غيّب الموتُ الفنانَ السوري توفيق العشا، الجُمعة، عن عمر ناهزَ السبعين عاماً، بعد مُعاناة مع المرض، في مستشفى الأسد الجامعي في العاصمة السورية دمشق. "لن أختفيَ أبداً بعد اليوم" قالها الببغاءُ ملسون، إحدى شخصيات "افتح يا سمسم"، أشهرِ برنامجٍ تربوي عربي، في ثمانينيات القرن الماضي، تابعه الملايين من الأطفال والكبار من المحيط إلى الخليج. قدم العشا صوتَه للطائر ملسون في الجزئين الأول والثاني من افتح يا سمسم، مقدمًا الحكمةَ والنصيحة لأبطال ذلك الحيِّ المتخيل الذي تتقاطعُ فيه شخصية المدرسةُ وبائعُ الكتب ونعمان الضخم الطفولي المرح، لكن ملسون لم يفِ بوعده هذه المرة، بعد أن كان "نموذجاً" يتبعه الأطفال... و"الكُبار"... فغاب. "مسكينٌ أنت يا ملسون، إنك أصغرُ مخلوقٍ في هذا المكان. نُعمان كبير جداً، وكذلك عبد الله وهشام وحمد، وليلى وفاطمة وحتى خليل. أما أنا فلا أحد يهتم بي، ولا أحدَ يسألُ عنّي. أنا بلا فائدة. أفضل لي أن أبقى مختفياً عنهم. أنا أعرف أنهم لم يحسوا باختفائي". بهذه الكلمات أعرب ملسون ذاتَ حلقةٍ عن حزنه من وحدتِه، مُحتجاً على ذلك بالاختفاء، لكن سرعان ما تجاوبَ رفاقه معه، وأولهم نُعمان "الوفي" الذي اقترب من بيتهِ الصغير وقال "ريشك أجملُ ريشٍ وكلامكَ أحلى من السكّر. أنت تساعد عبد الله وتغني لهشام وتعاون ليلى، وتلعب معي". وعلى ما يبدو أن حالَ العشا، كان كحالِ ملسون في أيامه الأخيرة، بحسب ماذكره موقع "إرم" نقلاً عما رواه مقربون له. أهملته نقابةُ الفنانين السوريين التي كانَ أحد مؤسسيها، وتجاهلَه بعضُ زملائه الذين تفاجؤوا، كالجمهور، بخبر وفاته. وُلد العشا في بيروت عام 1948، وبدأت مسيرتُه الفنية في الـ13 من عمره، بمشاركته في المسلسل السوري "رابعة العدوية" إلى جانب نهاد قلعي، فاطمة الزين وعدنان عجلوني. لمع نجمُه خلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات، مُقدماً أعمالاً لا يزال يتذكرها متابعوه، منها فيلم أيام في لندن (1976)، مسلسل الحب والشتاء (1977)، تلفزيون المرح (1981)، حارة نسيها الزمن (1988)، إلى جانب المسلسل الأكثر شهرة من بين الأعمال السورية، "مرايا"، لياسر العظمة، مشاركا بـ13 جزءاً منه، منذ انطلاقته عام 1981. تراجعت مشاركتُه بعضَ الشيء في التسعينيات، مُقتصرةً على "أدوار صغيرة" في مسلسلات عدة منها دنيا (1999)، يوميات مدير عام (1995)، وكانت آخر مشاركاتِه الفنيّة، في مسلسل بهلول أعقل المجانين عام 2007. لم يكن العشا الوحيدَ الذي هاجر "الشاشة" السنواتِ الأخيرةَ، سبقته بذلك الفنانةُ نجاح حفيظ، التي اشتهرت باسم "فطوم"، بعد أدائها شخصية "فطوم حيص بيص" في مسلسل "صح النوم" إلى جانب "غوار الطوشة"، الفنان دريد لحام. ما قاله رفاق "ملسون" ليعود إليهم كان "اشتقنا لك كثيراً وكل الأطفال يسألون عنك.. كل الناس يحبونك. كلهم لا يستغنون عنك"، ليردّ الطائر الصغير حينها "لن أختفي بعد اليوم". نحن بدورنا سنشتاقُ إليك، ملسون، كبرنا ولم تكبرْ ومع ذلك رحلتَ.
https://youtu.be/z5Qwwlny44E?t=94
"لن أختفيَ أبداً بعد اليوم"، قالها الببغاءُ ملسون الذي قدّم صوته الفنان السوري توفيق العشا، في "افتح يا سمسم"، لكنه لم يفِ بوعده هذه المرة، بعد أن كان "نموذجاً" يتبعه الأطفال… و"الكُبار"... فغاب.
احتج "ملسون" على وحدته بالاختفاء، لكن سرعان ما تجاوبَ رفاقه معه، وأولهم نُعمان "الوفي" الذي اقترب من بيتهِ الصغير وقال "ريشك أجملُ ريشٍ وكلامكَ أحلى من السكّر. أنت تساعد عبد الله وتغني لهشام وتعاون ليلى، وتلعب معي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...