في الوقت الذي يرتعدُ فيه الكثيرُ من الصحافيين العرب من رؤساء دولهم، وفيما يجاهد آخرون حتى لا يُقبضَ عليهم لأنهم كتبوا مقالاً لم يرضِ الحاكم، وفي حين ما زال المجتمعُ الدولي يبحث عن قتلة الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي قُطّعت أوصالُه، وقيل إنها أُذيبت بحمض الأسيد، أعلنت قناة "سي إن إن" الأمريكية الثلاثاء أنها رفعت دعوى قضائية ضدَّ الرئيس دونالد ترامب، وعددٍ من مساعديه، بعد سحب البيت الأبيض تصريحَ دخول مراسلها جيم أكوستا. سحب البيت الأبيض تصريحَ أكوستا عقب إصراره على طرح سؤاله حتى النهاية أمام ترامب في المؤتمر الصحفي الذي عُقد 7 نوفمبر في واشنطن. يومَها كان أكوستا يسأل ترامب عن قوافل المهاجرين التي تسير من أمريكا الوسطى باتجاه الولايات المتحدة، تذمر ترامب من السؤال، والصحافي مقرٌّ العزمَ على إكمال سؤاله، فقَد ترامب أعصابَه ووصف الصحافي بـ"الفظيع والوقح". اعتبرت "سي إن إن" ما حصل لمراسلها تجاوزاً بحقه، وخرقاً لحقّ القناة في التعبير الذي ينصُّ عليه الدستور الأمريكي، بحسب ما جاء في بيانها. اشتكت القناة لدى القضاء كُلَّ من ساهم في حرمان أكوستا من دخول البيت الأبيض وهم: الرئيس ترامب وجون كيلي (كبير موظفي البيت الأبيض) وسارة ساندرز (المتحدثة باسم البيت الأبيض) وبيل شاين (نائب كبير موظفي البيت الأبيض) وجوزيف كلانسي (مدير جهاز زمن الرئاسة) والضابط الذي قام بسحب التصريح. وطالبَ محاموها بإصدار أمرٍ قضائي عاجل لإعادة أكوستا إلى البيت الأبيض، إلى جانب تعهد القضاء بضمان عدم سحب التصريح منه مستقبلاً. وكانت القناة قد طالبت البيتَ الأبيض بإعادة التصريح، وهددته برفع دعوى قضائية، لكن دون جدوى. لكن بعد أيامٍ من سحب البيت الأبيض تصريحَ أكوستا، أوفدته سي إن إن لباريس لتغطية زيارة ترامب، ونشر أكوستا عبر حسابه في تويتر صورةً له وخلفه برج إيفل، وعلّق ساخراً متحدياً: " تحياتي من باريس حيث سنعمل ميدانياً لتغطية زيارة ترامب لفرنسا".
زملاء أكوستا العرب
سجلت سنة 2018 سجن 60 صحافياً، من بينهم 14 سعودياً، و27 مصرياً، بحسب الأرقام المُسجلة لدى منظمة "مراسلون بلا حدود". قضية الصحافي جيم أكوستا، تأتي بعد مضي شهرٍ على اغتيال زميله جمال خاشقجي، قضيةٌ لا تزال مُعلّقةً، وتزداد تعقيداً مع الوقت. يوم 22 أكتوبر الماضي، ومع تصاعد أحداث القضية، أصدرت مراسلون بلا حدود تحذيراً" بشأن وضع حرية الصحافة في السعودية، التي تشهد حملةَ اعتقالاتٍ غير مسبوقة. وتأتي السعودية في أسفل التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته المنظمة في أبريل 2018، في المرتبة الـ169 من بين 180 دولةً حول العالم، فيما تُرجّح "مراسلون بلا حدود" المزيدَ من التراجع في التصنيف المقبل، بالنظر إلى ما حدث لخاشقجي ولزميلٍ له اختفى بدوره بعد أن تعرض للتعذيب في السعودية، وتقول مصادر إنه توفي تحت التعذيب. تقول المنظمة في تقريرها إنه منذ تولي الأمير محمد بن سلمان منصبَ ولي للعهد، سجلت المملكةُ تدهوراً في الانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين، وتقول في هذا الصدد: "يبدو أن النظام ماضٍ بحزم ودون هوادة في مساعيه الرامية إلى إسكات الأصوات الناقدة، وإن كان يتذرع بحداثة شكلية، لكن لا شيء يثنيه عن فرض الرقابة". وأكدت مراسلون بلا حدود أن عددَ الصحافيين والمدونين القابعين خلف القضبان تضاعف منذ وصول بن سلمان إلى السلطة، لافتة إلى أن ما لا يقل عن 28 من العاملين في الإعلام ما زالوا في السجون، مع تكتمٍ شديد حول أسباب الاعتقال، ومكانه.في الوقت الذي يجاهدُ فيه الكثيرُ من الصحافيين العرب حتى لا يُقبضَ عليهم لأنهم كتبوا مقالاً لم يرضِ الحاكم، وفي حين ما زال المجتمعُ الدولي يبحث عن قتلة جمال خاشقجي، أعلنت "سي إن إن" أنها رفعت دعوى قضائية ضدَّ الرئيس دونالد ترامب.
"سوداء اللون"
على خطى السعودية، سجّل تصنيف الحريات الصحافية في الدول العربية هذا العام مزيداً من التراجع، وظهرت خارطةُ العالم العربية سوداءَ اللون على أطلس مراسلون بلا حدود للحريات الصحافية في العالم. احتلت جزر القمر المرتبة الـ49 عالمياً والأولى عربياً، تلتها موريتانيا في المرتبة الـ72، ثم تونس (97)، ولبنان (100)، الكويت (105)، قطر (125)، عُمان (127)، الإمارات (128)، الأردن (132)، وفلسطين في المرتبة الـ134 عالمياً والعاشرة عربياً. تلت هذه الدول كُلّ من المغرب في المرتبة الـ135، الجزائر (136)، العراق (160)، مصر (161)، ليبيا (162)، البحرين (166)، اليمن (167)، والصومال في المرتبة الـ168. وفي ذيل الترتيب، حلّت السعودية في المرتبة الـ169، تلتها جيبوتي (173)، السودان (174) ثم سوريا في المرتبة الأخيرة عربياً، والـ177 عالمياً من بين 180 دولة أُخرى. وبينما ترفع قناةٌ أمريكية دعوى قضائيةً على رئيس بلادها لإهانته أحدَ مراسليها، لا يزال الصحافيُّ والمواطن العربي يُحاسب على "تغريدة" انتقدت حكومةَ بلاده أو أحدَ الشخصيات السياسة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...