يبدو أن "يوم الله" كما يحب البعض تسميته في إيران قد أعاد هذه السنة ذاكرة الشعب الإيراني إلى أربعة عقود خلت بشكل أكثر حدة من أي وقت مضى، فعلى الرغم من أن هذه التظاهرات كانت تقام سنوياً في 4 نوفمبر إلا أن وقعها هذا العام كان مختلفاً.
وفق قاموس الثورة الإسلامية ينقسم العالم إلى مستضعفين وقوى "استكبار"، والمناضلون في صفوف الثورة وقفوا إلى جانب المستضعفين ضد الاستكبار في مجمل حركتهم الثورية، انطلاقاً من موقف ديني وعقائدي ثابت، ومن هنا أطلقت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على يوم (13 آبان/ 4 نوفمبر) اسم يوم "مقارعة الاستكبار العالمي" وهو ذكرى اقتحام الطلبة الإيرانيين للسفارة الأمريكية عام 1981، يحيي الإيرانيون ذكراه كل عام بتظاهرات حاشدة تنطلق من كل أنحاء طهران نحو السفارة الأمريكية المغلقة والتي تسمى "وكر الجاسوسية".
في السنوات الأخيرة، ولا سيما مع إبرام الاتفاق النووي، شكلت التظاهرات منبراً للحديث عن المشاكل الداخلية يعلو فيها صوت المعارضين للاتفاق النووي، لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/أيار الماضي وفرضها عقوبات اقتصادية على إيران أعادت لهذا اليوم هويته الأولى، إذ انطلقت صباح الأحد، مسيرات تضم مئات الآلاف من المواطنين أغلبهم طلاب وتلاميذ في معظم المدن الإيرانية وبشكل خاص في طهران.
فرض حزمة جديدة من العقوبات الأمريكية تستهدف النفط والتبادلات المالية في إيران، كان لها وقع كبير على حياة المواطن الإيراني، فتدهور العملة وارتفاع الأسعار جعلا شعار "الموت لأميركا ولترمب" قوياً، على لسان المتظاهرين، فيما حملت تظاهرة هذه السنة شعار "هيهات منا الذلة" إلى جانب شعارها الأساسي "الموت لأمريكا".
الحضور العسكري لا بد منه في المناسبات السياسية، وقد كانت الكلمة الرئيسية للمناسبة للقائد العام لحرس الثورة الإسلامية اللواء "محمد علي جعفري" اعتبر فيها هذا اليوم السبب في ثبات الثورة "لو بقي الأمريكيون في وكر تجسسهم بطهران، لما استمرت الثورة الإسلامية ليومنا هذا". أما وزير الأمن فاعتبر “احتفال إيران بذكرى يوم مقارعة الاستكبار جاء في الوقت الذي "كرست فيه الولايات المتحدة “لسلطوية" جميع طاقاتها الشيطانية وجندت جميع مرتزقتها وأنصارها الإقليميين الفاقدين للأصالة والهوية، لبدء جولة جديدة من الحظر ضد البلاد".
وإلى جانب العلم الأمريكي الذي يحرق في هذه المناسبة وضع منظمو التظاهرة 100 دولار أمريكي تحت أقدام المتظاهرين تعبيراً عن رفضهم للعقوبات، فيما كان لحضور بعض الطلاب الأجانب في صفوف المشاركين في طهران وعلى صفحات التواصل انعكاس لحلفاء إيران في العالم العربي والإسلامي ضد أمريكا والسعودية الحاضرة في كل مسيرة إيرانية.
لا يمكن للتظاهرة أن تنسي الشعب الإيراني حقيقة الأسعار في الأسواق، لكن البعض يرغب بإعلان صموده وتحديه، فهذا الشعب مرّ سابقاً بتجربة العقوبات وتمكن من الخروج منها بشكل فاق التوقعات، فنرى على صفحات التواصل صوراً من التناقضات التي تظهر المعاناة من جهة، والرغبة في الصمود من جهة ثانية.
لم تمر هذه المناسبة دون انتقادات، فالمعارضون للسلطات الإيرانية هزئوا من رفع شعارات دون تطبيقها، متهمين المسؤولين في الجمهورية الإسلامية بالتعامل مع أمريكا سراً واستخدام أدواتها.
تسليط الضوء على يوم الاستكبار العالمي قد ينقل معاناة الشعب الإيراني تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الجديدة، إلا أنه قد يكون كذلك تذكيرًا بعدم دبلوماسية إيران واختراقها قوانين البعثات الدولية، حين تم اقتحام السفارة الأمريكية قبل أربعة عقود.
يبدو أن "يوم الله" كما يحب البعض تسميته في إيران قد أعاد هذه السنة ذاكرة الشعب الإيراني إلى أربعة عقود خلت بشكل أكثر حدة من أي وقت مضى، فعلى الرغم من أن هذه التظاهرات كانت تقام سنوياً في 4 نوفمبر إلا أن وقعها هذا العام كان مختلفاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع