للنغم سحرٌ يأخذنا من فكرة إلى أخرى ومن واقع إلى حلم يطوف بنا بقاع العالم.
إنّه سرّ من أسرار الحياة بتشعباتها. وإذا جمعنا الأنغام بقصرها وطولها، بإيقاعها السريع والبطيء تكوّنت عندنا الموسيقى.
كانت الموسيقى تعني سابقاً الفنون عموماً، غير أنّها أصبحت فيما بعد تُطلق على لغة الألحان فقط (T. M. Finney, A History of Music).
من المؤكد أنّ بدايات الموسيقى كانت معتمدة على الأصوات الخاصّة بالطبيعة، ومن ثمّ لاحظ الإنسان وجود هذه الأصوات، فاستعمل النفخ بأنابيب القصب وحفيف الأخشاب والأوراق وقرقعة الحجارة لإصدار الصوت. ومع مرور الوقت أصبحت الموسيقى تُستعمل في مجالات كثيرة، مثل تشجيع الجيوش في الحروب، وإحياء الاحتفالات في القصور قبل أن يبدأ تعليمها في المعاهد الموسيقيّة .
والموسيقى هي وسيلة مهمة للتعبير عن المشاعر. فالإنسان يتأثر فيها ويتفاعل معها نفسيًاً وحسيًاً وفكريًاً ووجدانيًاً وجسديًاً. ولكن من الخطأ الاعتقاد بأنّ الموسيقى وسيلة ترفيهية فقط، بل لها منافع صحيّة كثيرة برهنتها الدراسات الحديثة.
من بين العيّنة التي أجرينا عليها درساتنا تبيّن أن 16% من الشباب والشابات يعزفون على آلة موسيقيّة أو أكثر، و11 % من العيّنة يدرسون الموسيقى في المعاهد. و7% منها بدأوا بدراسة الموسيقى ولكنّهم وجدوا صعوبة بمتابعة العزف.
إنّ أكثر من بحث علمي أُجري في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا برهن أنّ عزف الشباب للموسيقى يشكل وسيلة سلميّة للتعبير عن الآراء ولتنفيس الاحتقان وللتخفيف من الغضب والثورة عند الشباب. كما أظهرت أنّ نوع الموسيقى الذي يرغب الفرد في لعبه يعكس وضعه النفسي.
ففي دراسة أجريت في جامعة أوكسفرد البريطانية (University of Oxford) تبيّن أن الموسيقى ذات الإيقاع البطيء أو ما يُعرف بالموسيقى الهادئة، يرغب في عزفها والاستماع إليها من هم في حالة غرام أو قلق أو مرض لأنّ إيقاعها البطيء يبعث على التأمل ويخفّف من ضربات القلب ويساعد على الشعور بالسعادة والراحة النفسيّة .
أمّا الفئة التي تسعى إلى الثورة على الواقع أو الغوص في العالم الافتراضي فهي ترغب في عزف الموسيقى الصاخبة والاستماع إليها. وهذا النوع من الموسيقى له إيجابياته أيضاً، إذ أظهرت الدراسة أنّه يساهم في تخفيف الاحتقان عند الإنسان وإخراج ما بداخله من غضب. واقترحت الدراسة على الشباب اللجوء إلى الإيقاعين لأنّ لكل منهما فائدة.
صحيح أن الاستماع للموسيقى وعزفها يعكسان حالة الإنسان المزاجية إلّا أنّهما تساعدانه أيضاً على التمتع بصحة أفضل، فالنغمات تضبط كل ما يدور بداخله وكأنها جرعة من الأدوية ذات المفعول المباشر والقوي.
