسي في العالم للإرهاب". وعقب بيانه أيضاً، أكد وزير الخارجية التركي مولود غاويش أوغلو، أن بلاده لا زالت مُصرّةً على الكشف عن جميع ملابسات مقتل خاشقجي وإبلاغ الولايات المتحدة بذلك، قائلاً "هناك أسئلة لا تزال دون أجوبة، ونريد الكشف عن الجهة التي أصدرت التعليمات". وأوضح أوغلو أن "دول عديدة لا ترغب في تقويض علاقاتها مع السعودية بسبب مقتل خاشقجي ونحن لا نرغب ذلك.. لكن يجب الكشف عن الجريمة".

هل يفرق ترامب بين السعودية ومحمد بن سلمان؟

في مؤتمر صحافي عقب البيان، سُئل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ما إن كان الرئيس ترامب يُفرق بين السعودية وولي العهد، فأجاب "هناك عالم لئيم ومقرف بالخارج، الشرق الأوسط بالتحديد.. هناك مصالح أمريكية مهمة للحفاظ على أمن الشعب الأمريكي". تابع "لذلك، كما قال الرئيس اليوم، الولايات المتحدة سوف تستمر في الحفاظ على علاقتها بالمملكة العربية السعودية. هي شريك مهم لنا"، مُضيفاً "وهذا هو الالتزام الذي تعهد به الرئيس اليوم".
في بيانه الثلاثاء، ذكر ترامب أكثر من مرة الأموال السعودية، واستهله بالهجوم على إيران، لكنه لم يُبرئ محمد بن سلمان.
المال، ثم المزيد من المال، مرات عديدة، ذكر ترامب في بيانه، أرقاماً عن المال السعودي، كم أنفقت ضد إيران وكم أنفقت من أجل أمريكا.
قبل ساعات من بيان ترامب، كشفت هيومن رايتس أن المحققين السعوديين عذّبوا 3 ناشطات سعوديات بالصعق بالصدمات الكهربائية والجلد على الفخذين والعناق والتقبيل القسريين.

صدمات كهربائية، جلد على الفخذين، وعناق وتقبيل قسريين

قبل إصدار بيان ترامب بساعات قليلة، كشفت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن عدداً من النشطاء السعوديين، منهم مدافعاتٌ عن حقوق الإنسان المعتقلات منذ مايو الماضي تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي، و"غير ذلك من أشكال سوء المعاملة أثناء الاستجواب".
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" "عن مصادر مطلعة" أن المحققين السعوديين عذّبوا ما لا يقل عن 3 ناشطاتٍ سعوديات، لافتة إلى أن التقارير تزعم أن التعذيب شمل الصعق بالصدمات الكهربائية والجلد على الفخذين والعناق والتقبيل القسريين. وكشفت أن على إثر التحقيقات، ظهرت علاماتٌ جسدية على النساء، بما في ذلك صعوبة في المشي، وارتعاش غير إرادي في اليدين، وعلامات حمراء وخدوش على الوجه والرقبة، كما لفتت إلى أن واحدةً من النساء على الأقل حاولت الانتحار عدة مرات. وقال نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، مايكل بَيْج: "في الوقت الذي يبحث فيه العالم للحصول عن إجابات عن القتل الوحشي لجمال خاشقجي، فإنّ مصير النساء وناشطات حقوق الإنسان في السجون السعودية لا يزال عالقاً. على قادة العالم دعوة محمد بن سلمان لإنهاء الحملة ضد المنتقدين المحليين، وعلى الدول الأخرى التوقف عن تسليح السعودية طالما أنها تواصل هجماتها غير القانونية في اليمن". وفي بيان مماثل، قالت مديرة أبحاث الشرق الأوسط بالمنظمة، لين معلوف، "بعد أسابيع قليلة فقط من قتل جمال خاشقجي بطريقة وحشية، تكشف هذه التقارير الصادمة عن التعذيب والتحرش الجنسي وغيره من أشكال إساءة المعاملة -إن صحت- عن مزيد من انتهاكات السلطات السعودية الشائنة لحقوق الإنسان". وطالبت العفو الدولية السلطات السعودية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين ضمن حملة الاعتقالات التي قادها محمد بن سلمان منذ توليه منصب ولي العهد، وإجراء تحقيق سريع ومتكامل وفعال في تقارير التعذيب وغيرها من أشكال سوء المعاملة ومحاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات. وكانت الرياض قد أنكرت في وقت سابق استخدامها أسلوب التعذيب وقالت إن الاعتقالات جاءت على أساس اتصالاتٍ مريبة بكيانات أجنبية وتقديم دعم مالي "لأعداء خارجيين" في اتهام واضح للمعارضين بـ “الخيانة” وهو اتهام تناقله الإعلام السعودي داخل المملكة وخارجها.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image