وافقتِ الحكومةُ المصريةُ على تقنين أوضاع 120 كنيسةً ومبنى، ليبلغَ إجمالي ما مُنِحَ من تراخيصَ رسميةٍ لدور العبادة 340، وسطَ تساؤلاتٍ حول إذا كان المُضي في اتخاذ مزيدٍ من هذه القراراتِ من شأنه تخفيفُ وطأةِ التوتر الطائفي المرتبطِ بدور العبادةِ القبطية. جاء ذلك بموجب قرارٍ أصدرَه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، خلال اجتماعٍ خاص بلجنة تقنينِ الكنائس، الخميس، في وقتٍ يقول مراقبون معنيون بالشأن القبطي إن الإجراءاتِ مازالت "تسير ببطء". وشهدت السنواتُ الأخيرةُ عديدَ المواجهات بين مسلمين وأقباط نتيجةَ اعتراض فئة احتجت على تحويل مبانٍ إلى كنائسَ دون الحصول على تراخيص الجهات الرسمية. وبيَّنت أن ذلك يعني أن هناك 10 أصواتٍ للحكومة مقابلَ صوتٍ واحد للطائفة المعنية. تضمُّ اللجنة المُشكلة إلى جانب رئيس الوزراء 10 أعضاءٍ، من بينهم 6 وزراءَ هم الدفاعُ والإنتاج الحربي، الإسكانُ والمجتمعات العمرانية، التنميةُ المحلية، الشؤونُ القانونية ومجلس النواب، العدل، الآثار، إضافة إلى ثلاثة ممثلين عن المخابراتِ العامة، الرقابةِ الإدارية، الأمنِ الوطني بوزارة الداخلية، وممثلٍ واحدٍ عن الطائفةِ المعنية.
شروط.. ماذا يعني القرار؟
تزامناً مع قرار الحكومة، صدرت أحكامٌ عسكرية بإعدام 17 شخصًا بعد إدانتهم باستهداف كنائس، فيما عوقب 28 آخرين بالسجن ما بين 10 إلى 25 عامًا. في 30 أغسطس 2016، وافق مجلسُ النواب بشكل نهائي على مشروع القانون 80 لبناء وترميم الكنائس، تلاه صدورُ القانون رقم 199 لسنة 2017 الخاص بلجنة تقنين الكنائس غير المُرخصة. الموافقة الأخيرة جاءت في ضوء هذين القانونين، ضمنَ تصديقاتٍ أخرى صدرت لعشرات الكنائس خلال الشهور الماضية. اجتماعُ لجنة التقنين، وضع عدداً من الشروط، منها أن تكون الكنائسُ المطلوب تقنينَها قد أٌقيمت قبل تاريخِ بدء العمل بالقانون (سبتمبر 2016)، ومراعاةُ اشتراطاتِ الحماية المدنية، وإثباتُ سلامة المباني وفقاً لتقرير مهندس استشاري من نقابة المهندسين. وعلى هذه الكنائس أن تلتزمَ بضوابط شؤون الدفاعِ عن الدولة، أي "عدم إقامتها على مناطق عسكرية" أو أراضي زراعية، فضلاً عن سداد قيمتها للجهات الرسمية... وحال اكتمال ذلك ترفع لجنةُ التقنين توصيةً إلى مجلس الوزراء. وربما يوازي عددُ الكنائس المُرخصة بالفعل في مصر (5 آلاف)، بحسب ما ذكرته تقاريرُ صحافية، عددَ الكنائس غيرَ المُرخصة من قبل الدولة. في 20 سبتمبر 2017، كتبت صحيفة "الوطن" المصرية نقلاً عن مصادر كنسية وقتها أن الطوائفَ المسيحية قدمت أكثر من 5 آلاف طلبٍ لتوفيق أوضاع مبانيها إلى لجنة التقنين، 3500 تابعةٍ للكنيسة الأرثوذكسية، ذات الغالبية الكبرى في البلاد، و800 للإنجيلية و100 لبقية الطوائف. بينما تلقى "حزب الحرية والعدالة" المُنحل، الذارعُ السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، انتقاداتٍ بعد نشر موقعه الإخباري تقريرًا حول قرار الحكومة الأخيرة، حيث وصفه البعض بأنه "طائفي". وذكر موقع "حزب الحرية والعدالة" أن الترخيصَ لـ120 كنيسةً يعتبر "رشوةً سياسية" للبابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة المرقسية وبابا الإسكندرية، لدوره في حشد أقباط المهجر لاستقبال السيسي خلال الدورة 73 لاجتماعات الأمم المتحدة، سبتمبرَ الماضي.الاشتباكات الطائفية مُستمرة
