دخل قانونٌ لـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات" أو جرائم الإنترنت حيز التنفيذ، في مصر، بعدما صادق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس السبت. ويعطي القانون صلاحياتٍ واسعةً لجهات التحقيق المعنية، تشمل مساءلة شركات الاتصالات ومزودي الخدمة، كما أصحاب المواقع الإلكترونية ومستخدمي الإنترنت العاديين حال اُعتبر ما يُنشر تهديدًا للأمن القومي. وواجه القانون انتقاداتٍ من قبل مؤسسات معنية بحرية الرأي والتعبير، من قبيل أنه قد يجعل أي مستخدم عُرضةً للملاحقة، فعلى سبيل المثال يعتبر أي شخص لديه 5 آلاف متابع لحسابه أو مدونته بمثابة وسيلة إعلامية تخضع لقانون الإعلام. في حين أثار القانون صدمةً وجدلاً بين المصريين، قائلين إن مواقع التواصل الاجتماعي ستتحول إلى نقاشاتٍ في الأشياء المسلية البعيدة عن السياسة، فيما اكتفى بعضهم بالقول "سمع هُس"، في إشارة إلى توقعاتٍ محتملة حول حرية التعبير في البلاد.
مُقطفات من القانون.. الجميع عُرضة للعقوبة
بموجب قانون "جرائم الإنترنت"، ستتراوح العقوبات بين غرامة تبدأ من 20 ألف إلى 10 ملايين جنيه والسجن 3 أشهر إلى سنتين. وألزم القانون، الذي يضم 45 مادةً، شركات الاتصالات بجمع بيانات تصفح المستخدمين العاديين ونشاطاتهم على الإنترنت عن آخر 180 يوماً، وإلا ستواجه غرامةً ما بين 5 إلى 10 ملايين جنيه، مع احتمالية إلغاء تراخيصها. وفي حالة قررت تتبع هوية شخص ما على الإنترنت، فعلى مزودي خدمة الإنترنت أو شركات الاتصالات توفير "الإمكانات الفنية لجهات التحقيق" للوصول إلى ذلك، وإذا تمت مخالفة ذلك ستنفذ عقوبة 3 أشهر أو غرامة من 200 ألف إلى مليون جنيه. في حين قد يكون السجن عاماً والغرامة بين 50 ألفاً و100 ألف جنيهٍ من نصيب "كل من دخل عمداً أو بخطأ غير عمدي على موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي محظور الدخول عليه بهدف إتلاف أو محو أو تغيير أو نسخ أو إعادة نشر للبيانات أو المعلومات الموجودة على ذلك الموقع أو الحساب الخاص". ويطال القانون من ينشر صوراً أو فيديو لأشخاص على الإنترنت من دون موافقتهم، بالحبس 6 أشهر وغرامة بين 50 إلى 100 ألف جنيه. وكذا نفس العقوبة إذا تم نشر شيء يقع في دائرة التجريم بهدف "الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو مركزها الاقتصادي"، أو إذا اُعتبر مُخلاً "بالمبادئ والقيم اﻷسرية". تقول الحكومة إنها بذلك تحمى "حرمة الحياة الخاصة للمواطنين"، بينما يخشى البعض أن يستخدم في تقييد عمل الصحافة على كشف قضايا ذات صلة بالفساد، لا سيما أنه حال اعتمدت مواقع إلكترونية على هذا المحتوى المنشور في حسابات شخصية، سيُلاحَقُ القائمون عليها، بمن فيهم مدير صفحات التواصل الاجتماعي التابعة لها، بعقوبةٍ لا تقل عن سنتين وغرامة تتدرج بين 20 إلى 200 ألف جنيه. وحينها يواجه العقوبة "كل من أنشأ أو أدار أو استخدم موقعاً أو حساباً خاصاً على شبكة معلوماتية بهدف ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانوناً". كما منح القانون للسلطات صيغة مشروعيةِ حجب المواقع الإلكترونية إذا توافرت أدلة على أنه يبث محتوى يشكل تهديداً للأمن القومي. وينص على "إن أخلَّ مقدم خدمة الإنترنت بقرار الحجب، فإنه قد يواجه الحبس سنة أو غرامة من 500 ألف إلى مليون جنيه". ومنذ مايو 2017، يخضع أكثر من 500 موقع إلكتروني للحجب في مصر، بينها مواقع إخبارية وأخرى مرتبطة بمنظمات غير حكومية، مصرية ودولية، مثل منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش. وقالت الحكومة وقتها إن إجراءات، من بينها الحجب، تستخدم في مكافحة الإرهاب. كما منع القانون على شركات الاتصالات والمنصات الإلكترونية منح بيانات عملائها دون موافقتهم إلى شركات أخرى، قد تقوم مثلا بأنشطة تسويقية، كأن يتلقى الأشخاص رسائل ترويجية من شركات على هواتفهم. وهو ما قد يقتضي حينها توقيع عقوبة 6 أشهر والغرامة 50 إلى 100 ألف جنيه.ألزم القانون، الذي يضم 45 مادةً، شركاتِ الاتصالات بجمع بياناتِ تصفح المستخدمين العاديين ونشاطاتهم على الإنترنت عن آخر 180 يوماً، وإلا ستواجه غرامة بين 5 إلى 10 ملايين جنيه، مع احتمالية إلغاء تراخيصها.
