شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الزينبيات... كتيبة الحوثيين النسائية المسلحة

الزينبيات... كتيبة الحوثيين النسائية المسلحة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 16 يونيو 201804:41 م

تفاجأت الطالبة أحلام بدخول مجموعة من النساء المسلحات إلى حفل التخرج الذي أقامته مدرستها الواقعة في العاصمة اليمنية صنعاء، قبل بضعة أسابيع... طلبن إيقاف الحفل وهددن الطالبات بالسجن إنْ لم يغادرن القاعة ويوقفن الأغاني. تقول أحلام لرصيف22 إنها وزميلاتها شعرن بالرعب بسبب هذا الهجوم الذي كانت في مقدمته نساء يحملن شعارات الحوثيين. وروت أن إحدى زميلاتها أغمي عليها، فيما غادرت هي وكثيرات من الطالبات الحفل. هؤلاء النساء المقتحمات ينتمين إلى كتيبة الزينبيات الحوثية، واقتحمن الحفل بحجة أن البلاد في حالة حداد عام على مقتل رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لحركة "أنصار الله" (الحوثيين) صالح الصماد، والذي أعلن الحوثيون مقتله في غارة شنتها طائرات التحالف الذي تقوده السعودية على مدينة الحديدة غرب اليمن، في 23 أبريل الماضي. ورفضت العديد من الطالبات والمدرّسات مغادرة الحفل. وتروي أحلام أنه تم اعتقال زميلة لها رفضت إلغاء الحفل وجرى نقلها إلى مكان مجهول.

من هنّ الزينبيات؟

الزينبيات هنّ مجموعة من النساء المنضمات إلى فرقة شكّلها الحوثيون بدايةً بغية القيام بفض الاعتصامات والتظاهرات. ووفقاً لمجموعة من النساء اللواتي تحدثن لرصيف22 واللواتي تعرّضن للاعتداء على يد هذه الفرقة، فإن الزينبيات هن نساء من عوائل هاشمية تدين بالولاء المطلق للحوثيين، وجندهن الحوثيون منذ عام 2015 لردع أية تحركات نسائية معارضة لهم ولتفتيش المنازل واقتحامها، حين لا تجيز الأعراف تدخّل الرجال. وكان القيادي المنشق عن جماعة الحوثيين علي البخيتي قد تعرّض لأول اعتداء من حوثيات في 19 أكتوبر 2015، أثناء وقفة احتجاجية شارك فيها للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سجون الجماعة. وتعرّض البخيتي، وفقاً لكلامه، للاعتداء من قبل نساء بالعصي والحجارة، ما تسبب بإصابته إصابات بالغة في رأسه ومفاصله. ويتحدث الناشط في مجال حقوق الإنسان وليد الحيمي لرصيف22 عن أن الزينبيات "هو لفظ ولقب يطلق على النساء اللواتي يعملن في الجانب الأمني بصورة غير رسمية، ومعروف انتماؤهن لجماعة الحوثي وينفّذن توجيهات الحوثيين على أساس التبعية الطائفية". ويضيف أن "هذه التسميه انتشرت منذ سيطرة جماعه الحوثي على مقاليد الحكم في أواخر عام 2014، وتم حينها استخدام هؤلاء النسوة لقمع أية تحركات نسائية مناوئة لانقلاب الحوثيين على الشرعية أو رافضة لتصرفاتهم التي كان يصعب على قوات الحوثي مواجهتها أو قمعها، مثل الاعتماد عليهنّ لفض أية احتجاجات أو اعتصامات نسائية". ويتابع الحيمي أن الحوثيين، عبر الزينبيات، نجحوا في "تكميم الأفواه وإيصال رساله ترهيب للمجتمع مفادها أنهم لن يسلموا لا هم ولا أسرهم من الاعتقال أو اقتحام منازلهم وتفتيشها واعتقال أي شخص حتى لو كانت امرأة أو طالبة، عند مخالفة توجيهاتهم". ويشرح أن الاعتماد على الزينبيات "يدفع عن الحوثيين أي حرج أو لوم عند اقتحام المنازل واعتقال النساء في التظاهرات والاحتجاجات، ويحول دون أن يقف أحدهم في وجههم ويتهمهم بخرق العادات والتقاليد المجتمعية التي لا تجيز اعتداء الرجال على النساء".