الموسيقى دواء للاضطرابات النفسيّة
لمعرفة وقع الموسيقى وأهميتها في حياة الشباب، أجرينا دراسة محليّة شملت 100 شاب وشابّة من عمر 18 إلى 22 عاماً. وقد تبيّن أن: 90% منهم يلجأون إلى الموسيقى عندما يكونون في حالة نفسيّة سيّئة، و70% منهم يستمعون أيضاً إلى الموسيقى عندما يكونون فرحين. 100% يعتقدون أنّ الموسيقى تشكّل عنصراً أساسيًاً وضروريًاً في تحقيق الراحة النفسيّة والشعور بالفرح. وتتطابق هذه الأرقام مع نتائج دراسات كثيرة حول تأثير الموسيقى في الشباب. فقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد (Stanford) عام 2007، أنّ الدماغ يطلق عند سماع الموسيقى مادّة دوبامين (Dopamine)، وهي مادّة كيماويّة أساسيّة في تفعيل الأداء الصحّي للجهاز العصبي المركزي، ولها تأثيرات مفيدة في العاطفة والإدراك والحركة، كما تسبب الشعور بالسعادة والإثارة والفرح، وذلك خلال 15 دقيقة فقط من بدء إفرازها. وبرهنت الدراسة أيضاً أنّ الموسيقى ترفع المزاج وتقلّل من القلق، وتساعد في مكافحة الأرق، إذ لاحظت أنّ الطلاب الذين استمعوا إلى الموسيقى للاسترخاء لمدة 45 دقيقة قبل النوم، حصلوا على نوم أفضل بكثير من الطلاب الذين مارسوا الروتين اليومي العادي. وقد أشارت دراسة أخرى أُجريت في جامعة ولاية بنسلفانيا (University of Pennsylvania) إلى أنّ استماع الشباب للموسيقى قد أدّى بالفعل إلى تغيير مزاجهم بجعلهم أكثر سعادة أو أكثر استرخاء وتفاؤلاً، مما ساهم في تحسين إنتاجهم.عند سماع الموسيقى، يطلق الدماغ مادّة دوبامين (Dopamine)، وهي مادّة مؤثرة في العاطفة والإدراك والحركة، كما تسبب الشعور بالسعادة والإثارة والفرح، وذلك خلال 15 دقيقة فقط من بدء إفرازها
هناك علاقة وديّة بين الموسيقى والأكل، فقد أظهرت الأبحاث أنّ الموسيقى تؤثّر في عادات تناول الطعام عند الأشخاص وتقودهم لاستهلاك أقلّ من السعرات الحراريّة والتمتع بوجباتهم أكثر.
الموسيقى علاج ناجح ومسكّن للآلام
هل تساعدكم الموسيقى عند شعوركم بالمرض من التخفيف من آلامكم؟ هذا السؤال طرحناه على عيّنة دراستنا، فتبين أنّ 53% من أفرادها لاحظوا بالفعل أنّ استماعهم إلى الموسيقى وهم مرضى قد خفّف من أوجاعهم. و50% منهم اعتبروا أنّ الموسيقى قد أنستهم مشكلتهم. وتفسيراً لهذه النتائج نستند إلى دراسات علميّة متعدّدة، ومنها دراسة أجريت في جامعة ميغيل في كندا (McGill University) أفادت أنّ للموسيقى تأثيرات صحيّة كبيرة. فقد أجرى عدد من الباحثين في الجامعة دراسة لمعرفة ما الذي يحدث في الدماغ البشري عند الاستماع للموسيقى. أجريت الدراسة على أشخاص خائفين وقلقين قبيل إجرائهم عمليّة جراحيّة. وقد استمعت مجموعة منهم إلى الموسيقى قبل دخولها إلى غرفة العمليّات وتمّ إعطاء المجموعة الأخرى أدوية للمساعدة في تهدئتها. وأظهرت الدراسة أنّ المرضى الذين استمعوا إلى الموسيقى هم في الواقع المجموعة التي كانت أكثر هدوءًا قبل الذهاب إلى غرفة العمليّات. ومن هنا فإنّ الموسيقى لا تساعد في تخفيف القلق وتشتيت الانتباه عن مصدر المشكلة الصحيّة فحسب، بل تساهم أيضاً في تخفيف الشعور بالألم. إذ تبيّن أيضًا أنّ النساء اللواتي يلدن يشعرن بألم أخف عندما يستمعن إلى الموسيقى قبيل الولادة وأثناءها. دراسة أخرى أُجريت في جامعة بالتيمور الأميركية (Baltimore