بموجب قانون "جرائم الإنترنت"، تتراوح العقوبات بين غرامةٍ تبدأ من 20 ألف إلى 10 ملايين جنيه والسجن 3 أشهرٍ إلى سنتين.
"في دي أزعل!"
في مشهد التغيرات السياسية المُستمرة التي عاشتها مصر منذ عام 2011، بدت مواقع التواصل الاجتماعي كساحة حيوية في تناول القضايا السياسية والاجتماعية وحشد المُهتمين بها، على نحو دفع بهذه النقاشات إلى السطح، وسط معارك يومية جدلية بين مختلف أطرافها. في حين استخدمها آخرون كوسيلة للتعبير عن مجتمعاتهم المُهمَشة أو المساعدة في حصول قضايا على المزيد من الضوء، كما لعبت دوراً حيوياً في عمليات الإنقاذ وقت الكوارث الطبيعية. إلا أنه مع تنامي سيطرة الدولة على الصحف والقنوات التليفزيونية وسحق المعارضة في الآونة الأخيرة، غدت السوشيال ميديا متنفساً وحيداً للتعبير عن الرأي وتوجيه الانتقادات، التي ليس جميعها بالضرورة يتعلق بموضوعات سياسية، فقد يرتبط بعضها بانتقادات لقيود اجتماعية أو مواقف غير أخلاقية، مثل التحرش. وواجه عدة أشخاص الملاحقة نتيجة تدوينات كتبوها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يتوقع أن تزيد وتيرته مع دخول قانون "جرائم الإنترنت" حيز التنفيذ. "إحنا دخلونا في أمة ذات عوز، أمة الفقر، دخلونا فيها، ولما أجي أخرج بيكم منها يقولك هاشتاج ارحل يا سيسي، لما أجي أخرجكم من العوز، وأخليكم أمة ذات شأن تقولوا ارحل يا سيسي، أزعل ولا ما أزعلش، في دي أزعل". قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي على هامش مؤتمر الشباب بجامعة القاهرة في 28 يوليو الماضي. وفي الشهر ذاته صرح أن مصر واجهت خلال الثلاثة أشهر الماضية 21 ألف شائعة، مُعتبراً أن هدفها محاولة "تفجير" الدولة من الداخل عبر إثارة البلبلة ونشر الفوضى، وصناعة الإحباط وإشعار الشعب بفقدان الأمل. وفي 28 فبراير الماضي، وجه النائب العام نبيل صادق المحامين العامين ورؤساء النيابة بمتابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي واتخاذ إجراءات جنائية ضدها حال بثت "أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة". آنذاك، كانت المرة الأولى التي تستخدم النيابة العام مسمى "الأخبار الكاذبة". جاء ذلك في أعقاب انتقادات لاذعة وجهتها الحكومة لوسائل إعلام أجنبية بسبب طريقة تغطيتها للأحداث في مصر. يأتي هذا في وقتٍ ألغت ماليزيا قبل أيام ما يُعرف بقانون "الأخبار الزائفة"، الذي وُصف بأنه يشكل اعتداءً على حرية التعبير وتكميم للأفواه ومنح الحديث عن وقائع الفساد. وهو قانون أقرته حكومة رئيس الوزراء السابق، نجيب رزاق. وتصل عقوبته إلى 500 ألف رينجيت ماليزي، 122 ألف دولار أمريكي، والسجن لمدة تصل إلى 6 سنوات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون