بعد مرور ما يقرب من أربع سنوات على بدء الحرب في اليمن، التي سقط فيها عشرات الآلاف من الضحايا واستفحل بسببها وباء الكوليرا وهدّدت المجاعة 14 مليون شخصاً، قررت الدول الكبرى أن الوقت حان لوقف إطلاق النار. جملة من المواقف الدولية، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، تشاركت المطالبات بوقف القتال بين التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات - بدعم من واشنطن ولندن- وبين جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، في وقت شنّ التحالف حملة قصف جديدة على محافظة الحديدة المطلة على ساحل البحر الأحمر (غربي البلاد). وربطت شبكة "ABC" تغير الموقف الأمريكي تجاه حليفتها الرياض بالضغوط الجديدة من الكونغرس وجماعات حقوقية، بينما يقع السعوديون في موقف دفاعي بعد قتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي، الذي ذكر مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ياسين أقطاي أن المشاركين في قتله قطّعوا أوصاله وأذابوا جثته لإخفائها، وهو ما قاله مصدر تركي آخر لصحيفة "واشنطن بوست". وذهبت شبكة "سي أن أن" إلى أن الولايات المتحدة تحاول استغلال "ضعف" السعودية بسبب مقتل خاشقجي، وذلك من أجل إنهاء الحرب في اليمن، في وقت طالبت منظمة العفو الدولية الأمم المتحدة بقطع صمتها عن "الأعمال الوحشية للمملكة".
هل فقدت القوى الكبرى صبرها؟
قبل أيام، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" صورة صادمة لفتاة جائعة تعيش في شمال اليمن عمرها 7 سنوات، اسمها أمل حسين، بدت خلالها بنظرات شاحبة وعظام جسدها بارزة دون لحم. يوم أمس، تُوفيت الفتاة، التي حولت انتباه العالم إلى مأساة اليمن المُمزّق جراء الحرب، في مخيم للاجئين على بعد أربعة أميال من المستشفى التي كانت تُعالَج فيه، حسب ما أخبرت والدتها الصحيفة، باكية "قلبي مكسور، كانت أمل تبتسم دائماً. الآن أنا قلقة على أطفالي الآخرين". وفسّرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية دعوة وزير الدفاع والخارجية الأمريكيين جيمس ماتيس ومايك بومبيو إلى هدنة بين أطراف القتال بأن "أمريكا فقدت صبرها في نهاية المطاف" تجاه الحرب في اليمن. وفي تصريحات صحافية سابقة لمعهد السلام بواشنطن، قال ماتيس إنه في غضون "30 يوماً من الآن نريد أن نرى الجميع على طاولة المفاوضات بناء على وقف لإطلاق النار وانسحاب من المناطق الحدودية ووقف القنابل". وتبعه بومبيو ببيان، بعد وقت قصير، قائلاً إنه "حان الآن وقت وقف أعمال العنف، بما في ذلك صواريخ وغارات طائرات دون طيار تابعة للحوثيين ضد السعودية والإمارات"، مؤكداً على أن "الغارات التي ينفذها التحالف في المناطق المأهولة في اليمن يجب أن تتوقف".ربطت شبكة "ABC" تغير الموقف الأمريكي تجاه حليفتها الرياض بالضغوط الجديدة من الكونغرس وجماعات حقوقية، بينما يقع السعوديون في موقف دفاعي بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي
فسّرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية دعوة وزير الدفاع والخارجية الأمريكيين جيمس ماتيس ومايك بومبيو إلى هدنة بين أطراف القتال بأن "أمريكا فقدت صبرها في نهاية المطاف" تجاه الحرب في اليمنوقالت "إيكونوميست" إن التصريحات الأمريكية ربما تكون إشارة إلى الأمل في نهاية الحرب، وإنه حان الوقت للمحادثات، وذلك برغم أن المسؤولَين الأمريكيَين كانا قبل أسابيع يدافعان عما يفعله تحالف السعودية والإمارات في اليمن، "لكن الحرب نفسها أصبحت غير قابلة للدفاع عنها"، حسب تعبير المجلة.
دعوات دوليّة لوقف الحرب
من جهتها، رحبت قوى كبرى، بينها بريطانيا وكندا وروسيا، بدعوة واشنطن لإنهاء القتال. وفي تصريحات نقلتها وكالة "رويترز" لوزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت قال: "هذا إعلان مُرحّب به للغاية لأننا نعمل من أجل وقف القتال في اليمن لفترة طويلة". وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، هي الأخرى، دعت في بيان "كافة الأطراف في اليمن، إلى إنهاء النزاع المتواصل غير المقبول وذي التأثير المدمر، لا سيما على الأطفال والنساء والرجال، بشكل دائم". وأعربت الوزيرة عن قلقها تجاه عرقلة المساعدات الإنسانية، طالبة السماح بمرورها سريعاً إلى المتضررين. من جانبه، شدّد السفير الروسي في اليمن فلاديمير ديدوشكين على أن روسيا سترحب بالتصريحات الأمريكية "في حال تطابقت التصريحات مع الأفعال"، وفق ما أوردته شبكة "سبوتنيك". وفي جنيف، قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة جينادي غاتيلوف إن من المهم جداً حالياً تأمين عمل ميناء الحديدة بشكل دائم لضمان وصول المساعدات إلى اليمنيين. وتقول الأمم المتحدة إن اليمن على حافة المجاعة، في حين قتلت الكوليرا ما لا يقل عن 2000 يمني كما تتراوح تقديرات عدد القتلى في النزاع من 10 آلاف إلى 60 ألف. وفي تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية، طالبت سماح حديد، مديرة الحملات في برنامج الشرق الأوسط في المنظمة، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أ"ن تكف عن الصمت المُطبق إزاء السعودية، وأن تقوم بواجبها المتمثل في التدقيق في الأعمال الوحشية في المملكة من أجل الحيلولة دون وقوع المزيد من الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان في البلاد وفي اليمن".ترحيب حوثي... وضربات جديدة
كان وزير الخارجية الأمريكي قد رجّح عقد قمة بين أطراف الأزمة في السويد، فيما اعتبرت "إيكونوميست" أن حملهم على المفاوضات يمثل تحدياً آخر، ففي سبتمبر الماضي لم يحضر الحوثيون مباحثات جنيف. من الجهة الأخرى، رحّب محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا، بدعوة الولايات المتحدة إلى وقف إطلاق النار في اليمن، واعتبرها "إيجابية" لكنه شدد على ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات "لترجمة رغبتهم في إحلال السلام في اليمن إلى أفعال". في المقابل، قالت قناة "العربية"، المملوكة للسعودية، إن قوات التحالف العربي شنّت غارات جديدة على اليمن، وإن عملية عسكرية قد بدأت في مدينة الحديدة الساحلية، التي تشهد مواجهات منذ شهور دون حسم للقتال لصالح أي من أطراف الأزمة. ونقلت القناة عن مصدر عسكري خبر "وصول قوات نوعية متخصصة في قتال الشوارع للتعامل مع الميليشيات داخل الحديدة"، مضيفة أن الضربات الجوية تأتي ضمن حشد تعزيزات عسكرية كبيرة في وقت سابق، تمهيداً لاقتحام المدينة ومينائها الاستراتيجي.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين