"هذا فريد الأطرش وهذه أخته أسمهان أو آمال الأطرش، كانا هنا في الفندق، ظلا هنا... وهنا نراهما يحتسيان القهوة مع أم كلثوم".
هذه نبذة عما يمكن للصحافيين اللبنانيين والأجانب أن يتوقفوا أمامه وهم يتجولون صحبة الرسام البريطاني، توم يونغ، وهو يكشف لهم كيف حوّل فندق صوفر في لبنان الذي يحمل إلى اليوم على جدرانه ثقوب الرصاص الكثيف كشواهد على الحرب الأهلية (1975-1990)، إلى معرضٍ يضم 60 لوحة، تسرد كل منها "فصلاً" من ليالي "صوفر الكبير” في حياة ملك أو رئيس أو فنان أقام يوماً ما في هذا الفندق قبل أن يتحول إلى متراس للقناصة.
يعتبر يونغ أن "جراند أوتيل" أحد أبرز معالم لبنان، "إن لم يكن الشرق الأوسط كله"، بحسب وصفه، مضيفاً "هُنا رقص وقامر (لعب القمار) ملوك وأمراء وعسكريون ومطربون في الكازينو وكان مكاناً أسطورياً مدى نحو 100 عام حتى وقعت الحرب الأهلية وكان ما كان".
تقول السيدة اللبنانية أديبة عبدالخالق، 70 عاماً، "عندما زرت الفندق استرجعت كل ذكرياتي، نحن نقطن في منطقة قريبة من الفندق وكنا دائماً من رواده، كان يشكل فسحة جمالية لا سابق لها، ماضيا له عز كبير، كنا نلتقي بالفنانين العرب والأجانب .. هذه الأيام لن تتكرر".
أما السيدة سميرة صايغ، 80 عاماً، التي احتفلت بزفافها في الفندق في العاشر من سبتمبر 1965، وأتت لتزوره الآن، فتقول مُستذكرة ذاك اليوم بينما تعيد مشهد وقوفها على الدرج، "شعرت كأنني أميرة، أقف وسط الكثير من الوجوه المُحبة الباسمة". وأضافت: "للحرب الأهلية أثر على الكثير من المعالم اللبنانية الجميلة مثل جراند أوتيل".
وقد احتلت القوات السورية الفندق خلال الحرب الأهلية في لبنان وحوّلته إلى مركز عملياتها طيلة ثلاثة عقود قبل أن تنسحب في عام 2005، بحسب ما نقلته "رويترز".
أسس الفندقَ إبراهيم سرسق، ابن العائلة الارستقراطية البيروتية، عام 1885، والذي كانت تجمعه علاقات قوية مع رجال الدولة العثمانية والدولة الفرنسية.
و في عام 2018، أُعيد إحياء الفندق الذي توقفت نبضاته عام 1975، ليضم معرضاً تستمر فعالياته حتى 21 أكتوبر الجاري، على أمل أن يُعاد افتتاحه رسمياً ليكون مساحة للفن والثقافة في لبنان.
متجولاً صحبة الصحافيين، يشير يونغ إلى حديقة الفندق قائلاً "هنا عقد اجتماع بين الجانبين الفرنسي والبريطاني في الحديقة في الحرب العالمية الأولى. هذا الفندق هو بمثابة كتاب تاريخ عن لبنان منذ القرن التاسع عشر".
"جراند أوتيل" الذي افتُتح حديثاً لأول مرة منذ بدء الحرب الأهلية، كان شاهداً على اجتماع جامعة الدول العربية عام 1947.
ولو كان للجدران أفواه، كما لها "آذان"، لروت ما لا نعرفه عن بعض السياسيين اللبنانيين منهم الرؤساء الراحلون إميل إده وبشارة الخوري وكميل شمعون، والملك الأردني الراحل الحسين بن طلال، والزعيم المصري الراحل سعد زغلول وعدد من ساسة العالم الذين حطوا رحالهم بالفندق ذات يوم.
قائمة "نُزلاء صوفر الكبير" في النصف الأول من القرن الماضي، ضمت أيضاً الممثل الراحل عمر الشريف والموسيقار المصري محمد عبدالوهاب والأديب اللبناني أمين الريحاني.
"هُنا رقص وقامر (لعب القمار) ملوك وأمراء وعسكريون ومطربون في الكازينو. كان مكاناً أسطورياً مدى نحو 100 عام حتى وقعت الحرب الأهلية وكان ما كان".
لو كان للجدران أفواه، كما لها "آذان"، لروت ما لا نعرفه عن الرئيس اللبناني كميل شمعون، والملك الأردني الحسين بن طلال، والزعيم المصري سعد زغلول وعدد من ساسة العالم الذين حطوا رحالهم بالـ"غراند أوتيل" ذات يوم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...