شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"الله وحده أعلم إذا كان على قيد الحياة أم لا"... تقرير جديد عن سجون الإمارات السرية والتعذيب في اليمن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 12 يوليو 201807:16 م
اتهمت منظمة العفو الدولية الإمارات، بالتعاون مع قوات يمنية تعمل خارج نطاق سيطرة حكومة بلادها، بارتكاب انتهاكات صارخة بشكل ممنهج وبلا محاسبة، بما في ذلك ممارسات الإخفاء القسري والتعذيب وغيرهما من الانتهاكات الي يعتبرها التقرير "جرائم حرب". ويوثق التقرير الصادر في 12 يوليو بعنوان "الله وحده أعلم إذا كان على قيد الحياة" حالات اختفاء لعشرات الرجال قسراً عقب اعتقالهم واحتجازهم تعسفياً من قبل قوات إماراتية ويمنية غير رسمية، ويعرض لما يقول إنه تعرُّض الكثيرين منهم للتعذيب، ويبدي خشيته من أن بعض المعتقلين توفوا في الحجز تحت التعذيب. ويتهم التقرير الإمارات بأنها قامت منذ دخولها كطرف في النزاع اليمني، في مارس 2015، بتشكيل قوات أمن محلية، وبتدريبها وتجهيزها وتمويلها، وببناء تحالفات مع مسؤولين في القوات الأمنية اليمنية، متجاوزة قياداتهم في الحكومة. وعرض التقرير تفاصيل حالة 51 رجلاً احتُجزوا على أيدي تلك القوات خلال الفترة ما بين شهر مارس 2016 ومايو 2018، في محافظات عدن ولحج وأبيَن وحضرموت وشبوه.

رحلة البحث عن معلومات عن المخفيين قسراً

أجرت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً لها مقابلات مع 75 شخصاً بينهم محتجزون سابقون، وأقارب مفقودين، وناشطون، ومسؤولون في الحكومة. وتحدث أفراد عائلات المحتجزين للمنظمة عن سعيهم الدائم للحصول على معلومات بشأن أقاربهم. وقامت أمهات المخفيين وزوجاتهم وشقيقاتهم بتنظيم احتجاجات طوال السنتين الماضيتين، والتردد على الإدارات الحكومية والنيابة العامة، والأجهزة الأمنية، والسجون، وقواعد قوات التحالف، ومختلف الهيئات المعنية بتلقي الشكاوى في مجال حقوق الإنسان، لكن من دون فائدة. وحكت شقيقة رجل، في منتصف الأربعينيات من العمر، كان قد اعتُقل في عدن أواخر عام 2016 للمنظمة أنها وعائلتها لا يعلمون أي شيء عن مكان تواجده، مضيفة: "الله وحده أعلم إذا كان على قيد الحياة أم لا، لقد توفي الوالد حزناً الشهر الماضي، ورحل دون أن يعلم مكان تواجد ابنه". وأخبرت السيدة المنظمة أن هدفهم هو محاكمة عادلة لشقيقها، أو كما قالت نصاً: "إذا كان قد ارتكب أمراً خاطئاً، أفلا توجد محاكم كي تحاكمه ومَن هم على شاكلته؟ فليقوموا بمحاكمتهم على الأقل، وليسمحوا لنا بزيارته، وإلا فما داعي وجود المحاكم إذاً؟". كما تحدثت عائلات أخرى عن علمها بوفاة أقارب لهم في الحجز، من بعض الأشخاص. على سبيل المثال، قالت شقيقة محتجز أخفي قسراً عقب اعتقاله في سبتمبر 2016، وتردد أنه توفي في الحجز: "ليتهم يؤكدون لنا أن شقيقي على قيد الحياة، وليتهم يسمحون لنا برؤيته، فذلك كل ما نريده، ولكن ما من أحد يؤكد أو ينفي ذلك، إن والدتي تموت في اليوم مئة مرة".

