نشرت صحيفةٌ مصرية رسمية، معنية بنشر القوانين والقرارات الحكومية، في عددها الصادر، اليوم الأحد 2 سبتمبر، تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على القانون رقم 180 لسنة 2018، بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. ويقول مراقبون إن القانون الجديد سيزيد من قبضة السلطة على الصحف ومواقع الإنترنت في بلدٍ تضعه العديد من المنظمات الحقوقية الدولية في مراتبَ متأخرةٍ من حيث حرية التعبير وتتهم سلطاتِه بممارسة قمعٍ ممنهجٍ ضد حرية الإعلام. يتعامل القانون الجديد مع أي مستخدم على الإنترنت يزيد عددُ متابعيه عن 5 آلاف شخصٍ، باعتباره وسيلةَ إعلام يمكن محاسبتها بهذا القانون لو نشرَ ما يتعارض مع ما يسميه القانون، مخالفةَ الآداب والقوانين التي تحدِّد عملَ المؤسسات الصحافية والإعلامية. ويقول الناشط والمحامي الحقوقي أحمد أبو المجد لرصيف22 إن القانون الجديد يستهدف أساساً حريةَ إنشاء مواقع الإنترنت ويرغب في تخويف النشطاء من الحديث في موضوعاتٍ غير التي تريد الدولة إرسالها للمصريين، على حد تعبيره. وطالبت المادة الثالثة من القانون الجديد "كل من يعمل فى المجال الصحافي أو الإعلامي سواء في الصحف أو في وسائل الإعلام أو المواقع الإلكترونية أن يوفق أوضاعه طبقاً لأحكام القانون ولائحته التنفيذية، ذلك خلال ستة أشهر". وسيلغي القانون الجديد قوانين سبقته، هي القانون رقم 92 لسنة 2016 بشأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، والقانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة. وبحسب المادة الخامسة منه سيبدأ العمل بالقانون الجديد "اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره"، أي في الثالث من سبتمبر الجاري. يعرِّف القانون الجديد الصحافي بأنه فقط "كل عضو مقيد بجداول نقابة الصحفيين"، بينما الإعلامي هو "كل عضو مقيد بجداول نقابة الإعلاميين"، ومن المعروف أن الالتحاق بنقابة الصحافيين المصريين أو نقابة الإعلاميين يحتاج إلى شروطٍ عدة لا تتوفر للكثيرين، وفي مصر آلاف الصحافيين والإعلاميين غير ملتحقين بالنقابتَين. كما يعرِّف القانون الجديد الصحيفة بأنها "كل إصدارٍ ورقي أو إلكتروني يتولى مسؤوليةَ تحريره أو بثّه صحافيون نقابيون"، بالتالي لم يعد من حق غير أعضاء النقابة إطلاقُ صحفٍ مصرية سواء مطبوعة أو إلكترونية. ويعرِّف القانون الموقع الإلكتروني بأنه "الصفحة أو الرابط أو التطبيق الإلكتروني المرخَّص له والذي يقدم من خلاله محتوى صحافي أو إعلامي أو إعلاني، أياً كان نصيّاً أو سمعياً أو مرئياً، ثابتاً أو متحركاً أو متعدد الوسائط، ويصدر باسمٍ معين وله عنوان ونطاق إلكتروني محدد، ويُنشأ أو يُستضاف أو يتم النفاذ إليه من خلال شبكة المعلومات الدولية"، ما يعني أن كلَّ موقعٍ مصريِّ يجب أن يحصل على ترخيصٍ حكومي. ويقول أبو المجد إن هذه المادة من القانون يمكن أن تنهي مئاتِ المواقع المصرية المستقلة والمعارضة والتي سبق وحجبتها السلطات بدايةَ العام الجاري في أكبر حملة حجبٍ شهدتها مصر. وتقول المادة الثالثة من القانون إنه "يحظر، بأي وجهٍ، فرضُ رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية، ويحظر مصادرتها، أو وقفها، أو إغلاقها"، لكن وضِعت فقرةٌ مكملة بعد هذه المادة تقول "يجوز استثناء فرضِ رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة، وفي هذه الحالة للمجلس الأعلى أن يصدر قراراً بضبط نسخ الصحيفة الورقية أوحذف أوحجب المادة المخالفة لتعليمات الرقابة في حالة نشرها في صحيفة إلكترونية، أو موقع إلكتروني أو وقف إعادة بثها في الوسيلة الإعلامية". وبحسب أبو المجد فإن المادة لم تحدد المقصود بكلمة حرب، والجميع يعلم جيداً أن السلطات المصرية تعتبر نفسها دائماً في حالة حربٍ مستمرة ضد "الإرهاب". وبحسب المادة الرابعة "يُحظر على المؤسسة الصحفية والوسيلة الإعلامية والموقع الإلكتروني نشرُ أو بثُّ أية مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور، أوتدعو إلى مخالفة القانون، أو تخالف الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني، أو تخالف النظام العام والآداب العامة". ويصف أبو المجد هذه المادة بأنها "مطاطة" وغير واضحة، وتعطي الحق للدولة بالتدخل فيما يُنشر في وسائل الإعلام بحجة أنه يخالف النظام أو الآداب العامة. ويعطي القانون الجديد للمجلس الأعلى، لاعتباراتٍ "يقتضيها الأمن القومي، أن يمنع مطبوعاتٍ، أو صحفٍ، أو موادٍ إعلاميةٍ أو إعلانية، صدرت أو جرى بثها من الخارج، من الدخول إلى مصر أو