University) أثبتت أنّ للموسيقى تأثيراً مباشراً في معدل ضربات القلب والتنفس بعدما تم قياس حجم الأوعية الدمويّة قبل وأثناء وبعد عزف الموسيقى. وتعزيزاً لهذه الوقائع قام أطباء في واشنطن بدراسة لمعرفة مدى تأثير الموسيقى في التخفيف من آلام المفاصل. وقد شملت الدراسة 66 شخصاً يعانون من التهاب في المفاصل . وقُسم هؤلاء إلى مجموعتين، واحدة استمع أفرادها إلى نغمات موسيقى موزارت (Mozart) مدة 20 دقيقة صباحاً على مدى 14 يوماً، في حين أنّ أفراد المجموعة الثانية جلسوا في جو هادئ من دون سماع أصوات أو نغمات موسيقيّة. وكانت المفاجأة أنّ المرضى الذين استمعوا إلى الموسيقى سجّلوا درجات أقلّ من آلام المفاصل مقارنة بأفراد المجموعة الثانية. ويمكن أن يكون للموسيقى تأثير كبير على نظام المناعة بحسب مجموعة أطبّاء أميركيين اعتبروا أنّ الأنغام الموسيقيّة التي تجعل الإنسان أكثر سعادة تؤدّي إلى إطلاق جسمه مادتي الدوبامين (Dopamine) والسيروتونين (Serotonin) مما يعزز من مناعته. واللافت أيضاً بـحسب بعض الدراسات أنّ هناك علاقة وديّة بين الموسيقى والأكل، فقد أظهرت الأبحاث في جامعة جورجيا (Georgia University) أنّ الموسيقى تؤثّر في عادات تناول الطعام عند الأشخاص وتقودهم لاستهلاك أقلّ من السعرات الحراريّة والتمتع بوجباتهم أكثر.هل لعزف الآلات الموسيقيّة منافع أيضاً؟
تبيّن الأبحاث أن الموسيقى ذات الإيقاع البطيء أو ما يُعرف بالموسيقى الهادئة، يرغب في عزفها والاستماع إليها من هم في حالة غرام أو قلق أو مرض لأنّ إيقاعها البطيء يبعث على التأمل ويخفّف من ضربات القلب ويساعد على الشعور بالسعادة والراحة النفسيّة
من بين العيّنة التي أجرينا عليها درساتنا تبيّن أن 16% من الشباب والشابات يعزفون على آلة موسيقيّة أو أكثر، و11 % من العيّنة يدرسون الموسيقى في المعاهد. و7% منها بدأوا بدراسة الموسيقى ولكنّهم وجدوا صعوبة بمتابعة العزف.
إنّ أكثر من بحث علمي أُجري في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا برهن أنّ عزف الشباب للموسيقى يشكل وسيلة سلميّة للتعبير عن الآراء ولتنفيس الاحتقان وللتخفيف من الغضب والثورة عند الشباب. كما أظهرت أنّ نوع الموسيقى الذي يرغب الفرد في لعبه يعكس وضعه النفسي.
ففي دراسة أجريت في جامعة أوكسفرد البريطانية (University of Oxford) تبيّن أن الموسيقى ذات الإيقاع البطيء أو ما يُعرف بالموسيقى الهادئة، يرغب في عزفها والاستماع إليها من هم في حالة غرام أو قلق أو مرض لأنّ إيقاعها البطيء يبعث على التأمل ويخفّف من ضربات القلب ويساعد على الشعور بالسعادة والراحة النفسيّة .
أمّا الفئة التي تسعى إلى الثورة على الواقع أو الغوص في العالم الافتراضي فهي ترغب في عزف الموسيقى الصاخبة والاستماع إليها. وهذا النوع من الموسيقى له إيجابياته أيضاً، إذ أظهرت الدراسة أنّه يساهم في تخفيف الاحتقان عند الإنسان وإخراج ما بداخله من غضب. واقترحت الدراسة على الشباب اللجوء إلى الإيقاعين لأنّ لكل منهما فائدة.
صحيح أن الاستماع للموسيقى وعزفها يعكسان حالة الإنسان المزاجية إلّا أنّهما تساعدانه أيضاً على التمتع بصحة أفضل، فالنغمات تضبط كل ما يدور بداخله وكأنها جرعة من الأدوية ذات المفعول المباشر والقوي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...