تعذيب بعض المحتجزين حتى الموت

يشير التقرير إلى أن التعذيب الذي يجري في سجون سرية يتم بشكل أقرب لكونه "ممنهجاً"، إذ يتم على نطاق واسع في مرافق الاحتجاز اليمنية والإماراتية. وسرد محتجزون سابقون وحاليون وأفراد عائلات محتجزين تفاصيل الانتهاكات التي تعرّضوا لها، ومنها الضرب بأشكال مختلفة، واستخدام الصعق بالكهرباء، والعنف الجنسي. كما تحدث أحدهم عن مشاهدته نقل جثة أحد زملائه المحتجزين في كيس عقب تعرضه للتعذيب بشكل متكرر. وروى أحد المحتجزين السابقين أن جنوداً إماراتيين في قاعدة التحالف بعدن أدخلوا جسماً صلباً في شرجه حتى أُصيب بنزيف، مضيفاً أنه احتُجز في حفرة ورأسه فقط أعلى من مستوى الأرض، وأُجبر على قضاء حاجته وهو في تلك الوضعية. كما وثقت المنظمة حالة رجل اعتُقل من منزله على أيدي قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتياً، قبل أن يُلقى في ما بعد بجوار منزل عائلته، وهو في حالة حرجة، وقد بدت عليه آثار تعذيب واضحة، وسرعان ما توفي عقب نقله إلى المستشفى.
روى أحد المحتجزين السابقين أن جنوداً إماراتيين في قاعدة التحالف بعدن أدخلوا جسماً صلباً في شرجه حتى أُصيب بنزيف، وأنه احتُجز في حفرة ورأسه فقط أعلى من مستوى الأرض، وأُجبر على قضاء حاجته وهو في تلك الوضعية
تقرير حقوقي جديد يوثّق حالات إخفاء عشرات الرجال قسراً عقب اعتقالهم واحتجازهم تعسفياً من قبل قوات إماراتية ويمنية غير رسمية، ويعرض لما يقول إنه تعرُّض الكثيرين منهم للتعذيب
وتقول الإمارات إنها تسعى إلى محاربة الإرهاب في اليمن، لكن أصواتاً عدة تؤكد أن الكثير من الاعتقالات التي تتم بدعم إماراتي تستند إلى شبهات لا أساس لها، وتعتمد على تصفية حسابات وعمليات انتقام شخصية. وأبرز مَن يتم اعتقالهم هم منتقدون للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، بالإضافة إلى ناشطين، وصحافيين، وأنصار وأعضاء "حزب الإصلاح" الذي يُعَدّ فرعاً لجماعة "الإخوان المسلمين" في اليمن. كما يتم استهداف أقارب مَن يشتبه بكونهم من عناصر تنظيمي القاعدة، والدولة الإسلامية، وبعض الأشخاص الذين ساعدوا قوات التحالف في قتال الحوثيين في السابق، قبل أن يُنظر إليهم حالياً على أنهم مصدر تهديد. ووصف شهود للمنظمة طريقة اقتياد المحتجزين من أماكن عملهم أو من الشارع، قائلين إنهم كانوا يتعرضون أحياناً للضرب المبرح إلى درجة كانت تفقدهم الوعي، كما قُبض على آخرين في مداهمات لمنازلهم نفّذتها في وقت متأخر من الليل مجموعات من عناصر قوات الأمن المقنعين والمدججين بالسلاح والذين أصبحوا يُعرفون باسم "الملثمين". وشجبت حكومة الإمارات الاتهامات الواردة في التقرير في بيان قالت فيه إن السجون اليمنية "تخضع بالكامل" للسلطات اليمنية، واتهمته بأنه "يستند إلى دوافع سياسية هدفها تقويض جهود الإمارات التي تقوم بها في إطار التحالف العربي والرامية إلى دعم الحكومة اليمنية الشرعية". وفي شهر مارس الماضي قالت منظمة العفو الدولية في تقرير آخر لها إن إمدادات الأسلحة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن تُحدث آثاراً مدمرة على حياة المدنيين، وإن جميع أطراف النزاع في اليمن تسببت بشكل أو بآخر بمعاناة رهيبة للسكان المدنيين. وأظهر التقرير أن المدارس والمستشفيات تحوّلت إلى أنقاض، وآلاف الأشخاص أُزهقت أرواحهم، وملايين الأشخاص نزحوا عن ديارهم، وباتوا بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية.

بداية الحديث عن السجون السرية

في يونيو من العام الماضي، كشف تحقيق لوكالة أسوشييتد برس عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها قوات إماراتية ويمنية، يتم تعذيب معتقلين داخلها. وبحسب ما عرضته الوكالة في تفاصيل التحقيق، شهدت هذه السجون حالات تعذيب وحشية، وصلت إلى حد "شواء" سجناء على النار. وأظهر التحقيق أيضاً أن بعض المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية تحدثوا عن أن واشنطن شاركت في استجواب محتجزين في هذه المعتقلات السرية، وحصلت على ملفات التحقيق بالفيديو والصور من حلفائها الإماراتيين. كما أوضح أن هذه السجون التي لا يقل عددها عن 18 سجناً سرياً في جنوب اليمن، توجد داخل قواعد عسكرية ومطارات وموانئ يمنية، بل حتى في مبانٍ سكنية. ونقلت الوكالة عن سجناء سابقين في مركز احتجاز رئيسي، في مطار ريان في مدينة المكلا الجنوبية، قولهم إنهم كانوا محاصرين في حاويات شحن ملطخة بالبراز، وظلوا معصوبي الأعين لأسابيع، وأضافوا أنهم تعرضوا للضرب و"الشواء" والاعتداء الجنسي. لكن الإمارات نفت اتهامها بأنها تدير سجوناً سرية في جنوب اليمن. وأصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بياناً قالت فيه إن "ما ورد في التقرير عارٍ تماماً عن الصحة، ولا يعدو كونه مزايدات سياسية تسعى من خلالها المليشيات الانقلابية وأطراف متضررة من جهود التحالف العربي الرامية إلى محاربة التنظيمات الإرهابية إلى تشويه سمعة التحالف الذي تدخّل أصلاً في اليمن من أجل إنقاذ الشعب اليمني". وأضاف البيان أن الإمارات "لا تقوم بإدارة أو الإشراف على أي سجون في اليمن،" مشيرة إلى أن ذلك الأمر "من اختصاص السلطات الشرعية اليمنية، فيما تقوم قوات التحالف بتوفير التدريب اللازم للكوادر اليمنية وفقاً لأفضل الممارسات القانونية". وفي 20 يونيو الماضي، نشرت أسوشييتد برس أيضاً تقريراً نسبت معلوماته إلى سجناء سابقين اعتُقلوا في سجن يمني يخضع لسيطرة الإمارات، وقالوا فيه إنهم تعرّضوا لعمليات تعذيب وإن المحققين استخدموا ضدهم العنف الجنسي لانتزاع اعترافات منهم. وعرضت الوكالة رسوماً صادمة تصوّر كيفية تعرّض السجناء للتعذيب في سجن بير أحمد في مدينة عدن الجنوبية الذي تديره الإمارات. وفي الثامن من يوليو الجاري، نفى نائب وزير الداخلية اليمني اللواء علي ناصر لخشع، وجود أية سجون سرية تدار من قبل الإمارات في عدن أو المكلا بجنوب اليمن. وأكد خلال زيارته لأحد سجون عدن أن "لا صحة لما روّجت له بعض وسائل الإعلام عن وجود سجون سرية، مضيفاً أن السجون تتبع وزارة الداخلية اليمنية فقط عبر مصلحة السجون، وأن أي دور لدول التحالف لا يتعدى الدعم المالي، على حد تعبيره.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image