شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
غلين كلوز

غلين كلوز "المرأة" التي ضحّت بأحلامها لتكون مجرد زوجة.. مثل نساء كثيرات من حولنا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 أكتوبر 201805:12 م
خلال الاحتفال الذي أقامه القيّمون على جائزة نوبل من أجل تكريم بعض الأسماء اللامعة، من بينها الكاتب والروائي "جو كاستلمان"، سأل ملك السويد "السيدة كاستلمان" عمّا تفعله من أجل أن تكسب لقمة عيشها، فردّت بسخرية: "أنا صانعة ملوك". هذا المشهد مقتبس من فيلم The Wife الذي يجسد كيف يمكن للقرارات التي يتخذها المرء في الماضي أن تطارده لسنواتٍ، خاصة حين تقرر المرأة أن تدفن طموحاتها وأحلامها، وأن تلغي نفسها من أجل أن تقف إلى جانب زوجها وتدعمه في مسيرته المهنية، ولو على حساب كيانها.

أحداث الفيلم

"وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة". هذا باختصار ما جرى في فيلم The Wife الذي يستند إلى رواية Meg Wolitzer الصادرة عام 2003. وفي التفاصيل أن "جو كاستلمان"، وهو روائي مشهور تدور حياته كلها حول إلقاء المحاضرات وعقد المؤتمرات وكسب الجوائز المرموقة، في حين أن زوجته "جوان" قررت أن تكرس حياتها من أجل دعم زوجها.
"جو كاستلمان"، وهو روائي مشهور تدور حياته كلها حول إلقاء المحاضرات وعقد المؤتمرات وكسب الجوائز المرموقة، في حين أن زوجته "جوان" قررت أن تكرس حياتها من أجل دعم زوجها.
"جوان" كانت طالبة ذكية في صف البروفيسور "جو كاستلمان" وبعد وقوعها في غرام أستاذها، تتجه مسيرتها المهنية نحو مصيرٍ تقليدي يرتب عليها أن تتخلى عن أحلامها لكي تصبح زوجة وأم وربة منزل.
يبدأ الفيلم الدرامي، الذي تدور أحداثه مطلع تسعينيات القرن الماضي، بخبر حصول الكاتب "جو كاستلمان" (الذي يجسد دوره جوناثان برايس) على جائزة نوبل للآداب، وبالرغم من توقع الفوز أمسك جو بيد زوجته جوان وقفز وإياها على السرير على وقع صوت جو:" لقد فزتُ بجائزة نوبل". MAIN_TheWife وأثناء رحلتهما إلى السويد لتسلم الجائزة، تبدأ خيوط القصة بالظهور شيئاً فشيئاً، إذ إن "جوان" التي تلعب دورها "غلين كلوز" تبدو متفانية في خدمة زوجها ومساندة له في أدق التفاصيل، فحتى حين تقرر أن تمضي بعض الوقت بعيدة عنه تعامله وكأنه ولد صغير: تتأكد من وجود الدواء معه، تحرص على وضع نظاراته الاحتياطية، تضبط ساعته لتذكيره بتناول حبوب الدواء. وبالعودة إلى سنواتهما الأولى معاً وطريقة تعارفهما، يتضح أن "جوان" كانت طالبة ذكية في صف البروفيسور "جو كاستلمان" وبعد وقوعها في غرام أستاذها، تتجه مسيرتها المهنية نحو مصيرٍ تقليدي يرتب عليها أن تتخلى عن أحلامها لكي تصبح زوجة وأم وربة منزل، خاصة في مجتمع ذكوري يعمل على طمس نجاح المرأة والقضاء على أحلامها. وبالرغم من كل ما فعلته هذه السيدة من أجل زوجها لم يتخلّ الأخير بالرغم من تقدمه في العمر عن عاداته السيئة خاصة لناحية معاكسة كل شابة يلتقي بها، كما أنه قام بالتقليل من شأنها بالادعاء أمام الجميع بأنها لا تمت إلى الكتابة بصلة وهو أمر "فجّر" القنبلة في داخلها، خاصة أنه تبيّن أنها هي صاحبة "اللمسة الذهبية" والشخص الذي يقف وراء المؤلفات التي صدرت باسمه وكانت سبباً في شهرته.

قنبلة لتحرير المرأة

"لا يوجد شيء أكثر خطورةً من الكاتب الذي أصيبت مشاعره"، هذا ما قالته "جوان" لزوجها "جون" بعد أن صدّ بطريقةٍ عنيفة طلب "ناثانيال بون" لكتابة سيرة حياته. طوال سنوات، عاشت السيدة كاستلمان في الظل، فكانت الجندية المجهولة لشهرة زوجها، وبالرغم من قيام الأخير بجرح مشاعرها طوال فترة الزواج أكدت "جوان"  ل"ناثانيال" أنها ترفض تصويرها وكأنها ضحية، وكأنها بذلك تقول له إنها هي التي اختارت التضحية والسير بهذا الطريق بدافع الحب والحرص على الحفاظ على تماسك عائلتها.
لم يكن هناك أي نجم أميركي مستعد للعب دور ثانوي إلى جانب دور بطولي مسند للمرأة
يوضح موقع The upcoming أنه من خلال فيلم The Wife أراد القيّمون عليه تسليط الضوء بشكل خاصٍ على مسألة عدم المساواة بين الجنسين، وكيفية قيام بعض النساء بدعم الحياة المهنية لأزواجهنّ على حساب طموحاتهنّ الشخصية. فبالرغم من موهبتها الكبيرة فإن "جون" لم تكن قادرة على نشر كتاباتها، وحتى إن فعلت ذلك فإن كتبها ستبقى ”مكدّسة" على الرفوف من دون أن يقرأها أحد، على حدّ قول "إلين موزيل" التي تجسد دورها الممثلة "إليزابيث ماكغوفرن" التي غمزت إلى موضوع التمييز الجنسي وتحكم الرجال بدور النشر. في العرض الأول للفيلم، أعرب فريق العمل عن أمله في أن ينظر الرجال أيضاً إلى المشاريع التي تتمحور حول النساء، وفي هذا السياق أشارت كاتبة السيناريو "جاين أندرسون" إلى أن العمل أبصر النور بعد 14 سنة، إذ لم يكن هناك أي نجم أميركي مستعد للعب دور ثانوي إلى جانب دور بطولي مسند للمرأة، مشددةً على أنها كانت تحارب الذكورة في كل منعطف. وأعربت الممثلة "غلين كلوز" عن رغبتها في أن تكون هذه القصة الدرامية خطوة في الاتجاه الصحيح لتحرير المرأة، إذ قالت لموقع  variety:" أعتقد أننا نحرز تقدماً ولا أعتقد أننا سنعود في أي وقتٍ مضى إلى ما كنّا عليه من قبل"، مرجحةً أن يحدث "انفجار" تلو الآخر بهدف العثور على توازن يستقر في ثورةٍ ثقافيةٍ حقيقية حتى تكون المرأة في مكانٍ مختلفٍ. TheWife2

الزوجة المعاصرة

إن فيلم The Wife يرفع النقاب عن صورة ربة المنزل التي تبدو أنها سعيدة إلا أنها في نهاية المطاف تخفي سراً كبيراً: مدى تضحيتها بحياتها المهنية من أجل زوجها. ولكن وفق موقع Quartz فإن مفهوم الزوجة المتفانية قد اختفى بعد أن أخذت الأمومة مكانها، إذ باتت المرأة على استعداد للتضحية بكل أحلامها بهدف تخصيص المزيد من الوقت مع أطفالها.
يرفضن تسمية أنفسهنّ بالزوجات التقليديات خاصة أنهنّ يكرهن القيام بالأعمال المنزلية ويعتبرن أنفسهنّ مستقلات
ففي الوقت الذي تصر بعض المجتمعات على أن الأنثى تستحق أن يكون لديها فرص متساوية مع الرجل لتحقيق طموحاتها في جميع مجالات الحياة، فإن المجتمع نفسه يغمرنا برسائل عن دور المرأة الحاسم كأم ومربية، الأمر الذي يجعل العديد من النساء المتعلمات يتخلين عن وظائفهنّ بحجة عدم القدرة على الجمع بين العمل والأمومة. تجسد أولئك النساء تجسيداً فعلياً مفهوم "الزوجات الأسيرات" وفق وصف هانا كارون في الكتاب الذي يتحدث عن الأمهات في المنزل واللواتي يبدو أنهنّ "ربات بيوت رجعيات" أو "تقليديات جديدات"، أي النساء الناجحات اللواتي يتخلين عن مسيرتهنّ المهنية من أجل العائلة والتفرغ لشؤون المنزل، ومع ذلك يرفضن تسمية أنفسهنّ بالزوجات التقليديات خاصة أنهنّ يكرهن القيام بالأعمال المنزلية ويعتبرن أنفسهنّ مستقلات. ولكن بكثير من الألم والأسى فإن العديد من هؤلاء السيدات يعترفن بأنهنّ قمن عن غير قصد بالتخلي عن هويتهنّ من أجل أزواجهنّ: مع الضغوط التي قد تواجه الأسرة، فإن المرأة هي التي تتخلى عن وظيفتها، وهو أمر يكشف مدى غياب المساواة بين الجنسين، إذ "من الصعب دائماً على الرجل أن تكون لديه زوجة ناجحة جداً"، على حدّ قول "غلين كلوز".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image