جاء قانون عام 2016 ربما لينسخَ ما يسمى "الخط الهمايوني"، الذي ارتبط بعدم التوسع في بناء الكنائس في مصر. وهو قانونٌ أقره السلطان العثماني عبد المجيد الأول عام 1856، لتنظيم بناء دور العبادة في ولايات الدولة. كانت مصرُ حينها إحدى ولاياتِ الخلافة العثمانية، وإن كانت مُستقلةً ذاتيًا وإداريًا تحت سيطرة محمد علي باشا وأبنائه وأسرته من بعدهم. في حين يقول البعض إن القانون في ظاهره من شأنه تيسيرُ بناء دور العبادة، بينما تسبب إقرارُ مزيدٍ من القيود التي تعرقلُ سير الإجراءاتِ في ثلاثينيات القرن الماضي، واحتفاظُ رئيس الجمهورية بالموافقة على ذلك، وتدخلاتُ الجهات الأمنية، بالمزيدِ من التعقيدات، أيضاً تسبب بإغلاق الطريقِ أمام توجُّه الأقباط إلى الحصول على رخص بناء رسمية. نتيجةَ ذلك اتجه البعضُ إلى استخدام مبانٍ صغيرة لإقامة شعائرهم الدينية، ما جعل مشهدَ الخلافات الطائفية بين المسلمين والأقباط، خاصة في القرى والمدن البعيدة عن نطاق القاهرة المركزية، شيئاً مألوفاً بين الحين والآخر. ورغم صدور القانون رقم 60 لعام 2016 وتشكيل لجنة التقنين، إلا أن المواجهاتِ الطائفيةَ استمرت. آخرها كانت في 31 أغسطس الماضي، عندما تجمع عددٌ من الأشخاص عقبَ صلاة الجمعة في قرية "دمشاو هاشم"، في مركز المنيا، جنوبَ مصر. توجه هؤلاءُ إلى بيتٍ مملوكٍ لأحد الأقباط، بعد تناقل أنباء عن تحويله إلى كنيسة غير مُرخصةٍ، حينها وقعت اشتباكاتٌ عنيفة بين الجانبين قبل أن تفرقها قواتُ الأمن. في وقتٍ سابق، قال البابا تواضروس، بطريرك الكنيسة المرقسية وبابا الإسكندرية، إن القانونَ 80 "صحّحَ خطأً دام أكثر من 160 عامًا". وأوضح في تصريحات صحافية أن القانونَ "جاء ليضمّدَ جراحاتٍ استمرت طويلاً من أجل الاستقرار والمواطنة". بينما قالت المبادرةُ المصرية للحقوق الشخصية، ديسمبرَ الماضي، إن تشكيلَ لجنة التقنين "غيرُ عادلٍ وغيرُ ممثّلٍ لكل الأطراف ذاتِ الصلة بعملية بناء وترميم الكنائس، فقد سيطرت عليها الجهاتُ الحكومية، خصوصًا الأمنية، بما يثير الشكوكَ حول اتباع السياسات القديمة ذاتها بتغليب النظرة الأمنية على عملية اتخاذ القرار فيما يخصُّ بناءَ الكنائس، لا سيما أن اللجنة ستتخذ قراراتِها بالأغلبية".الحكومةُ المصريةُ توافق على تقنين أوضاع 120 كنيسةً ومبنى، ليبلغَ إجمالي ما مُنِحَ من تراخيصَ رسميةٍ لدور العبادة 340. اتخاذ هكذا قرار، هل من شأنه تخفيفُ وطأةِ التوتر الطائفي المرتبطِ بدور العبادةِ القبطية؟
ذكر موقع "حزب الحرية والعدالة" أن الترخيصَ لـ120 كنيسةً يعتبر "رشوةً سياسية" للبابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة المرقسية وبابا الإسكندرية، لدوره في حشد أقباط المهجر لاستقبال السيسي خلال الدورة 73 لاجتماعات الأمم المتحدة
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...