التداول أو العرض"، ويتخوف نشطاء من أن يكون المقصود من هذه المادة حجب ومنع وسائل الإعلام الأجنبية التي لا تعرض الرواية الرسمية للدولة. وتقول المادة الخامسة إنه "لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية أو إدارتها أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية إلا بعد الحصول على ترخيصٍ بذلك من المجلس الأعلى، وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن". ويصف أبو المجد هذه المادة بالكارثية، معتبراً أنها تهدد مئاتِ المواقع المصرية التي لا ترضى عنها السلطات، وتظهر أن السلطات ترغب في فلترة المواقع بهدف تقليل عددها للقيام بمزيد من التحكم فيما يُنشر على الإنترنت داخل مصر. أما المادة رقم 12 من القانون فتقول إن للصحافي أو للإعلامي، في سبيل تأدية عمله، الحقُّ في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن غير المحظور تصويرها"، لكن تكمل المادة أن شرط ذلك هو "الحصول على التصاريح اللازمة". وفي السنوات الأخيرة تم القبض على صحافيين بتهمة التصوير في أماكنَ عامةٍ دون تصريح. وتحظر المادة رقم 19 على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني، "نشر أو بث أخبارٍ كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون". وتضيف هذه المادة أنه "يَلتزمُ بأحكام هذه المادة كلُّ موقعٍ إلكتروني شخصي، أو مدونة إلكترونية شخصية، أو حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف أو أكثر". وبحسب أبو المجد فإن هذه المادة "الخطيرة" كما يصفها، تجعل حتى مستخدمي فيسبوك وتويتر والمدونين بمثابة وسائل إعلام في نظر السلطات المصرية، ويمكن محاكمتهم على كل ما ينشرونه، رغم أن الحساباتِ الشخصيةَ ظهرت لتعبّرَ عن آراء شخصية "الهدف طبعاً هو تخويف الجميع من الكتابة، وعرض فقط وجهة النظر الرسمية" يقول الناشط الحقوقي. وتوجب المادة في جزئها الثاني المجلس الأعلى باتخاذ "الإجراء المناسب حيال المخالفة وله فى سبيل ذلك، وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه بقرار منه". ما يعطي الحكومة الحق في حجب حتى الحسابات الرسمية على فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من وسائل التواصل. وتَحظرُ المادة رقم 20 من القانون على أية "وسيلة من وسائل النشر أو البث، التعرض للحياة الخاصة للمواطنين أو المشتغلين بالعمل العام، أو ذوي الصفة النيابية العامة، أو المكلَّفين بخدمة عامة، إلا فيما هو وثيق الصلة بأعمالهم وأن يكون التعرض مستهدفاً المصلحة العامة". وتقول المادة رقم 31 إنه "لا يجوز تفتيش مكتب أو مسكن الصحافي أو الإعلامي بسبب جريمة من الجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو وسائل الإعلام إلا في حضور أحد أعضاء النيابة العامة". ويضع القانون الجديد قيوداً عدة على إنشاء وسائل الإعلام، على سبيل المثال تقول المادة 35 إنه "يُشترط في تأسيس الصحف التي تصدرها الشخصيات الاعتبارية الخاصة إيداع في أحد البنوك المرخص لها في مصر مبلغ ستة ملايين جنيهٍ مصري إذا كانت الصحيفة يومية، ومليوني جنيهٍ إذا كانت أسبوعية، ومليون جنيهٍ إذا كانت شهرية أو إقليمية يومية، وأربعمائة ألف جنيه إذا كانت إقليمية أسبوعية، ومائتي ألف جنيه إذا كانت إقليمية شهرية، وفي حالة الصحف الإلكترونية يكون رأسمالها مئة ألف جنيهٍ، على أن يودع نصف هذه المبالغ في أحد البنوك المرخص لها في مصر قبل بدء إجراءات تأسيس الصحيفة". ووصلت القيود حتى إلى الهواتف الذكية، حيث تقول المادة رقم 67 أنه "لا يجوز بث المحتوى الخاص بالوسيلة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية على الهواتف الذكية، أو غيرها من الأجهزة أو الوسائل المماثلة قبل الحصول على موافقة بذلك من المجلس الأعلى وفق الإجراءات والقواعد التي يحددها".
يتعامل القانون الجديد مع أي مستخدم على الإنترنت يزيد عددُ متابعيه عن 5 آلاف شخصٍ، باعتباره وسيلةَ إعلام يمكن محاسبتها بهذا القانون لو نشرَ ما يتعارض مع ما يسميه القانون، مخالفةَ الآداب والقوانين التي تحدِّد عملَ المؤسسات الصحافية والإعلامية.
المادة رقم 12 من القانون تقول إن للصحافي أو للإعلامي، في سبيل تأدية عمله، الحقُّ في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن غير المحظور تصويرها"، لكن تكمل المادة أن شرط ذلك هو "الحصول على التصاريح اللازمة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 4 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.
mohamed amr -
منذ اسبوعينمقالة جميلة أوي