ارتفاع نسبة الانتهاكات

خلال الفترة الأخيرة، لوحظ ارتفاع نسبة الانتهاكات التي تمارسها الزينبيات بحق نساء يمنيات، خاصة أمهات المعتقلين والجرحى والمخفيين. وتعرّضت في الآونة الأخيرة طالبات مدارس وناشطات في المجتمع المدني لأشكال مختلفة من الانتهاكات والتجاوزات التي تراوحت بين الضرب والشتم والاحتجاز دون أي مسوغ قانوني.
وصلت مجموعة سيارات محملة بنساء يحملن العصي وبعضهن يحملن أسلحه آليه. بدأن بالاعتداء على متظاهرات يمنيات بالضرب المباشر وأطلقن الرصاص في الهواء لتفريقهن... عن كتيبة الزينبيات الحوثية
يخضعن لدورات نفسية ولدورات قتالية على يد خبراء محليين وخارجيين ويتدرّبن على مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وعلى كيفية السيطرة على الشارع في حال اندلاع تظاهرات... كتيبة الزينبيات الحوثية
وتنسب معلومات منظمة حقوقية إلى هذه الكتيبة النسائية قيامها بأكثر من 71 اعتداء، في مقدمتها الضرب، بعد ديسمبر 2017. وأدى مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في الثالث من ديسمبر 2017 إلى ظهور لافت للكتيبة النسائية الحوثية، فقد قامت بأكثر من عملية قمع كانت بدايتها قمع تظاهرة نسائية نظمتها مجموعة من القيادات النسائية التابعة لحزب المؤتمر الشعبي العام في جامع الصالح بصنعاء للمطالبة بتسلّم جثمان صالح ودفنه، إذ جرى الاعتداء على المشاركات بالضرب واعتُقل عدد منهنّ. وفاء عبد الله، 31 عاماً، هي إحدى هؤلاء النساء اللواتي تعرضن للضرب. تروي لرصيف22 أنها ومجموعة من النساء قمن بالتجمع صباح يوم الخامس من ديسمبر للمطالبة بتسلم جثمان صالح ودفنه في جامع الصالح بالعاصمة صنعاء. وتضيف أنها لم تفكر، لا هي ولا زميلاتها، بأنه سيأتي اليوم الذي يتم فيه الاعتداء على النساء بكل وحشية وأنها كانت تشارك في العديد الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية في عهد صالح وحتى في عهد الرئيس عبد ربه منصور هادي دون أن يعترض أحد لأي اعتداء. تواصل وفاء روايتها عن الاعتداء عليهنّ وتقول إنه مع بداية الوقفة أتت مجموعة من السيارات المحملة بنساء يحملن العصي وبعضهن يحملن أسلحه آليه وبدأن بالاعتداء على المتظاهرات بالضرب المباشر وأطلقن الرصاص في الهواء لتفريقهن، وأثناء هروب مجموعة منهن تمت ملاحقتهن خارج الجامع وداخله واعتُقلت عدة نساء. كانت وفاء من بين المعتقلات وتؤكد أنها تعرضت لمعاملة سيئة ليس فقط من النساء بل من الرجال أيضاً، قبل أن تتدخل قيادات قبلية للإفراج عنهن. وتضيف أنها شعرت بشعور لم تشعر به من قبل. "يكفي أن يتم الاعتداء على نساء كثقافة جديدة لا تحترم أبداً عادات المجتمع اليمني التي صمدت على مر عقود طويلة"، تقول. لم تكن هذه المواجهة الوحيدة التي دارت بين الزينبيات وبين يمنيات. ففي 21 مارس 2018، دارت مواجهة أخرى أمام منزل صالح، حين تجمعت مجموعة من الرجال والنساء في ذكرى ميلاده للمطالبة بدفنه، وكانت في مقدمة هؤلاء النساء القيادية البارزة فائقة السيد، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، والتي تعرضت للضرب المباشر وتم نقلها إلى المستشفى.

ابتهال عبد الرحمن كانت من أوائل النساء اللواتي وصلن إلى منزل صالح في ذلك اليوم. تقول لرصيف22 إنها تفاجأت عند وصولها باكراً إلى المنقطة بتواجد عشرات النساء اللواتي يحملن العصي والحجارة ومن خلفهن مجموعة من الرجال المسلحين. ومع بداية توافد العشرات من الرجال والنساء إلى المنطقة، بدأت الزينبيات بالهجوم على الجميع رجالاً ونساءً دون تردد أو حياء أو خوف، بحسب ابتهال التي تضيف أنها كانت تحمل باقة ورد في يدها لتضعها على بوابة منزل صالح إلا أن النساء اللواتي هجمن عليها قمن بدوس الورود تحت أقدامهن قبل أن يتهجمن عليها بالشتم بعبارات قاسية ويقمن بضربها بالعصي بشكل مباشر وموجع. ظلت ابتهال تتعالج في منزلها من الضرب لأكثر من أسبوعين. عمد الحوثيون على مدى عامين إلى استعراض الكتيبة النسائية في عروض ضخمة فظهرن وهنّ يحملن السلاح المتوسط والخفيف، وظلت القيادات الحوثية تتفاخر بهذه الكتيبة التي تدّعي أنها ستقاتل "العدو السعودي" ولن تبخل بنسائها كما لم يبخل الحوثيون برجالهم، إلا أن الأحداث الأخيرة أظهرت أن مهمة هذه الكتيبة هي مواجهة المعترضين على سياسات الحوثيين في الداخل. تخضع الزينبيات لدورات نفسية ولدورات قتالية على يد خبراء محليين وخارجيين ويتدرّبن على مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وعلى كيفية السيطرة على الشارع في حال اندلاع تظاهرات. ويروي المحامي والناشط توفيق الحميدي لرصيف22 أن هناك شروطاً صارمة لقبول أية فتاة في فرقة الزينبيات، "في مقدمتها أن تكون على إيمان ويقين كامل بفكر الجماعة وهذا الشرط لا ينطبق إلا على الهاشميات". ويضيف أن تجنيد الحوثيين للنساء للقيام بمهام أمنية وتجسسيه في الآونة الأخيرة يشكل تطوراً خطيراً في الصراع الدائر في اليمن.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image