الجزائري الراحل كاتب ياسين، واحد من أهم الكتّاب والمسرحيين العرب الذين سبقوا بمراحل الوعي الجماعي العربي، بالكتابة عن المساواة بين الرجل والمرأة وحقوق الإنسان، لكن رغم تميزه لم يحظَ قبل وفاته في العام 1989 بتكريم يليق باسمه من بلده الأم، كحال معظم الدول العربية التي لا تتذكر أعلامها إلا عندما يموتون.
بعد مرور ثلاثة عقود ونصف العقد على رحيل الأديب الجزائري، قررت الدائرة 13 في بلدية باريس إطلاق اسم "كاتب ياسين" على حديقة قرب مقرها. ووصف رئيس البلدية جيروم كوميه هذه الخطوة بأنها تهدف إلى "تكريم أحد عمالقة الأدب الفرنكفوني، رجل ناضل لتجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة".
المفارقة أن كاتب ياسين لم يحظَ بالتكريم من قبل السلطات الجزائرية حتى وفاته عام 1989، على الرغم من أن أعماله حققت نجاحاً كبيراً داخل الجزائر وخارجها، كما تدرس بعض كتبه في العديد من الجامعات الفرنسية والأمريكية.
وليست هذه المرة الأولى التي تطلق فيها أسماء مثقفين ومبدعين جزائريين على شوارع وساحات باريسية وفرنسية، فقد أطلق اسم معطوب لوناس المغني القبائلي المغتال والمعارض للنظام الجزائري على ساحة في الضاحية الباريسية.
يعتبر كاتب ياسين واحداً من أبرز الوجوه الثقافية الجزائرية في القرن العشرين، ومن أشهر أعماله "نجمة" التي تناولت الثورة الجزائرية، وأسست عمادَ الأدب الجزائري المعاصر.
كان مشهد رفع اسم ياسين على الحديقة البارسية ذات نهار خريفي لافتاً ودافئاً، إذ حضر مراسم التدشين جمهور كبير من أصدقائه الفرنسيين والجزائريين وابنه المغني أمازيغ كاتب، الذي أحيا حفلاً غنائياً بهذه المناسبة، بالإضافة إلى سفير الجزائر بفرنسا عبد القادر مسدوة.
حين تكرم باريس عملاق الأدب المناضل ضد الاستعمار الفرنسي
تعود فكرة تكريم كاتب ياسين في الأساس إلى جمعية "أمسلاي"، التي يعني اسمها باللغة الأمازيغية، "الكلمة"، وهي كانت اقترحت على بلدية باريس تسمية إحدى حدائقها باسمه. وتحمست البلدية للفكرة، وقررت تنفيذها بشكل سريع. في كلمته أمام رفاقه ومحبيه، عدّد عمدة الدائرة 13 في باريس جيروم كوميه أهم مراحل مسيرة كاتب ياسين منذ صغره حتى وفاته، واصفاً إياه بالرجل الثوري "الذي دافع عن حرية الجزائر وشارك في مسيرات عديدة وهو صغير، كالمسيرة التي نظمت للتنديد بأحداث 8 مايو 1945 بمدينة سطيف (شرق الجزائر) التي قتل فيها عشرات الآلاف من الجزائريين خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بالاستقلال". وأضاف: "كاتب ياسين هو عملاق في مجال الأدب والكتابة. وظّف اللغة الفرنسية بشكل ناجح ليدافع عن الحرية ولمساندة الثورة الجزائرية. كما استخدم اللغة العامية (الدارجة) لكتابة مسرحيات"، متابعاً: "ياسين دافع من خلال كتاباته عن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". وواصل المسؤول الفرنسي: "بلديتي تربطها علاقات متينة مع الجالية الأمازيغية منذ زمن بعيد"، مشيراً إلى أنه "شخصياً لا يملك أية علاقة مباشرة مع الجزائر لكن والده كان مدرساً في وهران (غرب الجزائر) قبل الاستقلال". وعلى هامش التكريم، نُظم معرضٌ حول كاتب ياسين، وآخر حول المناظر الطبيعية في الجزائر، ومعرض متخصص حول الحلي التقليدية لمنطقة القبائل.الحدائق... تلك المكتبات الصوتية
في كلمة قصيرة، شكر أمازيغ ياسين، ابن الأديب الراحل، مسؤولي البلدية الذين اختاروا تسمية حديقة باسم والده لأنه "كان أساساً يحب التجول في الحدائق ويقضي أوقاتاً طويلة لقراءة الكتب والمجلات فيها". وقال: "والدي كان يقضي ساعات طويلة في الحدائق وعندما يعود إلى المنزل، يكون حاملاً بيده باقة من الزهور"، مضيفاً أن الكاتب الجزائري، "كان يعتبر الحدائق مكتبات صوتية منفتحة على العالم". وذكر أمازيع أحد مواقف والده: "مرة سألته لماذا تقرأ الكتب في الحدائق، فأجابني: لأنني أريد أن أستمع إلى أصوات الآخرين مثل أصوات الأطفال والنساء والرجال والحيوانات"، متمنياً أن "يعيش الجزائريون في حديقة صوتية تتسم بالحرية". بدوره، عبر سفير الجزائر بفرنسا عن شعوره بالفخر والاعتزاز برؤية حديقة باريسية تحمل اسم أحد أبرز أسماء الأدب الجزائري الذي لم يترك بصمته بالجزائر فحسب، بل تعداها إلى ما وراء الحدود، مؤكداً "أنه سيظل إلى الأبد في ذاكرة الجزائريين"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية. وعرف كاتب ياسين بنضاله من أجل حقوق الإنسان في الجزائر، كما عرف بمعارضته للنظام الجزائري في عهد الرئيسين هواري بومدين والشاذلي بن جديد. وهو من أكثر المدافعين عن الهوية الأمازيغية، إذ عارض بشدة سياسة التعريب التي أقرتها السلطات الجزائرية في السبعينيات من القرن الماضي.بعد مرور 3 عقود على رحيل الأديب الجزائري كاتب ياسين، قررت الدائرة 13 في بلدية باريس إطلاق اسمه على حديقة قرب مقرها. ووصف رئيس البلدية هذه الخطوة بأنها تهدف إلى "تكريم أحد عمالقة الأدب الفرنكفوني، رجل ناضل لتجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة".
"مرة سألته لماذا تقرأ الكتب في الحدائق، فأجابني: لأنني أريد أن أستمع إلى أصوات الآخرين مثل أصوات الأطفال والنساء والرجال والحيوانات"، متمنياً أن "يعيش الجزائريون في حديقة صوتية تتسم بالحرية". أمازيغ ياسين يستذكر أحد مواقف والده الأديب الراحل
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع